عاجل
الأربعاء 26 فبراير 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

تقارير أوروبية: الأمن التركي يلاحق معارضي ومنتقدي أردوغان حول العالم

أردوغان
أردوغان

ما بين سويسرا والسويد وألمانيا واليونان وصولًا إلى كمبوديا، تتكشف معلومات جديدة تؤكد تورط أجهزة الأمن و الاستخبارات التركية، في أنشطة استهداف ومحاولات تصفية لعدد من معارضي ومنتقدي سياسات أردوغان، حول العالم مستخدمه أغطية دبلوماسية، وهو ما يشكل خرقا لقوانين، وأعراف العمل الدبلوماسي الدولي و جريمة جديدة تضاف إلى سجل جرائم النظام الحاكم في تركيا وتكشف عن تناقضاته المسلكية، التي لا ترحم من يعارضونه، بينما هو يستخدم و يدعم معارضي الدول الأخرى لابتزازها. 



 

وقد دفع هذا المسلك التركي أجهزة الاستخبارات الغربية إلى تنبيه بعضها البعض، لخطورة أنشطة السفارات و البعثات الدبلوماسية التركية على أراضيها، وكذلك حقيقة دور وأشكال التمثيل الخارجي التركية إعلاميًا وثقافيًا وإغاثيًا. 

 

واتهمت سلطات مكافحة التجسس السويسرية تركيا باستخدام دبلوماسييها، على الأراضي السويدية للتجسس على الجاليات التركية وملاحقة رموز المعارضة، وكل من ينتقد الرئيس التركي، وأصدرت السلطات السويسرية أمر ضبط وترقب وصول لاثنين من الدبلوماسيين الأتراك، بينت التحقيقيات تورطهما في استهداف المعارضين الأتراك على الأراضي السويسرية. 

 

كما وجهت سلطات الادعاء العام السويسرية هذا الأسبوع تهمة ممارسة أنشطة تجسسية لعدد من الدبلوماسيين الأتراك، قالت إنهم يتعقبون رموزًا من المعارضة التركية المقيمة على الأراضي السويسرية بغرض تصفيتهم أو اختطافهم لإعادتهم قسرًا إلى تركيا وهو ما يقع تحت بند "الجرائم الإرهابية" وفق القوانين السويسرية. 

 

وبحسب تقرير صادر عن مرصد مكافحة التطرف الأوروبي تعود جذور الواقعة إلى العام 2018، عندما رصد جهاز مكافحة التجسس السويسري عناصر دبلوماسية تركية أثناء تعقبها للاجئين سياسيين أتراك مقيمة على الأراضي السويسرية من بينهم نقابيون وإعلاميون ينتقدون سياسات أردوغان. 

 

على إثر ذلك قامت الخارجية السويسرية بإخطار نظيرتها التركية بأن الموظفين الدبلوماسيين الأتراك المتورطين في ملاحقة المعارضين الأتراك المقيمين في سويسرا غير مرغوب في تواجدهم على الأراضي السويسرية، لتجاوزهم حدود عملهم الدبلوماسي معتمدين على حصاناتهم الوظيفية التي تمنحها لهم اتفاقية فيينا للحصانات الدبلوماسية و القنصلية. 

 

توازيًا مع ذلك.. فتحت سلطات الادعاء العام السويسرية تحقيقًا جنائيًا استمعت فيه إلى شهادات لاجئين معارضين أتراك مقيمين على الأراضي السويسرية، وطلبت سلطات الادعاء العام السويسرية معلومات من الخارجية التركية عن طبيعة نشاط الدبلوماسيين الأتراك في سويسرا، وأرسلت بذلك في الرابع عشر من ديسمبر 2018 مذكرة إلى النيابة العامة التركية، تطالبها بالتحقيق فيما هو منسوب إلى أفراد من البعثة الدبلوماسية التركية في سويسرا وموافاة الجانب السويسري بنتائج التحقيقات التركية. 

 

وخلال العام الماضي وعلى إثر تقاعس السلطات القضائية التركية في التعاون مع المحققين السويسريين، اتسعت دائرة تحقيقات النيابة العامة السويسرية لتشمل 96 من الدبلوماسيين والموظفين الدوليين الأتراك العاملين في سويسرا وكذلك متعاونون أتراك وسويسريين تبين عملهم مع عناصر الاستخبارات التركية السرية في السفارة التركية في سويسرا. 

 

وظهر فى ملف القضية لدى النيابة العامة السويسرية، الذي حمل الرقم  27915 لسنة 2018  اسمان من طاقم العمل الدبلوماسي التركي في سويسرا ،وهما محمد حقى غنى Hacı Mehmet Gani و يعمل ملحقا صحفيا في السفارة التركية في بيرن و حقان كامل يرجى Hakan Kamil Yerge السكرتير الثاني في السفارة التركية ببيرن، وكلاهما خطط لاختطاف معارض تركى الأصل متجنس بالجنسية السويسرية وأحد رجال الأعمال، وبينت التحقيقات السويسرية أن محاولة استدراجه واختطافه وإعادته إلى أنقرة بدأت في العام 2016. 

 

وبموجب نظام تبادل المعلومات الاستخبارية بين دول الاتحاد الأوروبي تكشف للجانب السويسري عن حالات مماثلة من الانتهاكات التركية، فقد أبلغت اليونان عن رصد عناصر نجحت الاستخبارات التركية من خلالهم في اختراق معسكرات اللاجئين الأتراك، وذلك بهدف تصفية بعض من هؤلاء اللاجئين اللذين فروا إلى اليونان، حفاظًا على حياتهم من ملاحقات الأجهزة الأمنية التركية، التي لا تعرف الرحمة إزاء منتقدي أردوغان. 

 

ويقول المراقبون أن تصريحات وزير الخارجية التركي مولود شاويش أوغلو، الذي اعترف وبلا مواربة بأن من مهام رجال الدبلوماسية الأتراك في السفارات والقنصليات التركية حول العالم، التعقب وجمع المعلومات الاستخبارية حول المعارضين الأتراك، تكشف عن حقيقة المهام السرية للبعثات الدبلوماسية التركية حول العالم. 

 

ويعود تاريخ تصريحات وزير الخارجية التركي إلى 16 فبراير 2020، خلال مشاركته في مؤتمر ميونخ للأمن ضاربًا بذلك عرض الحائط بالمادة 41 من اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية، التي تحظر قيام الدبلوماسيين بأنشطة تجسسيه، وتعطيهم في المقابل حصانات من الملاحقة خارج وداخل مقارهم الدبلوماسية، مع إعطاء سلطات البلد المضيف الحق في محاكمه وعمل تحريات استدلالية حول طبيعة نشاط الدبلوماسيين الأجانب في حالة الشك في تجاوزه حدود واجبات ومهام عملهم الطبيعية، وهو ما تنص عليه المادة 43 من اتفاقية جنيف للعلاقات الدبلوماسية والقنصلية. 

 

وفي السياق ذاته.. حذر مكتب حماية الدستور الألماني، جهاز الاستخبارات الوطني بى ان دى، القيادة السياسية الألمانية عدة مرات خلال العام الجاري، من محاولات مستمرة من جانب الاستخبارات التركية رصدتها أجهزة الأمن الألمانية، للتجسس على المعارضين الأتراك المقيمين في ألمانيا واختراق الجالية التركية الضخمة المقيمة هناك، بهدف أما جمع المعلومات عنها أو لتوظيف عناصر حركيه منها في أنشطة تستخدمها أنقرة في ابتزاز المواقف السياسية الألمانية بما يخدم المخططات التركية. 

 

وفي كمبوديا .. وقعت تركيا في منتصف أكتوبر الماضي اتفاقية للتعاون الأمني، مع حكومة كمبوديا تقضى بتسلم أنقرة للمعارضين السياسيين اللاجئين إلى الأراضي الكمبودية والذين قدر وزير الداخلية التركي سليمان سوليو، الذي وقع الاتفاق باسم بلاده أن عددهم يزيد على مئة معارض يشكلون بؤرة معارضة خطيرة للنظام التركي في منطقة جنوب شرق آسيا. 

وكانت عناصر من حركة فتح الله جولن التركية المعارضة، قد فرت منذ العام 2016 إلى كمبوديا طلبًا للحماية بعد المحاولة الانقلابية المزعومة في أنقرة، كما أن من بينهم عناصر سبق وأن لجأت إلى كمبوديا قبل هذا التاريخ في أعقاب الملاحقات الدامية من أجهزة الأمن التركية لهم إثر تظاهرهم ضد أردوغان في منطقة/ غازي عنتاب/ التركية في حركة العام 2013 الاحتجاجية. 

 

وفي الخامس من مايو 2020 بدأت الآلة الاستخبارية التركية، وأجهزة الأمن جهودها لملاحقة تلك العناصر لاعتقالها أو إعادتها قسريا أو تصفيتها، لكن يقظة أجهزة الأمن الكمبودية دفعت أنقرة إلى بديل آخر وهو إقامة مسار تعاون بين السلطات الأمنية الكمبودية ونظيرتها التركية لتسليم بعض المطلوبين الأتراك. 

 

وفي السويد.. انتهت تحقيقات أجهزة مكافحة التجسس السويدية، إلى تورط عناصر من السفارة التركية بستوكهولم في تسهيل مهمة مجموعة اغتيال كانت الاستخبارات التركية العامة قد أرسلتها إلى السويد لتصفية الصحفي التركي الأصل اللاجئ إلى السويد والمقيم في ستوكهولم عبد الله بوزكورت، وأعلنت جهات التحقيق السويدية في الرابع نوفمبر الجاري، أن شكوكها الأولية حول تورط رجال الدبلوماسية التركية بستوكهولم، في الهجوم المدبر ضد الصحفي التركي في منتصف أغسطس الماضي "باتت مؤكدة". 

 

وكشفت جهات التحقيق السويدية عن أن واقعة الهجوم على الصحفي التركي المعارض – المتمتع بوضع لاجئ سياسي في السويد منذ عدة أعوام – لم تكن تستهدفه فقط، بل تمت في إطار مخطط تركي لاستهداف 27 من المعارضين الأتراك المقيمين الآخرين على الأراضي السويدية، ممن يكتبون انتقادات في الإعلام الغربي، وعلى وسائل التواصل الاجتماعي . 

 

وتجدر الإشارة إلى أن النائب العام التركي، كان قد وجه تهمة التجسس ومباشرة نشاط معادي لعدد 28 من المعارضين الأتراك المقيمين في السويد، ووصفه قرار المدعى العام التركي بأنه يستهدف الإضرار بالمصالح التركية العليا، والمشاركة في القصد الجنائي مع عناصر أجنبية لتحقيق هذا الهدف، وهو ما أورد قرار الاتهام الصادر بتاريخ الرابع عشر من ديسمبر 2018 في القضية التي تحمل رقم 230319 لسنة 2018. 

 

 

ولإسباغ مشروعية على عمليات الاستهداف التركية للمعارضين المقيمين في السويد، أرسلت النيابة العامة التركية في التاسع عشر من فبراير 2019 لوزارة الخارجية السويدية أقراص مدمجة تقدمت بها الاستخبارات العامة التركية، تحتوى على 4386 مقطع مكتوب ومسموع ومرئي متداولة عبر وسائل التواصل الاجتماعي بها انتقادات للرئيس التركي لم تر فيها جهات التحقيق السويدية ما يشكل جريمة تستوجب الملاحقة.

 

 

ورأت أوساط الصحافة والرأي العام السويدية أن المسلك التركي، المصر على ملاحقة معارضي أردوغان في الخارج يعبر عن ازدواجية معايير نظام أردوغان الحاكم، الذي يأوي معارضي الدول الأخرى بما في ذلك المتورطين في عمليات إرهابية، أو التحريض على العنف بينما أنقرة لا تتهاون تجاه أبسط انتقاد يصدر عن احد رعاياها أو إعلاميها في الخارج.  ولتلك الأسباب.. باتت الدوائر والأوساط الدبلوماسية في السويد، على قناعة بأن أنشطة وتحركات الدبلوماسيين الأتراك في السويد "مريبة وتنتهك حدود العمل الدبلوماسي وهوامشه المعلوماتية المعمول بها دوليًا بين بلدان العالم وفق القوانين الدولية، التي باتت تركيا تضرب بها عرض الحائط”. 

 

 

وتعد تركيا أحد أسوأ بلدان العالم تنكيلا بالصحافيين المعارضين لنظام أردوغان، ووفقا لتقرير مركز ستوكهولم للحريات The Stockholm Center for Freedom (SCF) يقبع في السجون التركية خلف القضبان ما لا يقل عن 183 صحفي بأحكام مسيسه ،ويواجه 168 صحافيا تركيا على الأقل اتهامات بعضها قد يفضى إلى السجن مدى الحياة من بينها اتهامات بالإرهاب، ووفقا للتصنيف الدولي لحرية الصحافة والإعلام تقع تركيا في الترتيب رقم 154 من أصل 180 دولة على مستوى العالم، وهى الأسوأ على صعيد الحريات الصحفية و الإعلامية في العام 2020، كما حافظت تركيا تحت حكم أردوغان – وبلا منافس – هي المركز الأول عالميًا في سجن واعتقال الصحفيين. 

 

 

ويتساءل المراقبون أنه إذا كانت تركيا لا تتسامح مع معارضيها في الخارج، فكيف لها أن تلوم الآخرين على عدم تسامحهم مع معارضيهم، وكيف تقدم أنقرة ملاذات آمنة لمعارضي الدول المختلفة سياسيًا مع النظام التركي، بينما هي في الوقت ذاته تنكر عليهم القيام بذات الشيء تجاه المعارضين الأتراك حول العالم. 

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز