![البنك الاهلي البنك الاهلي](/UserFiles/Ads/8372.jpg)
بلال بدر يكتب: تساؤلات مشروعة فيما لا نُريد تفسيره في لقاء الملك عبدالله
![](/UserFiles/News/2025/02/12/1271874.jpg?250213014102)
يواجه العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني عاصفة من النقد والرفض بسبب تصريحاته خلال لقائه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالبيت الأبيض منذ أيام، بعدما أعلن عن استقبال الأردن نحو 2000 طفل مصاب من غزة لتلقي العلاج، ما اعتبره كثيرين موافقة ضمنية على خطة ترامب لتهجير الفلسطينيين من القطاع.
انفجرت هذه العاصفة رغم تأكيد الملك عبدالله رفضه القاطع لخطة التهجير من قطاع غزة والضفة الغربية، وأن هذا الموقف يمثل الإجماع العربي. ودعا إلى إعطاء الأولوية لإعادة إعمار غزة دون تهجير سكانها، والتعامل مع الوضع الإنساني الصعب في القطاع.
إذن كيف يتم تفسير مرئيات الأردن حيال هذا الموقف الحساس بلا عنتريات ولا تصريحات رنانة تُفضي إلى تحقيق مكاسب شعبية (وقتية) خصوصا ونحن الحلقة الأضعف في المعادلة الأصعب بلا ريب، وهو التفسير الذي لا نريد له سماعا وسط تأويلات تشير إلى أن الظاهر شيء والباطن أشياء أخرى ما يذهب بالبعض إلى وصف مقتضيات الحال بأن "المخفي مخيف جدا" وربما يتم تطبيق سيناريوهات قد لا يُحمد عقباها؟!
من وجهة نظري، يعكس موقف الملك عبد الله الثاني التزامًا ثابتًا بدعم حقوق الشعب الفلسطيني، وحرصًا على استقرار المنطقة. رفضه لخطط التهجير القسري يتماشى مع المبادئ الإنسانية والقانون الدولي، ويعزز الجهود الرامية إلى تحقيق سلام عادل وشامل على أساس حل الدولتين. هذا الموقف يُظهر أيضًا تفهمًا عميقًا للتحديات الإنسانية التي يواجهها سكان غزة، ويؤكد على أهمية تقديم الدعم لهم دون المساس بحقوقهم أو تهجيرهم من أراضيهم.
استقبال 2000 طفل مصاب من غزة لتلقي العلاج في الأردن هو خطوة إنسانية تعكس التزام الملك عبد الله الثاني بتقديم المساعدة الطبية للمتضررين، لكنه لا يعني بالضرورة موافقة على خطة تهجير الفلسطينيين من القطاع. وبشأن هذه الخطوة تتجسد 4 نقاط تفسر منطلقات الملك من الإعلان عن استقبال هذا العدد في هكذا توقيت، وهذه النقاط تعتبر ردًا على من يسأل عن سبب عدم اتخاذ عُمان مثل هذه الخطوة خلال الحرب ووسط الإبادة الجماعية:
1. الموقف المعلن للأردن
الملك عبد الله أكد بشكل واضح رفضه القاطع لأي عملية تهجير قسري للفلسطينيين، وهو موقف ثابت تاريخيًا من الأردن. استقباله للأطفال المصابين هو عمل إغاثي لا يتعارض مع هذا الموقف، بل يعكس بُعدًا إنسانيًا مهمًا.
2. التحركات السياسية والتكتيك الدبلوماسي
الأردن يعتمد على سياسة موازنة بين مواقفه الثابتة والضغوط الخارجية. تقديم العلاج لـ 2000 طفل (قد يتضاعف هذا الرقم عند التنفيذ) لا يعني فتح الباب للهجرة الجماعية، بل ربما هو محاولة لشراء الوقت وتخفيف الضغط الأمريكي والإسرائيلي عليه.
3. عدم وجود إعلان رسمي عن استقدام أسر كاملة
حتى لو كان من المتوقع أن يرافق بعض الأطفال ذووهم، فهذا لا يعني قبول تهجير جماعي. يمكن للأردن أن يضع ضوابط لعودة هؤلاء بعد العلاج، كما حدث في حالات سابقة.
4. إبعاد الضغوط عن مصر
إذا كان هناك ضغط أمريكي على مصر لفتح سيناء كوجهة للمهجّرين، فقد تكون خطوة الأردن هذه محاولة لاستباق الأحداث ومنع تصعيد الأمور نحو سيناريو التهجير القسري.
هل هذه بداية تنفيذ الخطة؟
لا يمكن الجزم بذلك حاليًا، لكن التاريخ يُظهر أن التهجير القسري يبدأ غالبًا بخطوات صغيرة. لهذا، فإن المراقبة الدقيقة لتطورات الوضع ضرورية. إذا تبع هذا القرار خطوات أخرى تقود إلى توطين الفلسطينيين في الأردن، فحينها يمكن الحديث عن تغيير جذري في الموقف. أما الآن، فلا يزال الأردن يؤكد موقفه الرافض رسميًا لأي تهجير.
أما التساؤلات حول توقيت الإعلان عن استقبال 2000 طفل مصاب من غزة، ولماذا لم يتم اتخاذ خطوة مماثلة سواء من الأردن أو مصر خلال الحرب عندما كان القطاع يتعرض لقصف عنيف التي فتحت فقط للبعض بشرط سداد رسم مالي كما تردد، تتمثل الإجابة وتفسيرات ذلك سياسيا فيما يلي:
1- السياق السياسي والتوقيت
- خلال الحرب، كان هناك ضغط إقليمي ودولي شديد على جميع الأطراف، ولم تكن هناك رغبة لدى أي دولة عربية في فتح الباب أمام أي تحرك قد يُفسَّر كخطوة نحو التهجير، حتى لو كان لأسباب إنسانية.
- مصر والأردن كانا يرفضان أن يُستخدم السماح بدخول الفلسطينيين كذريعة لفرض "الأمر الواقع" الذي قد يؤدي لاحقًا إلى توطين دائم، خاصة مع التصريحات الإسرائيلية التي كانت تلمّح إلى إخراج سكان غزة.
2- اعتبارات أمنية وسيادية
- مصر والأردن كانا حذرين من فتح حدودهما على نطاق واسع خلال الحرب، خوفًا من تداعيات أمنية أو حتى سياسية داخلية.
- في حالة مصر، فرض رسوم دخول عالية (5000 دولار على سبيل المثال) كان يبدو كآلية لمنع تدفق اللاجئين إلا في حالات استثنائية، حيث كانت القاهرة تخشى أن تتحول سيناء إلى نقطة تجمّع دائمة للنازحين.
- الأردن لديه حساسية شديدة تجاه فكرة استقبال أعداد كبيرة من الفلسطينيين، نظرًا إلى التركيبة السكانية والسياسية في المملكة.
لماذا الإعلان الآن؟
- قد يكون توقيت الإعلان مرتبطًا بمحاولة تهدئة الضغوط الدولية بعد اللقاء مع ترامب، وربما كخطوة استباقية لاحتواء أي تحرك أمريكي أو إسرائيلي يدفع نحو التهجير الجماعي.
- تقديم العلاج لـ2000 طفل لا يعني بالضرورة استقبال عائلاتهم بالكامل، ولكن يمكن أن يكون خطوة رمزية لكسب بعض النقاط دبلوماسيًا.
هل يمكن اعتبارها خطوة نحو التهجير؟
- قد تكون هناك مخاوف مشروعة من أن أي دخول للفلسطينيين إلى الأردن أو مصر قد يُستخدم لاحقًا كحجة لتوطينهم. ولكن حتى الآن، لا يوجد دليل قاطع على أن استقبال الأطفال المصابين هو جزء من مخطط تهجير واسع، خاصة إذا كان هناك التزام بعودتهم بعد العلاج.
ملخص ما سبق إزاء التطورات الراهنة مع خطط وتصريحات رئيس أكبر دولة في العالم عسكريا واقتصاديا تعتبرها بريطانيا أكبر حليف للولايات المتحدة غير قابلة للتنفيذ، مؤداه أن الموقف ليس بسيطًا وهو ليس إنسانيًا بحتًا كما يتم تصويره، لكنه أيضًا لا يعني بالضرورة تنفيذ خطة تهجير مباشرة. الدول العربية تتعامل مع هذه القضية بحذر شديد، لأنها تدرك أن أي خطوة غير محسوبة قد تُستغل سياسيًا لصالح مشاريع تصفية القضية الفلسطينية.