نساء ملهمات يعلمن الصحافة والإعلام!

حتى لا ننسى.. وأرجو أن نتذكر وسط المآسي الإنسانية، والسياسات المباشرة وغير المباشرة  التي تمر بها المنطقة، إنه لا بديل عن الوقوف والاستمرار لأن الحياة تمضي، فدعونا نفرح ولو بالقليل من السعادة، ونضئ شموع الأمل نحاول من خلالها الخروج مما نحن فيه، فنقيم الأفراح والاحتفالات بالمكان الذي تخرج منه 5 رؤساء عرب وملايين العرب والمصريين وحاز  ثلاثة من خريجيها على جائزة نوبل. 

 ففى مثل هذه الأيام من مئة عام وتحديداً فى مارس 1925 صدر المرسوم الملكي بانشاء الجامعة المصرية لتصبح بعد ذلك "جامعة فؤاد الأول"، ثم جامعة القاهرة حالياً ، وكان للمرأة دوراً في الإعلام، ومجاله الأكاديمي، فتولت المرأة في السنوات الاخيرة دوراً ريادياً. وتعد كليه الإعلام أحد الأماكن المهمة الذي يهتم بحق المرأة في تقلد الوظائف القيادية، فعند البحث في تاريخ الكلية نجد أن هناك ست نساء حصلن على منصب عميد الكلية علي مدار تاريخها، بل وأثبتن جدارتهن في  قيادة الكلية، والجدير بالذكر أن عدد عمداء الكليه منذ نشأتها حتي الآن خمسة عشر، إلا أن تولي المرأة لمنصب عميد الكلية لم يكن أمرًا سهلًا على المجتمع، خاصة أنها ترأس عددًا كبيرًا من الأساتذة.

وعند البحث في أسماء العميدات فنجد أول هذه الأسماء الدكتور جيهان رشتي التي تعد أول عميدة لكلية الإعلام بجامعة القاهرة؛ حيث تولت منصب العمادة لمدة 6 سنوات خلال التسعينيات من القرن الماضي، عملت كأستاذ متفرغ بجامعة القاهرة ونائب لرئيس جامعة مصر، وعضو سابق بمجلس أمناء اتحاد الإذاعة والتلفزيون، وتعد واحدة من رائدة الدراسات الإعلامية في مصر وعضو سابق بالمجلس القومي للمرأة.أما العميدة الثانية فهي الدكتوره  ماجي الحلواني أستاذ الإذاعة والتليفزيون التي تولت عماده الكلية عام 2002.تليها الدكتوره ليلي عبد المجيد أستاذ الصحافة التي تولت منصب العميدة بعد الدكتورة ماجي الحلواني مباشرة. 

 وفي عام 2014، تولت دكتورة جيهان يسري حسين ابو العلا، منصب عميد لكلية الإعلام بجامعة القاهرة لمدة ثلاث سنوات، خلفًا للدكتور حسن عماد مكاوي, حيث أصدر رئيس  الجمهورية  قرارا بتعيينها عميدة, وكانت تشغل قبل ذلك وكيلًا للكلية لشؤون التعليم والطلاب، ثم أصبحت قائما بأعمال عميد الكلية، حتى صدور قرار بتعيينها عميدا  لكلية الإعلام جامعة القاهرة.  وهي تعد بذلك ثالث عميدة, حيث شغلت د.جيهان رشتى العمادة من 88 وحتى 94 منذ إنشاء الكلية عام 71، كما شغلت د. ليلى عبد المجيد العمادة من  2007. وحتى 2010. عند تولي د. جيهان يسري العمادة ، اجتهدت إلى جانب دورها الأكاديمي في أن تتواصل الكلية مع الخريجين الذين يشكلون محوراً مهماً فى الإعلام المصري بالأضافة إلي جهود الكلية لتطوير مهارات الطلاب، وإيجاد فرص العمل من خلال ملتقي التوظيف  الأول الذي نظمته الكلية عام 2015، وقامت الكلية بعدد من مبادرات منها مبادرة مصر فى عيونك، وتجديد الخطاب الديني حصلت الكلية على الاعتماد الأكاديمي من الهيئة القومية وللاعتماد والجودة، كما اسست كلية الإعلام مجلس اتحاد كليات الإعلام العربية عام 2015 ليكون مقرها في كلية الإعلام، وقد تولت منصب أمين المجلس لدعم الكليات والمعاهد العربية، ومن ارائها فى بعض الاعلام اثناء توليها العمادة، ضاربة المثل بقناة الجزيرة، خلال كلمتها في المؤتمر العلمي الدولي الـ23، تحت عنوان «وسائل الاتصال وقضايا الصراع في العالم»، في قاعة مؤتمرات كلية إعلام جامعة القاهرة، أن الدول الكبرى تبث وسائل الإعلام باللغة العربية للتأثير على المنطقة العربية، كما أن وسائل التواصل الاجتماعي حققت نجاحا، لأنها تتيح رجع صدى وصور وفيديو. مؤكدةً، أن بعض الدول أنشأت قنوات فضائية للتأثير على دول أخرى، مثل قناة «الجزيرة»، التي تقود صراعات، ولها دور في نشر الفوضى، والتدخل في الشأن المصري، لافتة إلى أن الفضائيات تحولت إلى أدوات في الصراع، وتسعى إلى تقديم تصوراتها وفي ظل غياب الموضوعية. وأضافت يسري، أن بعض القنوات ارتكبت جرائم السب والتشهير، والانتقام ونشر الشائعات وإشعال الصراع والتأثير على الرأي العام، ونشر أفكار الإرهابيين، وعدم المعالجة الموضوعية وإبراز قضايا هامشية.. ومن الوفاء كقيمة إنسانية افتتح فى عهدها بالكلية ط استديو تدريبى يحمل اسم الدكتورة جيهان رشتي أول عميدة سيدة لكلية الإعلام المُهدّى من شركة أبو ظبي للاستثمار الإعلامي وأعددته قناة سكاي نيوز العربية .  كذلك نجحت فى تحقيق حلم بأطلاق بث أذاعة "إعلام أون لاين" بإرسال يتضمن ثلاثة أخبار موجز تغطى أخبار الجامعات المصرية وأهم الأخبار المحلية والعالمية باللغتين العربية والإنجليزية ، ثم أكملت قنوات الاتصال بقناة "إعلام TV" كمعايشة حقيقية للعمل الإعلامي ، وزيادة كفاءة الطلاب بخبرة العمل الإعلامي.  لكنها قدمت استقالتها بعد ثلاث سنوات.. وقالت الدكتورة جيهان يسري، في استقالتها التي عرضت على مجلس الجامعة اليوم ووافق عليها: "أتقدم إليكم بالاستقالة من منصب عميد كلية الإعلام بجامعة القاهرة، الذي تم تعييني فيه من الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية أكتوبر عام 2014 واستمر فيه حتى الآن بناء على قرار مجلس جامعة القاهرة فى يوليو 2017 الذي ينص على استمرار العمداء والوكلاء فى مناصبهم استمرارا للعمل في الكليات لحين صدور قرار جمهورى بتعيين عميد جديد". ونصت الاستقالة  على: "ها هي كلية الإعلام يتم تسليمها اليوم كلية إعلام معتمدة بل الوحيدة فىمصر منذ عام 2017 وبها مقر الأمانة العامة للجمعية العربية الوحيدة الآن فى الجامعة وهي جمعية كليات الإعلام باتحاد الجامعات العربية منذ سبتمبر  2015 كما يتم تسليمها أيضا وبها الكثير من الإنجازات التي وعدت بها فأوفيت الوعد والتي سبق عرضها على مجلس الجامعة نوفمبر 2017 بالتفصيل وموثقة وكذلك عرضها على مجلس الكلية أكتوبر 2017".

واستكملت الاستقالة: "ختاما.. أدعو الله أن أكون أديت الأمانة التي سيسألني الله عنها في مدار سنوات العمادة الأربعة وأديت جميع مهامي على خير وجه بلا استثناءات أو تنازلات، وبذلت كل ما في وسعي، حفاظا على اسم هذا الصرح "كلية الإعلام جامعة القاهرة" وعلى مكتسباتها والتي جعلت الجميع يحرص على الالتحاق بها والانتماء إليها". 

قدمت استقالتها 2018 لتخلفها في منصب العميد الدكتورة هبة الله بهجت السمري وكيل الكلية  لشؤون الدراسات العليا والبحوث في ذلك الوقت، بدأت عمادتها بدراسة  تغيير المناهج الإعلامية بأقسام الكلية الثلاثة الصحافة والعلاقات العامة والإذاعة والتليفزيون، لمواكبة ثورة الإعلام الرقمى فى الوقت الحالى، والاعتماد بشكل أكبر على الجوانب العلمية لتنمية مهارات الطلاب، وسعت للحصول على الاعتماد الدولى  من هيئة الاعتماد الدولية ASIC.

كما اعتمدت إجراء اختبارات القدرات للالتحاق بكلية الإعلام، وتعتمد اختبارات القدرات  على حصيلة المعلومات العامة الموجودة لدى الطالب، لأنها معلومات لا تحتاج إلى مجهود فى اكتسابها، وتقيس  مستوى ثقافة الطالب ومسيرته للأحداث الجارية وقياس مدى اطلاعه على الصحف والأخبار والبرامج التليفزيونية، ولا يحتاج الطالب إلى مدة زمنية لمذاكرة معلومات عامة فهى ثقافة يتم اكتسابها وليس لها منهج محدد.، فالعمل الإعلامى يعتمد بشكل كبير على مهارات التواصل إلى جانب الدراسة الأكاديمية، فالدراسة الأكاديمية وحدها لا تصنع إعلامياً متميزاً، والمجموع ليس هو الشفيع الوحيد للطالب الملتحق بالكلية، فإذا لم تكن لديه الموهبة لن يستطيع أن يكون لديه القدرة على العمل  الإعلامى، وكانت اختبارات القدرات بغرض فرز الطلاب المتقدمين لاختيار من لديه الموهبة وهذا بدوره  سيحل مشكلة المهنية التي يعانى منها الإعلام المصري فى الوقت الحالى. وقد اختيرت السمري  ضمن 100 شخصية مؤثرة فى الوطن العربي فى مسابقة اتحاد رواد الأعمال العرب ، فى نسخة الموسم الرابع من موسوعة رواد الأعمال وقادة التنمية EPDL ، وترصد الجائزة لرموز عربية في مصاف المسيرة الدولية الرائدة للمسؤولية المجتمعية وفق أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة 2030 ، وبرنامج مسار الأمم المتحدة للمسؤولية المجتمعة ITS وهي عبارة عن مائة  قصة من قصص نجاح رموز المجتمع العربي والأفريقي من القادة واصحاب المشروعات ورواد العمل المجتمعي ، والإعلاميين  .  قدمت السمري استقالتها من جامعة القاهرة ، لتتقلد عمادة كلية الإعلام بجامعة النهضة ، كما أنجزت  العديد من البحوث والدراسات فى مجال الإعلام تم نشرها في دوريات علمية محلية وإقليمية ودولية. 

بعدها تولت الدكتورة هويدا مصطفى العمادة فى 2018 لتكون المرأة السادسة ممن حصلن على منصب عميد الكلية ، بعد أن كانت وكيل كلية الإعلام لشؤون الدراسات العليا والبحوث، وتدرجها في عدة مناصب ، منها منصب عميد المعهد العالي للإعلام ، ورئيس قسم الإذاعة والتلفزيون بالأكاديمية الدولية للإعلام ، ورئيس قسم الإذاعة والتليفزيون بكلية الإعلام جامعة 6 اكتوبر ، ورئيس لمركز التدريب والتوثيق الإعلامي بكلية الإعلام جامعة القاهرة ، كما شغلت منصب عميدة المعهد الدولي العالي للأعلام بأكاديمية الشروق ، وعينت عميداً لكلية الإعلام جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا عام 2023 ، اما عن البداية منذ حصولها على الشهادة الابتدائية والإعدادية من مدرسة " الراهبات الفرنسيسكانية " الفرنسية ، وعلى الثانوية العامة من مدرسة " المير دي ديو Mere De Dieu الفرنسية ، لتبدأ دراساتها الجامعية بكلية الإعلام جامعة القاهرة ، وحياتها العملية كعميدة بقسم الإذاعة بكلية الإعلام ، ثم مدرساً مساعدا بالقسم ذاته ، ثم أستاذًا مساعدا وترقت إلى رتبة استاذ فى 2005 . لتحوز على جائزة التفوق من المجلس الأعلى للثقافة فى العلوم الاجتماعية عام 2019 . وهي عضو اللجنة الوطنية للتشريعات الإعلامية والصحفية ولجنة تطوير الأداء الإذاعي في " الهيئة الوطنية للإعلام " وعضو لجنة الإعلام فى المجلس الأعلى للثقافة ، وعضو أمانة " المجلس الأعلي للجامعات " بقطاع الإعلام " .  من المؤلفات الهامة فى مجال الإعلام العديد من الكتب المهمة التي تعد مرجعًا أساسيَّا للعاملين فى مجال الإعلام، منها الإعلام ومواجهة الإرهاب " ، و  " الإعلام وإدارة الأزمات " ، وصدر لها منذ اسبوع فى معرض القاهرة الدولي للكتاب " الإعلام المعاصر والتنمية المستدامة " ،  فى دورته ال 56 ، يتناول الكتاب ويناقش القضايا المتعددة من المسؤولية الملقاة على عاتق وسائل الإعلام المختلفة ، بالإضافة إلى وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها من أشكال الإعلام الجديد بفنونه وأشكاله المختلفة. 

العميدات الست نماذج رائعة للمرأة المصرية في الإعلام ، المرأة المدركة لقضايا مجتمعها لما أثبتته خلال تاريخها فى مجال الإذاعة، والتليفزيون، والصحافة من أنها أكثر قدرة على تفهم القضايا الاجتماعية وإبرازها ، نماذج نجحت فى بناء مدارس إعلامية تعكس الواقع فى المجتمع  وبناء الكوادر وترسيخ الإيمان بالإعلام ومصداقيته .