عيسى جاد الكريم
ميكروباص وأتوبيس للسيدات فقط
ملايين السيدات والآنسات يستخدمن المواصلات العامة يوميا في القاهرة، لذلك يجب أن نعيد النظر في كيفية تسهيل استخدامهن للمواصلات العامة، لحمايتهن من التحرش البدني واللفظي، الذي يتعرضن له في المواصلات العامة.
وبات ملحًا أن يتم اتخاذ قرار بتخصيص مواصلات عامة- سواء أتوبيسات أو ميكروباصات- تكون خاصة بالسيدات فقط، وأن يتم إجبار هيئة النقل العام بالقاهرة، وشركات النقل الخاصة، العاملة على جميع الخطوط، بتخصيص أتوبيسات للنساء مميزة بلون مميز، وليكن "بنفسجي أو بمبة"، ونفس الأمر بالنسبة لسيارات الأجرة، بحيث يتم السماح بترخيص سيارات الأجرة المخصصة للسيدات مع إعطائها لونَا مميزًا، ويمكن توظيف سيدات للعمل في وظيفة محصلات في الأتوبيسات التي سيتم تخصيصها للسيدات.
الدعوة لتخصيص وسائل نقل للسيدات، كما هو الأمر بالنسبة لوجود عربات مترو مخصصة للسيدات، ليست دعوة عنصرية، أو بها تفرقة، لكنها دعوة للحفاظ على كرامة النساء العاملات، والطالبات اللاتي يدرسن في المدارس والجامعات، وهن بالملايين، يتحركن يوميًا في الشوارع يحتجن لوسائل نقل آمنة، فعدم خروج السيدات للعمل أو غيابهن بسبب مخاوف من التعرض للتحرش، سواء من العمل أو مؤسسات التعليم، له تكلفة اقتصادية، وفقًا لأبحاث المركز القومي للبحوث الاجتماعية الجنائية، حتى أولئك اللاتي يخرجن للشوارع، مع أزواجهن أو أولادهن أو أقاربهن من الرجال، يمكن استقلال المواصلات العامة العادية.
ولكي نعرف أهمية تخصيص وسائل نقل عامة للنساء علينا أن نطالع الإحصاءات الرسمية التي تبين عدد النساء في مصر، ونسبتهن في أماكن العمل والمؤسسات التعليمية.
ووفقًا لما كشفه الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في آخر إحصاء له عام 2022، فإن مساهمة المرأة في قوة العمل بلغت 34.9% من إجمالي قوة العمل (15 سنة فأكثر) مقابل 69.1% للذكور، وذلك وفقًا للبيانات الأولية لبحث القوى العاملة عام 2022.
ووفقا لبيانات النشرة السنوية للطلاب المقيدين وأعضاء هيئة التدريس للتعليم العالي (2021/2022)، بلغت نسبة الإناث المقيدات بالتعليم العالي 49%، بما يزيد على مليون و800 ألف طالبة في مقابل 51% للذكور مليون و900 ألف طالب.
وبالنسبة لبيانات النشرة السنوية للتعليم قبل الجامعي عام (2021/2022)، فقد بينت أنه يوجد ما يقرب من 12 مليونا و700 ألف طالبة في مختلف المراحل التعليمية قبل التعليم الجامعي، مقسمة كالتالي:
مرحلة التعليم قبل الابتدائي 22.7%
المرحلة الابتدائية 109.1% (تشمل إجمالي المقيدات بالمرحلة الابتدائية، وكذا الراسبات والمنتسبات بالمنازل).
المرحلة الإعدادية 104.9%
الثانوي العام 39.2%.
الثانوي الفني (تجاري 17%، صناعي 12.6%، زراعي 1.2%).
ولنا أن نتخيل كم عدد السيدات العاملات في محافظات القاهرة الكبرى "القاهرة والجيزة والقليوبية" العاملات في القطاع الخاص أو الهيئات والمؤسسات الحكومية إذا علمنا أنه وفقًا لتصريحات وزيرة التخطيط في وقت سابق فإن عدد المستفيدات من برامج الانتقال للعاصمة الإدارية الجديدة نحو 33 ألف موظفة، اللاتي يعملن في دواوين الوزارات التي انتقلت للعاصمة الإدارية الجديدة.
كما أنه طبقًا للإحصاءات الرسمية يبلغ عدد الموظفات بالجهاز الإداري بالدولة نحو 51%، منهن 26% على درجات قيادية، و23% "مساعدي ومعاوني الوزارات".
وفي ظل توجه الدولة والقيادة السياسة منذ سنوات لتحقيق تكافؤ الفرص لسيدات مصر، بوصفهن نصف المجتمع، وحمايتهن اجتماعيًا، لذلك أدعو النائبات الفاضلات بمجلسي النواب والشيوخ، اللاتي يزيد عددهن على مئتي عضوة، إلى تبني تشريع يسمح بتوفير وسائل نقل خاصة بالسيدات، بما يحافظ على كرامتهن ويوفر لهن الحماية أثناء تنقلهن، وبما يوفر بيئة آمنة لمن تستقل مواصلات عامة.
كما أن هذا الأمر سيكون له مردود مهم على السياحة، خاصة السياحة الوافدة من سيدات قادمات لزيارة مصر بمفردهن.
دعوتي بتخصيص مواصلات عامة خاصة بالسيدات، وأطالب بألا تقل نسبتها عن 20٪ من المواصلات العاملة في النقل الجماعي، ليس أمًرا مسكنًا لمشكلات نواجهها، ولكن علينا أن نستمر في حملات التوعية لمنع جرائم التحرش وتوعية التلاميذ في المدارس لنشر الأخلاق الحميدة، بما يخلق ثقافة لدى شبابنا وأبنائنا لمنع جرائم التحرش بالنساء بشكل عام.
حفظ الله شبابنا وبناتنا ونساء مصر العظيمات.