لياو لي تشانغ
السفير الصيني بالقاهرة يكتب: التمسك بمفهوم مجتمع المستقبل المشترك للبشرية
في الوقت الراهن، ينتشر فيروس كورونا المستجد بشكل سريع خارج الصين، فالوباء الآن امتد إلى العالم كله.. فماذا يجب أن نفعل؟
في 26 من شهر مارس الماضي عقدت قمة استثنائية لقادة مجموعة العشرين، وأوضح من خلالها الرئيس الصيني شي جين بينغ أن أكثر ما يحتاجه العالم في الوقت الراهن هو تعزيز الثقة، والعمل معاً، وتوحد الجهود، وتعزيز التعاون الدولي بشكل شامل، وتكثيف القوة للقضاء على هذا الوباء، والتكاتف للفوز في المعركة ضد الأمراض المعدية الواسعة الانتشار.
وبفضل القيادة الشخصية للرئيس شي جين بينغ، استطاعت الصين تحقيق نتائج مهمة على مراحل في الوقاية من تفشي الفيروس، كما تسارعت وتيرة استعادة النظام الاقتصادي والاجتماعي.
وخلال أصعب أوقات حيث تكافح الصين الوباء، قدم المجتمع الدولي بما في ذلك مصر دعماً قيماً للصين. وتؤمن الصين بالقول "كن ممتناً لمساعدة الآخرين ضاعف المكافأة"، وتتعاطف الصين مع البلاد المتضررة من هذا الوباء، وعلى استعداد لتقديم المساعدة قدر الاستطاع للدول التي تحتاج المساعدة.
كما أعلنت الحكومة الصينية أنها قد قدمت مساعدات طارئة لـ89 دولة ولعدة منظمات دولية وإقليمية من بينها منظمة الصحة العالمية والاتحاد الإفريقي، ويشمل ذلك الإمدادات الطبية مثل الكواشف والكمامات، كما تقدمت بتبرع بقيمة 20 مليون دولار أمريكي لمنظمة الصحة العالمية.
كما تساعد الحكومة المحلية والشركات والمؤسسات المدنية الصينية في تقديم العون للدول المتضررة من الوباء. وقدم الجانب الصيني بالفعل لمصر النسخة السابعة من خطة تشخيص المرض وطرق علاجه وأيضاً قدمت مجموعة من المساعدات، وإمدادها بشكل فعال بمعلومات التبادل الدولي في الاجتماع الذي عقده خبراء صينيون حول تجربة الصين في الوقاية من الفيروس والسيطرة عليه، وعلى استعداد لتزويد مصر بدفعة جديدة من المساعدات.
كما نتشارك الخبرات في مجال القضاء على الأوبئة مع دول العالم، ونقدم طرق الوقاية والسيطرة والتشخيص والعلاج بلغات عدة، وعقد مؤتمر دولي لتبادل الخبرة حول منع تفشي المرض والسيطرة عليه، وعقد مؤتمر مع خبراء الصحة في دول متعددة عبر الفيديو ومن بينها مصر، وإرسال فريق طبي إلى إيران والعراق وإيطاليا وصربيا وكمبوديا، والتعاون مع البلاد ذات الصلة في البحث والتطوير في مجال المصل واللقاح والأدوية الطبية.
منذ تفشي الفيروس، وتحت القيادة القوية للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والحكومة المصرية، أولى الشعب المصري أهمية كبيرة للوقاية من الوباء ومكافحته، وقد خاض حملة شفافة وعلمية وفعالة ضد المرض. وقام الرئيس السيسي بعزل المجتمع كله في بيوتهم وتقليل الأنشطة، وأصدر 15 إجراء اقتصاديا في الوقت الذي يتم فيه أخذ التدابير لمنع تفشي الوباء والسيطرة عليه، كحد أقصى لحماية حياة الشعب وللحفاظ على التنمية الاقتصادية، ولذلك أعطت منظمة الصحة العالمية تقييماً إيجابياً.
تقوم مصر والصين الآن بالتعاون للقضاء على الوباء. ففي 23 من مارس تحدث الرئيس الصيني شي جين بينغ مع نظيره المصري عبد الفتاح السيسي عبر مكالمة هاتفية، أشار من خلالها الرئيس شي جين بينغ، بعد تفشي المرض في الصين قدمت مصر دعماً قيماً للصين في مكافحة الوباء، ويعكس هذا الصداقة العميقة التي تربط مصر والصين وتظهر المستوى الرفيع لعلاقات الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين. كما تواجه مصر مهمة عاجلة لمكافحة الوباء، وترغب الصين في العمل مع مصر لمكافحة الوباء، وذلك لجعل العلاقات المصرية- الصينية هي النموذج لبناء مجتمع المستقبل المشترك الصيني- العربي والصيني- الإفريقي، وقال الرئيس السيسي إن علاقة الصداقة المصرية- الصينية علاقة خاصة ومميزة، ويعتقدان أنه من خلال مكافحة الوباء بشكل مشترك ستتعمق علاقة الصداقة بين مصر والصين.
إن العمل الخيري في الصين يحظى بتقدير كبير من المجتمع الدولي. قال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أنما تفعل الصين في الوقت الحالي صحيح، وهو أن يتعين علينا جميعاً أن نتحد. الاتحاد، الاتحاد ثم الاتحاد. وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة غوتيريش للرئيس الصيني شي جينبينغ عن شكر الأمم المتحدة للجانب الصيني لما تقدمه من مساعدات للدول التي تعاني من صعوبات في مكافحة الفيروس حالياً، حيث إن دعم الصين للتعددية أمر مهم للغاية، ويتطلع إلى استمرار الصين في لعب الاضطلاع بدورها القيادي في الشؤون الدولية.
منذ تفشي المرض، التزمت الصين بشدة بمفهوم مجتمع المستقبل المشترك، وبأسلوب منفتح وشفاف ومسؤول، قامت بإبلاغ منظمة الصحة العالمية والدول ذات الصلة بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية بمعلومات حول الفيروس فيها التسلسل الجيني للفيروس، كما شاركت خبرات الوقاية والسيطرة والعلاج بدون أي تحفظ، كما قدمت الدعم والمساعدات للبلاد التي تحتاج للمساعدات.
كما أوضح الرئيس الصيني شي جين بينغ في مكالمة هاتفية أجراها مع نظيره الأمريكي دونالد ترامب في 27 من مارس، أن الأوبئة لا تفرق بين حدود الدول ولا العرق، فهي بمثابة عدو للبشرية كافة. فقط عندما يتصدى المجتمع الدولي معاً، حينما يمكن الفوز في هذة المعركة. في الوقت الراهن، تمر العلاقات الصينية- الأمريكية بمنعطف مهم، وأن التعاون بين الصين والولايات المتحدة مفيد للطرفين وهو الخيار الصحيح الوحيد، معربا عن أمله أن تتخذ الولايات المتحدة إجراءات ملموسة لتحسين العلاقات الصينية- الأمريكية، وأن يعمل الجانبان معا لتعزيز التعاون في مجالات مثل مكافحة الفيروس وتطوير علاقة خالية من الصراع والمواجهة، وقائمة على الاحترام والتعاون المربح للجانبين.
وقال الرئيس ترامب إن كلا من الولايات المتحدة والصين تواجهان تحدي الفيروس، ويتعهد الجانب الأمريكي أن ينحي خلافات الجانبين جانباً، ويتركز على التعاون في مجال مكافحة الفيروس.
مصدر الفيروس هو قضية علمية ويتطلب المشورة العلمية والمهنية ولدى منظمة الصحة العالمية والمجتمع الدولي رأي واضح متطابق وبالإجماع، وهو ضد ربط الفيروس ببلدان ومناطق معينة وضد إساءة سمعة بلدان معينة.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة غوتيريش إن التمييز العنصري والتحيز أمران مخجلان في ظل مكافحة فيروس، وإنه لا بد من مكافحتهما دائماً. وأشار أحد المسؤولين الكبار في الاتحاد الأوروبي أن الفيروس لا هوية له، وأنه بمثابة تحدٍ للبشرية كلها، فعيلنا اختيار التعاون والتعددية بدلاً من التنافس وتبادل الاتهامات، كما رفضت وسائل الإعلام الرئيسية في مصر بالإجماع استخدام المصطلحات التمييزية.
إن تسييس الفيروس هو أكبر انتهاك لحقوق الانسان، فإن المهمة الملحة للمجتمع الدولي الآن هي محاربة الفيروس وليس الدخول في صراع سياسي، ووضع علامات وتسميات للفيروس هو أمر ينُم على عدم احترام العلم، فمعرفة أصل ومصدر الفيروس هو سؤال ينبغي على العلماء الإجابة عنه، وإساءة سمعة بلد أو عِرق معين هو فكرة قديمة قائمة على الحرب الباردة لا تتماشى مع التنمية عصر العولمة. فيجب على الأطراف ذات الصلة احترام الحقائق الموضوعية، واحترام الرأي العام الدولي، والقيام بعملها على أكمل وجه في شؤونها الخاصة، والتوقف عن تشويه سمعة البلدان الأخرى، وإلقاء المسؤولية، ويجب لعب دور بناء لدول العالم في مكافحة الفيروس والحفاظ على أمن الصحة العامة الدولية. فإن الجانب الصيني على استعداد للعمل جنباً إلى جنب مع المجتمع الدولي في مكافحة الفيروس، وفي الوقت نفسه يرفض تسييس الفيروس ووضع علامات وتسميات وإساءة سمعة الصين، من أجل العمل معاً لحماية العدالة والضمير الدوليين.
لياو لي تشيانج- السفير الصيني بالقاهرة