عاجل
الأربعاء 4 ديسمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي
الجنون فنون والفنون جنون!

الجنون فنون والفنون جنون!

"الفنون جنون”، نسمعها، تتغرغر فيها الحناجر، نستسهل قولها، ورميها على آذان الناس، للهزل، أو النعت الشائن، أو التندر غير المستملح، ولا نقف لحظة واحدة، للتفكير بهاتين الكلمتين، وقد شغلتا المشتغلين في دراسة النفس البشرية.



 

وإذا كانت قواميس اللغة، من “لاروس” الفرنسي إلى “أوكسفورد” البريطاني، ومراجع علم “الألسنية”، تُجمع كلها على تفسير تعبير “الجنون فنون”، إنه يقال لمن يخلط بين أشياء لا رابط لها، فإن علم النفس يذهب أبعد، فيعتبرها الدالة على “العبقرية” أو “النبوغ”، كما يسميه العالم النفساني الأميركي لويس ماديسون، وهو موقف بين العقل   والجنون، يولد القدرة على الإبداع، فكرا، ونظما، ونثرا و... فنا.

 

لذلك، فإن الفنانين الذين اقترنوا في أذهان العوام والمثقفين، على حد سواء، بالجنون، والبوهيمية، والفوضى، والتشتت، والشرود، والمزاجية، هو انطباع يصح، ليس على الفنانين فقط، إنما ينسحب على المفكرين والأدباء.

 

إلا أن الفن المرئي، مثل الرسم التشكيلي والنحت، يتضمن مسًا من الجنون، أو النبوغ الخلاق المبدع، واضح للعيان وملموس.

 

(91 سنة)، شاهدة على هذا القول، فهي اختارت سنة 1997 المكوث في مصحة Yayoi Kusama يايوى كوساما للأمراض العقلية، بملء إرادتها ووعيها الكامل، وهي التي أبدعت فنًا على القماش ممسوس بنبوغ الخلق والجمال، أقامت نيف ومائة معرض، زوراها زادوا على مليوني معجب ودارس لإبداعها، وتمدد نبوغها إلى الأدب، فوضعت عشرات الأعمال الأدبية، وخطفها بريق الفن السابع، فأعطته من فنها وإبداعها الكثير الذي ما يزال يُحكى عنه. وتهافتت كبريات الشركات التجارية عليها، رسمت رموزها (لوجو)، وصممت العلب لمنتوجاتها.

 

سيلفادور دالي، الشاهد الآخر على النبوغ الخلاق، فهو من «التكعيبية»، إلى «الدادائية»، إلى «السيريالية»، يخلط الجنون بالعبقرية والنبوغ، ويبقى استثناء في فوضاه، في إبداعه، الذي هو ما فوق الواقعية، ففنه يتحلل من واقع الحياة الواعية، لوحاته في غير متحف، لما تزل تجذب ملايين الزوار.

 

لوحة "الكرم الأحمر"  لفان جوخ
لوحة "الكرم الأحمر" لفان جوخ

 

 

ومثله الهولندي، فينسنت فان كوخ، الذي انتمى إلى المدرسة ما بعد الانطباعية ثم التعبيرية، يعترف نقاد فنه، أن أجمل لوحاته «ليلة النجوم»، رسمها وهو في مستشفى الأمراض النفسانية. وبينما في حياته، لم يتمكن مقابل 400 فرنك سويسري بعملة هاتيك مقابل The Red Vinyard من بيع سوى لوحة واحدة، «الكرم الأحمر» بما يربو على 82 مليون دولار   Dr. Gachetالزمن، ففي 15 مايو 1990، تم بيع لوحة بورتريه الدكتور جاشيه وكان جبران خليل جبران، الشاعر والكاتب والرسام التشكيلي اللبناني، على صواب عندما قال: «نسج العنكبوت بين الجنون والعبقرية، خيطًا أرفع من نسيج العنكبوت». 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز