عاجل
الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

حكاية السلطان الإريتري أحمد جران الذي قهر ملوك الحبشة

د. إسماعيل حامد اسماعيل
د. إسماعيل حامد اسماعيل

اشتهر هذا السلطان الزيلعي (نسبة لبلاد الزيلع في شرق إفريقيا) الُمسلم باسم "أحمد جران"، كما عرف أيضًا- حسب بعض الروايات- باسم "أحمد جراني" كما هو ذائع، وهو يعتبر من أبرز السلاطين والقادة المسلمين في تاريخ "بلاد الزيلع"، خاصة في "مملكة أوفات" على وجه التحديد، وهو الذي استطاع إيقاف عدوان ملوك الحبشة على المسلمين في بلاد الزيلع، بل وتمكن من السيطرة على معظم أراضي بلاد الحبشة، ويحدد البعض مدة ارتقاء السلطان أحمد جراني (جران) في سنة 1530/ 1531م. 



 

وحكام بلاد الحبشة منذ أيام الملك "يكونو أملاك" كانوا كثيرًا ما يعتدون على المسلمين في بلاد الزيلع، وقد دامت الحروب بينهم مدة ثلاثة قرون، واشتدت الحرب أيام الملك لبني دنقل وابنه، وعانى المسلمون آنذاك شدة عظيمة وضعفت دولتهم التي جعلوا قاعدتها مدينة "هرر" في سنة 926هـ. 

 

 

وكادت تنهار دولة المسلمين في بلاد الزيلع لولا الدور العظيم الذي قام به القائد الشاب أحمد بن إبراهيم (جران)، فهو الذي تمكن من جمع كلمة المسلمين تحت راية واحدة في ذلك الوقت ثم تولى أمرهم، وقد لقبه المسلمون في "بلاد الزيلع" بلقب "الإمام"، وكذلك تلقب الشيخ "أحمد جران" (جراني) باسم "صاحب الفتح" بفضل انتصاراته وفتوحاته الكبيرة التي قام بها على ملوك الحبشة، حتى صارت أكثر أراضي هذه البلاد في وقت من الأوقات تحت سيطرته، وتذكر المصادر التاريخية أن الإمام "أحمد جران" كان قد تمكن من غزو بلاد الحبشة. 

 

 

وقد سماه "الأحباش" أنفسهم باسم "جران" أو "جراني" Gragn، وهو اسم يعني الأعسر لأنه كان يحمل بقوة على بلاد الحبشة، وعن سيطرة السلطان أحمد (جراني) على بلاد الحبشة يذكر المؤرخ "ساهيد أديجوموبي" أنه في سنة 1530-1531 قام الزعيم المسلم "أحمد جران" بغزو أراضي بلاد الحبشة، وأنه استطاع السيطرة على معظم أراضيها"، وكان ذلك أمرًا لافتًا، وكان تحولًا كبيرًا في مسار العلاقة بين الطرفين. 

 

 

ويشير بعض المؤرخين إلى أنه كان مما ساعد القائد المسلم أحمد جراني في حروبه العادلة، والتي أُجبر على خوضها بهدف إيقاف اعتداءات الملوك الأحباش على أراضي بلاده، وجود الجنود الأتراك بالقرب من بلاده، حيث كان هؤلاء الأتراك موجودين في منطقة جدة، وكذلك كان لهم وجود على سواحل بلاد اليمن المقابلة لبلاد الزيلع.

 

 

وتوغل الإمام أحمد جراني في أراضي بلاد الحبشة، خاصة في الأقاليم الشمالية من إقليم تيجري الحبشي، وعلى أي حال فقد بلغت حروبه ضد الأحباش أقصى درجات القوة والحماسة بفضل حماسة وجرأة السلطان أحمد (جراني)، ولولا مساعدة جيوش البرتغاليين لملوك الحبشة، لسقطت بلادهم تمامًا في أيدي مسلمي بلاد الزيلع.

 

 

ورغم وراثة الحكم في بلاد الزيلع فإن اختيار السلطان كان من الأمور التي يجرى التشاور بها، وكان لا بد من موافقة الأمراء وقادة الجيش وكذلك العلماء على تعيين السلطان الجديد، وتجلت مظاهر الشورى في الحكم الإسلامي في "بلاد الزيلع" من خلال وجود مجالس الأمراء والسلاطين في "مملكة أوفات"، فكان السلطان يعقد مجلسه تحت شعائر وترتيبات تراعي أن يستشير الشعب في الأمور المهمة، ومنها إرسال الجيوش، وعقد المعاهدات، وإرسال السفراء إلى الممالك المجاورة، أو تلك التي كانت تجمعهم بهذه المملكة علاقات، وغير ذلك من الأمور المهمة الأخرى التي تعتبر حيوية لأية مملكة. 

 

 

وعلى أي حال فقد كان على كل شخص يحضر مجالس الشورى للسلاطين في "مملكة أوفات" أن يبدي رأيه بوضوح في تلك الأمور الحاسمة التي كانت تهم مملكتهم.

 

أستاذ جامعي وباحث في التاريخ الإفريقي  

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز