

محمد قبيصي
الحملة الفرنسية على الجمالية
لا أنكر أن المشاعر الإيجابية تتملكني الآن بعد الزيارة الإنسانية السياسية الدبلوماسية الترفيهية السياحية الثقافية التنويرية للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لمصر الأسبوع الماضي على هامش أحداث القضية الفلسطينية وأزمات الشرق الأوسط التي لا تريد أن تنتهي فالرجل أعاد لأذهاننا مكانة ودور فرنسا المحفور في قلب كل مصري ومصرية.
أقول لكم وبوضوح إن فرنسا بما فعلته وتفعله معنا قديمًا وحديثا هي صديق مقرب ومحبوب لمصر والمصريين والعكس صحيح، استنادا لدور مصر المتوازن والمحوري في إمكانية حل قضايا الشرق الأوسط وسمعه مصر التاريخية في معاهدات السلام والاعتدال تجاه ما يدور حولنا بالمنطقة.
سعدت النفوس واطمأنت القلوب بتجول الزعيم الفرنسي الوسيم إيمانويل ماكرون بصحبة الزعيم والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في جنبات الجمالية الشعبية التاريخية، فما حدث أمام الكاميرات هو امتداد لشعاع الثقافة الفرنسية وما تبقى منها في مصر فكلنا نعشق اللغه الفرنسية وأدبياتها ولنا ذكريات مع ذكريات التواجد الفرنسي في مصر أيام الزمن البعيد.
فرنسا الآن تريد من القاهرة بشكل عاجل أن تفتح لها قلوب الدول العربية لفهم دور فرنسا وقدرتها في الوقوف بجانب العرب خلال رحلتهم ومشوارهم وكفاحهم للتقدم والازدهار والرفاهية وباريس عاصمة كانت ولا تزال أمينة على أحلامنا في العيش سويا كأصحاب حضارات مشرفة ومستقبل مبهر.
من على ضفاف المتوسط الكبير قررت أن أكتب وأقول إن الأيام المقبلة سوف تشهد حالة من التلاحم الفكري والثقافي بين شعوب الضفتين وسوف يتوج ذلك باتفاقيات سياسية واقتصادية وعسكرية للم الشمل بين الناطقين بالعربية والفرنسية فالجار أولى بالشفاعة.
اقتصادياً.. يجب أن تفسحوا المجال قليلاً يرحمكم الله أمام شعوب فرنسا للعمل والاستثمار في مصر واثقين بلا خوف في جديتهم وإخلاصهم فهم ساهموا معنا في البناء ولا يزالون فمصر حصلت منذ عام 74 إلى 2008 على ما يقارب من 27 مليار فرنك فرنسي و755 مليون يورو في شكل بروتوكولات لدعم التنمية الاقتصادية في مصر وتمويل مجالات كالنقل والصناعة والكهرباء والطيران والإسكان وهم أهل سرعة ونهوض وكلمتهم سيف، كما شاهدنا الرئيس الفرنسي في المترو وحديثه المشوق مع الرئيس عبد الفتاح السيسي.
عسكرياً.. تعلم باريس علم اليقين قوة وصلابة ورباط أبناء مدرسة العسكرية المصرية ومقاتليها الأبطال وأن الجيش المصري أبدا لم يكن جيشا معتديا أو ظالما بل متزنا ومرابطا للدفاع عن أرض مصر وترابها الغالي لذلك قدمت فرنسا لمصر بكل أريحية مقاتلات الرافال الجوية المشرفة ودفعت بفرقاطة إلى مياه مصر الطاهرة ومعها أربع طرادات وناقلتي مروحيات ميتسترال لأن مصر بلد شريف يمثل قلب العروبة لذلك لا بد دائما أن يكون جاهزا ومستعدا ومطمئنا.
إن قلوب وعيون سكان فرنسا والقاهرة كانت تشاهد وتتأمل مشهد الأمن والأمان خلال زيارة الزعيمين لجرحى الإخوة الفلسطينيين في مستشفيات مدينة العريش المصرية بسيناء وهي رسالة بالغة الأهمية ودامغة لكل رعاة الإرهاب حول العالم بأن مصر انتصرت على الإرهاب وتحقق السيادة مع كل صباح على ممتلكاتها وأراضيها وهي قبلة ووجهة للسائحين والزائرين، وستظل كذلك بعون الله وإخلاص أبنائها وننتظر تشريفكم في افتتاح المتحف المصري الكبير سيادة الرئيس الفرنسي الحبيب.
هذه المرة غير كل مرة فما قام به الفرنسيون في حي الجمالية هو تمهيد صريح وواضح لإنشاء جسر ثقافي بين البلدين بهدف تنامي الود والتقارب بين الثقافتين ودعوة جديدة للم الشمل للوقوف سويا ضد قوى التعصب والتطرف والظلام فنعم بكل قوة لهذه الحملة الفرنسية التنويرية التي انطلقت هذه المرة من أعرق أحياء مصر التاريخية.