عاجل
الأربعاء 26 فبراير 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
مختارات من الاصدارات
البنك الاهلي
حديث فى مراجعات ترامب

حديث فى مراجعات ترامب

فى الصحافة الأمريكية اعتبر ديمقراطيون أن حديث ترامب إلى فوكس نيوز «تراجع مقبول» عن خطته المتصورة عن غزة، بينما اعتبر جمهوريون أن تراجع ترامب «تكتيكى» فى انتظار الخطة المصرية العربية.  سواء هذا أو ذاك.. فإن كلام ترامب تغير، والتغير عودة.. والعود أحمد.



فى حديثه للشبكة الأمريكية قال الرئيس الأمريكى إنه لم يكن يتوقع «الرفض المصري والأردنى لمقترحاته عن غزة».

 

وفى الصحافة الأمريكية التقطوا كلامه وتساءل ديمقراطيون: «كيف لرئيس الولايات المتحدة أن يتكلم عن خطط مستقبلية دون أن يكون على يقين بالمواقف المحيطة ودون توقعات عن ردود الأفعال؟».

مؤكد الأسئلة منطقية.. وفى محلها، لكن الإجابات لا تعنينا، بقدر ما يعنى تغير لهجة الرئيس الأمريكية إشارة واضحة على نجاح الموقف المصري العربى فى مواجهة التهجير.

(1) 

كلام ترامب انعكاس لنجاح القاهرة فى إدارة أزمة تصريحاته الأولى، ونجاح فى إدارة الملف الفلسطينى بفعالية، وبوادر نجاح للجهود الهائلة فى الدفع تجاه إعادة إعمار غزة، وأهل غزة على أراضيهم.

مصر كانت ولا تزال الطرف الأكثر تأثيرًا فى هذا الملف، وهى الأقدر على استمرار التحرك لضمان التهدئة والاستقرار فى القطاع، إلى جانب دورها الفاعل فى الوساطة بين مختلف الأطراف.

صحيح اللهجة الأمريكية فى التعامل الأخير مع غزة كانت الأكثر «فجاجة» منذ بدأت المسألة الفلسطينية والصراع العربى الإسرائيلى، لكن الصحيح أيضًا أن القاهرة كقوة إقليمية مؤثرة، كان فى إمكانها على الدوام وضع الأسس الحقيقية للحلول، والمعايير الأساسية للدفاع عن الحقوق الفلسطينية بعيدًا عن محاولات تدخل تناقض المصالح العربية، وتتغول على الحقوق الفلسطينية.

طوال الأزمة الأخيرة، وحتى الآن، والقاهرة تعمل على توظيف أدواتها الدبلوماسية وعلاقاتها المتينة مع مختلف الأطراف، بوصفها الوسيط الأكثر قبولًا والدولة الأكثر قدرةً على تحقيق نتائج فى الطريق لحلول عادلة مستدامة. 

الموقف المصري تجاه القضية الفلسطينية ثابت، مصر لعبت دورًا محوريًا فى وقف إطلاق النار فى غزة عدة مرات، واستطاعت التعاطى مع التصعيد الإسرائيلى بالردود العملية.. وتعاملت مع اللهجة الأمريكية الأخيرة غير المسبوقة بضبط النفس.

كلام ترامب الأخير زاوية، فى قضية لها أربع زوايا، تعمل القاهرة فيها على إقامة تلك الزوايا قائمة، لا هى منفرجة للخارج، ولا هى منحرفة للداخل. 

تبدو الخطة المصرية العربية لإعادة الإعمار فى غزة هى الأساس الآن الذي سوف تتشكل عليه أرضية التعاطى المقبل مع القضية الفلسطينية. 

فى قمة مارس، سوف يتبلور الدور العربى على شكله النهائى، فى مقابل «تهويمات» أمريكية لم يكن لها أبدًا أن تتم ولا أن يكون لها مكان على أرض الواقع. 

فى الوقت نفسه، فإن مصر تواصل جهودها الدبلوماسية لضمان حقوق الفلسطينيين، بما يعكس مكانة القاهرة كعنصر رئيسى فى معادلة الحل.

فى كل مراحل الصراع العربى الإسرائيلي، كانت مصر هى التي تفرض الرؤى، وتقود المبادرات، وتعمل على تنحية أية مهاترات قد يعمد بعضهم إلى محاولة تفجير قنابلها على جانبى الطريق. 

تبقى الإرادة المصرية رادعًا وحائط صد وسندًا، والقاهرة فى الوقت نفسه هى التي لديها رؤى لآفاق رحبة فى المستقبل تمنع أن يفرض أحد حلولًا دون مراعاة المصالح الفلسطينية والإقليمية، خصوصًا أن استقرار المنطقة يبقى مرهونًا بحل عادل وشامل للقضية.

 (2)

تعمل القاهرة بدبلوماسية قادرة.. وبالتحركات العملية على الأرض.

 قبل أيام دخلت أول دفعة من المنازل الجاهزة للقطاع رغم محاولات من الجانب الآخر التأخير والتعديل والإلغاء.

استمرت القاهرة فى مساعيها لتطويق أى طرح لبديل غير عادل للقضية الفلسطينية. 

زار الرئيس عبدالفتاح السيسي الأسبوع الماضى إسبانيا والمملكة السعودية، بنتائج أكدت نجاحًا حقيقيًا للديبلوماسية الرئاسية المصرية فى التعاطى مع واقع، لم يعد يحتمل إلا إنهاء سلاسل الصراع ، والكف عن كل ما يمكن أن يزيد من اشتعال الإقليم، ويهدد استقراره، وربما يدفعه إلى مناطق الفوضى واللاعودة. 

من مدريد، دعمت إسبانيا التحركات المصرية والرؤية المصرية والحلول المصرية. أكد البيان المشترك على حق الفلسطينيين فى البقاء على أرضهم، ورفض أى محاولات للتهجير، مع دعوة للمانحين الدوليين للانخراط بقوة فى مؤتمر إعادة الإعمار الذي ستستضيفه مصر.

فى السعودية، ناقش الرئيس السيسي خطة إعمار القطاع دون تهجير، وسط حشد عربى، يضاف إليه تأييد أوروبى، ظهر بوضوح فى مدريد رفضًا للمقترح الأمريكى المعلن أيام ترامب الأولى فى البيت الأبيض. 

يبقى الجميع يتطلع لمؤتمر إعمار غزة، وتبقى الآمال معقودة واثقة فى قمة مارس فى القاهرة. 

 (3) 

تدخل مفاوضات الهدنة المرحلة الثانية، رغم محاولات إسرائيلية دؤوبة لتفخيخ اتفاق وقف إطلاق النار.  صلابة الموقف المصري أجهضت تلك المحاولات، إضافة إلى التغير الملحوظ فى خطاب الرئيس ترامب تجاه المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار.

فى صحافة إسرائيل، كتب بعضهم أن نتنياهو حاول التنصل من تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بمرحلتيه. 

وقالوا إنه حاول منذ بدء الاتفاق وضع القنابل على جانبى الطريق، واستغل أحداثًا فى إسرائيل، فى محاولة لفرض مد فترة المرحلة الأولى أو إدخال إضافات عليها لم تكن موجودة فى الاتفاق الأول. 

فى إسرائيل كتبت الصحافة أيضًا، أن مصر من جانب والولايات المتحدة من جانب آخر، دفعا نتنياهو إلى استكمال مراحل اتفاق الهدنة، وسط تصاعد مخاوف من جانبه من اضطراره إلى سحب الجيش الإسرائيلى من غزة حسب اتفاق المرحلة الثانية. 

تعود أزمة نتنياهو إلى أفكار نتنياهو. 

مشكلته أنه دخل الحرب من أجل الحرب، وأنه دخل الحرب فى محاولة للتغطية على فشل المؤسسات الإسرائيلية فى التنبؤ أو مواجهة هجوم 7 أكتوبر. 

يبدو أيضًا، أن نتنياهو، كما يرى محللون إسرائيليون، كان يعتمد على أن ترامب نفسه قد يعمل على إفشال الاتفاق بعد المرحلة الأولى.. لكن هذا لم يحدث.

فى الصحافة الإسرائيلية أيضًا، هناك من تحدث عن حالة من الحصار يعيشها نتنياهو، المدفوع فى اتجاه المرحلة الثانية كما تم التوافق عليها.

صحيح ترامب من جانبه تعامل مع المفاوضات بمنطق الصفقات العقارية، لكن هذا لا يمنع أنه كان مهتمًا فعلًا بالتوصل لاتفاق للهدنة، خصوصًا أنه اعتقد أن التوصل إلى هذا الاتفاق هو أمر يمنحه انتصارًا لم يتمكن خلفه بايدن من تحقيقه، لذلك فإن فريق ترامب لم يدع لنتنياهو، رغم التأييد المطلق من واشنطن لإسرائيل، أية مساحة يمكن أن تتيح لإسرائيل عدم الدخول إلى بدء تنفيذ المرحلة الثانية. 

لا يرغب ترامب الآن فى إفشال الاتفاق، لأن فريقه يرى أن فشله سيفتح الأبواب أمام أمور كثيرة قد لا يمكن توقعها، وسط الرفض العربى الهائل لمسألة التهجير، ووسط الحملة الديبلوماسية المصرية المكبرة على الخريطة الإقليمية والأوروبية. 

لدى الإدارة الأمريكية يقين بأن الموقف العربى وخصوصًا الموقف المصري لن يسمح بأية بدائل.. غير الحلول العادلة للقضية. 

الأزمة فى إسرائيل كبيرة، والضغوط الحالية على نتنياهو ثقيلة. نشرت معاريف تقريرًا نسبته إلى محللين قالوا إن بدء المرحلة الثانية من اتفاق الهدنة سوف تكون له انعكاسات سلبية على الحكومة، وربما تحدث أزمة داخلية فى إسرائيل ، ففى المرحلة الثانية يفترض أن تتخلى إسرائيل عن المحيط الأمنى وتنسحب من غزة، ما يعنى أن نتنياهو على وشك إنهاء الحرب. 

فى المقابل تبقى القاهرة فى الصدارة، تعمل على صون الحق، وحماية مقدرات أمنها القومى، وتبقى لديها خطوط حمراء.. وقت اللزوم .

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز