عاجل
السبت 9 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي

حكاية شعب التنجور بإقليم دارفور

حكاية شعب التنجور هي إحدى الحكايات الغامضة للشعوب الإفريقية، وهو شعب خلف "الداجو" في حكم دارفور في القرن الثالث عشر الميلادي تقريبًا، وقد اختلفت الآراء حول أصله، فمنهم من نسب شعب التنجور لعرب بني هلال، الذين هاجروا من دنقلة إلى دارفور، ومنهم من أرجع أصله إلى "التيبو" الذين كانوا يعيشون في هضبة تيبستي شمال بحيرة تشاد.



 

وحملت المؤسسات والنظم- التي أقامها "التنجور" في دارفور- طابع البربر الوثنيين، وعندما وصل الإسلام أراد رجال التنجور أن ينسبوا أصولهم إلى إحدى القبائل العربية، فجاء نسبهم إلى بني هلال، خاصة بعد أن وصلتهم القصص عن البطل الهلالي أبو زيد ومغامراته في تونس الخضراء.

 

وهناك قول يرى أن التنجور عندما قدموا إلى دارفور كانوا وثنيين، وهذا اتخذ دليلًا على أن أصلهم يرجع إلى التيبو، الذين كانوا يعيشون في هضبة تيبستي.

 

وهناك من يرى أن وجود التنجور في دارفور ما هو إلا نتيجة طبيعية لاتصال دارفور ببلاد المغرب، عن طريق المسالك الصحراوية الإفريقية.

 

ومن يرجع أصل التنجور إلى بني هلال العربية يرى أن زعيمهم يطلق عليه "سلطان"، وهي في الأساس كلمة عربية، وأيضًا لغتهم هي العربية، وحتى وشم القبيلة "الهلال"، الذي هو في الأساس وشم العباسيين.

 

وقد استقر التنجور في المناطق الشمالية والوسطى بغرب دارفور، وارتبطوا بعلاقات مصاهرة مع مملكة الداجو، وتمكنوا في النهاية من السيطرة على الطرق التجارية التي كانت تسيطر عليها قبيلة الداجو.

 

وفي عهد أشهر ملوكهم "رفاعة"، والد شاور دورشيد تم توسيع مملكتهم إلى السهول الشرقية لدارفور.

 

ولقد تزامن مع قيام مملكة التنجور تدفق كثير من اللهجات العربية إلى دارفور، ما يعنى أن الإسلام وجد أرضًا خصبة للانتشار، وهو ما حدث بالفعل في الكثير من الأراضي داخل دارفور، ولقد اعتنقه بعض حكام التنجور، وبرز في مملكتهم العديد من العلماء والفقهاء.

 

أما عن أشهر حكام التنجور فهو السلطان أحمد شاور دورشيد، الذي اهتم ببناء المساجد والعمران وشيد القصور الملكية من الطوب الأحمر، وتولى الحكم بعد أخيه إبراهيم المشهور بـ"دالي"، وهو الذي وضع قانونا جنائيا بناء على أحكام الشريعة الإسلامية عرف بـ"قانون دالي".

 

 

 

 

ومن الواضح أن التنجور كانوا يعتمدون- بشكل كبير- في اقتصادهم على التجارة، وكانت عاصمتهم مدينة أورى من المدن المزدهرة.

 

وقد استطاعت حكومة التنجور أن تقيم علاقات اقتصادية مع العثمانيين، وكان تجار القاهرة يمدونهم بالسلاح مقابل الحصول على الذهب.

 

ومن دلائل التفوق التجاري سيطرة حكومة التنجور على الطرق التجارية لمملكة الداجو.

 

وقد اهتم حكام التنجور بالمراكز التجارية، وعرف عنهم أنهم أقرب إلى "الفور" من أي قبيلة أخرى، ولعل هذا التقارب سببه سياسة التنجور التي كانت تعتمد على سياسة المصاهرة مع القبائل الأخرى كوسيلة لدعم وتركز حكمهم.

 

وكان أيضا لملوك التنجور خدمات توسعية، وفي أقل من قرن من بداية حكمهم بدءوا فعليًا في التوسع غربًا جهة وادي تشاد، وكانت لتلك التحركات أثر في ضعف قبضتهم على الأجزاء الشرقية من أملاكهم، ما أدى إلى اضمحلالها تدريجيًا.

 

ولقد استغل حكام الفور "الكيرا" ضعف المملكة ونزاعاتها مع القبائل المجاورة، وقاموا بالاستيلاء على قلاع التنجور وبسطوا نفوذهم على المملكة.

 

 

باحث دكتوراه – كلية الدراسات الإفريقية العليا – جامعة القاهرة

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز