عاجل
الأحد 19 يناير 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
مختارات من الاصدارات
البنك الاهلي
«بلاها» جنائية دولية!

«بلاها» جنائية دولية!

بعد تصويت مجلس النواب الأمريكى على مشروع قرار بفرض عقوبات على أعضاء المحكمة الجنائية الدولية، تم هدم الإرادة العالمية فى تحقيق العدل بفعل فاعل، لتنفيذ مصالح وأهداف دول بعينها، لا ترغب فى سماع ما يخص العدالة فى شىء، ولا تعبأ حتى بميثاق منظمة الأمم المتحدة الذي يقنن المساواة بين الدول وحظر استخدام القوة بأى وسيلة من الوسائل التي لا تتسق مع أهداف تلك المنظمة، لمجرد أن المحكمة التي أنشئت بموجب اتفاق روما عام 1998 وترتبط قانونيا مع مجلس الأمن، أصدرت مذكرتى اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلى، بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع السابق، يوآف جالانت، بسبب الحملة الإسرائيلية فى قطاع غزة. التصويت جاء بأغلبية 243 صوتًا مقابل 140 تحت زعم ما يسمى (بقانون مكافحة المحكمة غير الشرعية)، الذي يقضى بفرض عقوبات على أى أجنبى يُحقق مع مواطنين أمريكيين أو مواطنين من دول حليفة غير أعضاء فى المحكمة، بما فى ذلك إسرائيل، أو يعتقلهم أو يحتجزهم أو يحاكمهم، تصويت يؤكد بما لا يدع أدنى مجال للشك عجز المنظمة الدولية وجل ما يتبعها من هيئات ومنظمات، نتج عنه تهميش دورها وجعلها أداةً فى يد الولايات المتحدة لفرض رؤيتها على العالم، طبقا لاختلاف المصالح والأهداف بين أعضائها، وهذا تحديدا ما وفر الغطاء الكامل لجميع جرائم الاحتلال الإسرائيلى التي ترتكب فى حق الشعب الفلسطينى الشقيق، ناسفا فى طريقه جل ما يمكن أن يقال عن السلم والأمن الدولى وحقوق الإنسان، والمسؤولية الدولية فى مواجهة الدولة التي ترتكب جرائم دولية، وهو ما ينطبق على حالة الاحتلال الإسرائيلى بامتياز، الذي ارتكب ويرتكب مختلف أنواع الجرائم الدولية المعروفة، من عدوان ترافق مع احتلال وضمّ، إلى انتهاك فجّ لاتفاقيات جنيف وقواعد لاهاى المنظمة لحالة الاحتلال الحربى، وصولًا إلى حدّ ارتكاب جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية، وجرائم إبادة بحق المواطنين الفلسطينيين فى الأراضى الفلسطينية المحتلة، لا سيما فى قطاع غزة، وهى الجرائم التي استند إليها مدعى عام المحكمة الجنائية الدولية، وقدم بشأنها العديد من المستندات والصور الحية والأدلة التي تثبتها وشاهدها وسمعها جميع سكان المعمورة، باستثناء الإدارة الأمريكية ومجلس نوابها سواء الحالى أو القادم، الذين لا يعترفون أصلا بالمحكمة وما يصدر عنها، على أساس كونها هيئة غير شرعية ولا شأن لها بالتدخل فى سيادتنا أو سيادة حلفائنا. ومن أجل هذا صوَّت أعضاء مجلس النواب الأمريكى على مشروع القانون الذي سيدخل حيز التنفيذ بعد 60 يوما من إقراره بمعاقبة أى شخص يتعامل أو يقدم معلومات إلى المحكمة، كما تشمل العقوبات حظر إجراء أى معاملات تتعلق بالممتلكات داخل الولايات المتحدة، بالإضافة إلى منع إصدار التأشيرات وإلغاء التأشيرات الممنوحة للأشخاص المستهدفين من أعضاء المحكمة ذاتها أو المتعاملين معها. ويهدف مشروع القانون أيضا إلى إلغاء أى تمويل خصصته الولايات المتحدة للمحكمة الجنائية الدولية ويحظر أى تمويل مستقبلى.



 

معايير مزدوجة فى التعامل مع قرارات المحكمة، رحَّب بها البعض حين تم إصدار مذكرة اعتقال للرئيس الروسى فلاديمير بوتين فى مارس 2023 بسبب حربه مع أوكرانيا، فى حين انتقدها البعض الآخر حينما صدرت مذكرة بنفس المعنى فى حق نتنياهو ووزير دفاعه، معايير تؤكد نظرية (التعامل على الكيف والمصلحة) التي تنتهجها الإدارة الأمريكية لحماية حليفتها العظمى إسرائيل. لهذا تعد مذكرة الاعتقال (مشينة) من وجهة النظر الأمريكية، كما وصفها الرئيس غير المأسوف عليه (بايدن)، الذي أكد أن واشنطن ستقف دائمًا إلى جانب إسرائيل وضد التهديدات الموجهة لأمنها، وهذا ما جعل المدعى العام للمحكمة (كريم خان) يصرح بأن زعيمًا بارزًا قال له إن المحكمة أنشئت فقط (لأفريقيا والبلطجية مثل الرئيس الروسى فلاديمير بوتين).

 

مشروع قانون وتهديدات ترسخ ثقافة الإفلات من العقاب وتسخر من السعى المستمر منذ عقود لوضع القانون فوق القوة والفظائع.

 

ولكن ماذا نقول، فهذه هى أمريكا التي تدعى زورا وبهتانا أنها حامية السلم والأمن الدولى، وبلد الحرية والديمقراطية وراعية حقوق الإنسان (فى إسرائيل) عفوا أقصد فى العالم.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز