عاجل
الأحد 1 ديسمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي

قضية "سفاح الجيزة".. طرحت السؤال: لماذا لا يتحرى الأهل جيدا عن "خطيب" ابنتهم؟

منذ أن تفجرت قضية "سفاح الجيزة" خلال الأيام القليلة الماضية، وهى تحوي بداخلها العديد والعديد من المفاجئات، فقد أصبحت حديث برامج "التوك شو"، إذ تعد من القضايا "النادرة"، فكل يوم تخرج جهود رجال الشرطة والمحققين فى تلك القضية بنتائج جديدة، تكشف فيها عن جرائم قتل وسرقة ونصب غامضة وقعت منذ سنوات، لتؤكد أنه لا توجد جريمة كاملة الأركان، وأنه رغم طول سنوات الفرار، لا بد من سقوط المجرم فى يوما ما لينال عقابه.



 

ورغم التفاصيل المثيرة للقضية، إلا أنه من الملفت للنظر حديث احدى الزوجات الضحايا للمتهم –والتي حالفها الحظ  ان تكون على قيد الحياة حتى الآن-  لتحكى لنا عن كواليس عام كامل عاشته مع المتهم، فقالت فى أحاديث إعلامية ان المتهم تقدم لخطبتها وسرعان ما وافقت عليه أسرتها كونه استطاع ايهامهم بأنه "ملتزم دينيا" و"مقتدر ماليا" و"ذو علم"، وتمت الزيجة بعد 3 أشهر من الخطبة فقط، واكتشفت فيما بعد بأنها وقعت ضحية لسفاح، انتحل اسم وصفة مهندس يعمل بالسعودية قام بقتله واستولى على ممتلكاته، واستكمل المتهم إحباك خطته، بالاتفاق مع اشخاص حضروا معه أمام أهل العروس الضحية ليلعبوا دور أقاربه، وأوهم أهلها بأنه مقتدر ماليا، وانه يمتلك شقة سكنية خاصة به لتكون "عشا للزوجية"، ولتكتشف الزوجة الضحية بعد ذلك أن كل ذلك سرابا.

 

فزوجها المتهم لا تعلم له أقارب، ولا يمتلك أي شقة سكنية، بل أنها كانت شقة مستأجرة من مالك يحمل نفس اسم مستعار للزوج المتهم الذي يتم مناقشته حاليا في ارتكاب 4 جرائم قتل، أحدهما لصديق عمره الذي استولى على ممتلكاته، والباقيين لزوجات سابقين للمتهم، بخلاف قضايا نصب وسرقة أخرى.

 

والمتابع لمحاكم الأسرة وقضاياها، يعلم جيدا تكرار مثل هذه الوقائع، في أن يتقدم "العريس" بشخصية وامكانيات معينة، ومع مرور الأيام تظهر شخصية أخرى، وهذا الأمر غير مقتصر على عائلات بسيطة، بل أنه امتد ليشمل عائلات كبيرة، الأمر الذي يجعلنا نتطرق الى فكرة "سرعة التصديق"، التي تتبناها بعض الأسر عند زواج بناتها، دون التدقيق والتمحيص والبحث الوافى عن "الأصل والفصل" للعريس المتقدم، فكيف تم الاتفاق على مصاريف الزواج، من مهر وشبكة ومؤخر ومقدم وقائمة منقولات وظروف المعيشة وغيرها، دون التركيز والسؤال عن "الشخص نفسه" جيدا والاكتفاء فقط بتصديق ما جاء على لسانه عن نفسه او على لسان أقاربه وجيرانه.

 

المواقف المشابه تؤكد أنه"في ساعة القضاء يعمى البصر"، وقد تكون تلك الأسر فكرت من منطلق عاطفى بحت، فى اسعاد نجلتهم واتمام زواجها والاطمئنان علي مستقبلها، لكن طبيعة الحياة تؤكد أنها قاسية وصعبة بما يكفى، الأمر الذي يستوجب على كل شخص أن يدقق في اختياراته وقرارته في محاولة للإفلات من تلك الصعوبات بقدر الإمكان.

 

وهنا السؤال، لماذا تغلب في بعض الاتفاقات "الطابع العاطفى" أو "الخجل من السؤال"، فرغم اننا نتحدث عن "زواج"، وتكوين عائلة جديدة، تصبح امتداد لعائلات أخرى، فلماذا لم نتأكد جيدا من الماضى كى نبنى عليه حاضر ومستقبل جديد سليم، فأصبح في بعض الحالات، لم يتم اجراء تحريات مكثفة عن الخاطب والاكتفاء بما يردده أهله وأقاربه عنه في جلسات التعارف، فكيف نثق بسهولة في اشخاص لم نتعرف عليهم الا من وقت قريب.

 

وأصبح يتم الاعتماد على الاقوال الشفوية، من الجيران او الأقارب أو أصدقاء العمل، وقد اثبتت تجارب الحياة، ان الأقوال الشفوية ليس لها أى قيمة لأن هناك كثير من الأشخاص يتهربون منها عقب الإدلاء بها، فلماذا لم نبحث عن الأوراق الرسمية، لماذا لم يطلب بعض الاباء خلال جلسات التعارف عن القيد العائلى للخاطب، عن حساباته البنكية، وعن عقده الوظيفى، وعن عقد شقة ذويه التي يسكن فيها معهم، وغيرها من الاوراق التي يجب لولى أمر الفتاة الاطلاع عليها، دون أي إحراج، والتأكد من صحتها، فكيف تسكن فتاة مع زوجها وهى لا تعلم عنه أى شىء، سوى بعض الأقاوييل بأنه "جيد".

 

إن "الأساس" إذا وقع به خطأ، فالطبع كافة الإجراءات المترتبة عليه حتما سيقع بها أخطاء، بل ويزداد الامر تعقيدا عندما ينتحل الخاطب صفة شخص غيره، فقد أصبح عقد الزواج برمته لا قيمة له، ففي تلك الحالة، ضاع مستقبل الاسرة، سواء للفتاة أو لأسرتها، وهنا تبدأ حياة شاقة لضحايا تلك الزيجات، داخل أروقة المحاكم، ويالها من رحلة طويلة وشاقة في بعض القضايا، ماذا سيصبح الوضع الاجتماعى لهن، وما هو الاثر النفسي لديهن والذي يستغرق سنوات طويلة لمحاولة محو بعض من اثاره، علاوة على الأضرار المادية التي تتفاقم إذا أسفرت تلك الزيجات عن أولاد، فما مصيرهم ماليا ونفسيا واجتماعيا، كيف سيواجهون مستقبلهم وقد كبلتهم الضغوط.

 

هنا نؤكد، أن الآباء والأمهات كما كافحوا وتكبدوا من مشاق الحياة ما يكفى، لتوفير فرص حياة كريمة لبناتهن، ولحفظ وضع اجتماعى يليق بهن، يجب أيضا ان يكونوا حريصين على أن يحافظوا على ذلك خلال اتفاقات الزواج، وأن يكون هناك نوعا من الهدوء والتريث في الموافقة على شريك حياة بناتهن، والاعتماد على العقل والمنطق فقط، وترك الخجل والعاطفة.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز