عاجل
الثلاثاء 8 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي
نومًا مقبولًا وإفطارًا شهيًا

نومًا مقبولًا وإفطارًا شهيًا

أنا في حيرة من أمري، أنا هتجنن، لأنني إذا كنت إنسانا متعلما ومثقفا ومطلعا على كثير من أمور الدنيا والآخرة لكنني أعلم أنني جاهل إلى حد بعيد دينيا وغير متبحر في أمور فقهية معاصرة لذلك أصبحت متابعا يومياً لفتاوي الجهات الرسمية كدار الإفتاء المصرية لمعرفة أمور الدين والدنيا والحياة وليتني لم أقرأ لهم هذه المرة.



فمن باب الأمر والنهي وقفت شاردا حائرا أمام فتوى العالم الجليل الدكتور محمود الطحان أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية الذي أوضح في فتوى نزلت على كالصاعقة بأن النوم أثناء الصيام لا يبطله ولا يؤثر على صحته، مشيرًا إلى أن الصائم إذا نام طوال النهار حتى أذان المغرب فصيامه صحيح ولا إشكال فيه.. فهل هذا كلام يا حضرة أمين الفتوى يقال لجمهور الصائمين العابدين السائلين الواثقين والمحبين لدار الإفتاء وعلمائها الكرام في الشهر الكريم.

مولانا الطحان هذا فراق بيني وبينك فبدلاً من الحديث عن فوائد الصيام الصحية والاقتصادية والإنتاجية والنفسية للتخلص من شهوة الأكل والشرب وكثرة النوم والتخمه وضياع الأجر والثواب أصبحنا نفتي للناس بالنوم الحلال وفوائده وتفسير الأحلام في شهر رمضان الفضيل.

هو نوم الظالم عبادة يا مولانا أم نوم الصائم عبادة ألا تشاهد فضيلتكم يومياً ملايين المصريين الكادحين والكادحات في الشوارع يعملون ليل نهار لبناء وطنهم وأنفسهم بكل فخر وعزيمة وتضحية. "وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ" الشورى 36

وبدلاً من حث الجمهور على مواجهة عاداتهم وممارساتهم الخاطئة خلال رمضان من كل عام باتت الفتوي مطوعة وجاهزة لإرضاء النائمون الذي يقال عليهم صائمون دون أن ننظر إلى الآثار الإيجابية التي يحققها الصوم على المستوى الاجتماعي والاقتصادي فالعمل عبادة فما بالك لو كنا صائمون لله. "كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ" آل عمران 110.

كنت أتمنى وانتظر من صاحب الفتوى أن يفتي للناس في الدين عن فوائد العمل والقيام في الصيام وان تسخر فتوي مولانا الشيخ في دفع الصائمون إلى الاجتهاد لطلب الرزق ولقمة العيش في رمضان والإخلاص في العمل بدلاً من تضييع وقت الصيام في النوم والأحلام وتراجع الإنتاج وزيادة البطالة وتأخر الازدهار والإعمار. "وَمَا أُوتِيتُم مِّن شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا ۚ وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ ۚ أَفَلَا تَعْقِلُونَ" القصص 60.

في حياة النبي محمد ﷺ كانت أهم المعارك في رمضان شهر العمل والجهاد في سبيل الله وعلماء دار الإفتاء والأزهر الشريف أعلم مني ومن كل مسلم بهذه المعارك حيث قام النبي الكريم بالدخول في معركة بدر علي سبيل المثال التي كان للمجاهدين الصائمين العزة والكرامة، وقام رسول الله في شهر رمضان بفتح مكة وانتصر وساد الاسلام بهذا الفتح العزيز وكل ذلك في نهار رمضان ولا ننسي عبور ابطال مصر في حرب العاشر من رمضان 73 وتحقق النصر واستعادة الأرض لمصر والمصريين وكان شعارهم الله أكبر.

نعلم أن دار الإفتاء المصرية تريد لسائليها السعادة والطمأنينة لكن هل فتاوي النوم في العسل وترك العمل والإنتاج سيجعل السائلين أغنياء راضين أم فقراء لا يعملون في رمضان فأين السعادة والناس نايمين فالاعمال الصالحة يضاعف أجرها في رمضان. "فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُون" الجمعة 10.

أنا الآن أسأل الشيخ الطحان وأنتظر أن يفتي لنا عن مدى التعارض أو التوافق بين أن يقدم الصائم أمور الدنيا على الدين في نهار رمضان، وهل هناك تعارض بين فرضية الصوم وبين اجتهاد المومن في طلب رزقه ورزق اولادة الحلال لكي يكفيهم في ظل حالة التضخم وغلاء الأسعار الحالية العالمية وهل الرحمة والتخفيف واليسر الذي أخبرنا به الخالق نفهمه ونفسره على أساس الاستسلام للنوم أم بالضرب في الأرض طلبا للعيش والغذاء ولعلكم تشكرون وتهتدون.

أيها الدكتور نظير عياد سيادة مفتي الجمهورية ورئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم.. إذا كان مثل هكذا فتوي غير مسؤولة كانت قد صدرت من مشايخ الإرهاب مشايخ التشدد والكفر والضلال لقلنا هذا أمر عادي لأن مشايخ الإرهابيين اعتادوا على اللعب بالدين والفتاوى وتفسير آيات الله وفقاً لأهوائهم وتحقيقا لمصلحة جماعتهم وأتباعهم لكن أن تصدر هذه الفتوى من دار الإفتاء المصرية الرسمية فكيف نعلق وبمن نحتكم بعدكم سيادة المفتي. "كَذَٰلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ ۚ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً ۖ وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ ۚ كَذَٰلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ" الرعد 17.

سيادة الدكتور نظير.. قبل أن نراعي مشاعر ومشقة الصوم على الصائمين ونفكر في كيفية تفسير الدين لإيجاد رخصة لهم فيما يريديون لماذا لم نفكر في التضامن مع الفقراء والمحتاجين دينياً ونخرج لهم من الآيات القرآنية والسيرة النبوية ما يدفعهم للصبر علي العمل والصيام معنا لتحسين أوضاعهم المعيشية وبالتالي نكون قد ضربنا عصفورين بحجر واحد سهلنا عليهم اوقات الصيام ودفعناهم للعمل والكسب الحلال ومساعدتهم علي الفقر والعوز.

يا سيادة الدكتور أمين الفتوى الموقر.. أبدا لم يكن العمل في رمضان مفسدا للصوم عقلا أو شرعاً وأبدأ لم يفرض الله فريضة الصوم علي عباده لكي يناموا ويلعبوا ويتركوا أمور دنياهم وهو اللطيف الخبير بل إن مثل هذه الفتاوي هي التي حولت الشهر الفضيل الي شهر كسل وتراخ بدلاً أن نسهر طوال الليل أمام الدراما والمسلسلات وننام طوال النهار وللصبح المسلسلات شغالة.

أيها المسلم الصائم الصالح القائم العابد الخاشع.. أنت الآن تودع رمضان 2025 فلتعلم تمام العلم أن العمل شرف وكرامة وعزة والعمل عبادة وما أحلي من الصيام والعمل معاً ابتغاء لمرضاة الله وفضله ."إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ ۚ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا" النصر 1-3 

شعب وأبناء مصر الكرام.. عندما هاجم الارهابيون جنود جيشكم جنود مصر الأوفياء في سيناء وهم قائمون واقفون يحرسون حدود وطننا الغالي في مجزرة رفح الإرهابية التي أدمت قلوبنا كمصريين ، التي راح ضحيتها 16 جنديا، وأصيب 9 آخرون، إثر هجوم تعرضوا له من قبل عناصر ارهابية، لحظة إفطارهم فى مقر خدمتهم على نقطة حدودية فى مدينة رفح، يوم 17 رمضان 1433 هجرى الموافق 5 أغسطس عام 2012 استشهد الأبطال من الجنود المصريين صائمين وأسلحتهم في رقابهم وأعناقهم ولم يكونوا فاطرين أو لاعبين نائمين فلنتخذ من مثل هذه البطولات نبراثا لنا في أيام الصيام والقيام عندما نفتي للعامة ولله الأمر من قبل ومن بعد.

وعيد سعيد ،،

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز