

مودي حكيم
85 عاما صحافة 21
رجل همه "تعمير الإعلام"
كفَى بالعِلْمِ شَرَفًا أنَه يُحْسنه، فقِيمَةُ الْمَرْءِ قَدْرُ ما يُحْسِنُ، همه الإعلام وتنظيمه، صاحبنا البروفيسور حسين أمين أضاع الكثير من سنوات عمره في مئات الاجتماعات محاولات لتنظيم الإعلام ووضع ضوابط لها من خلال وضع قوانين ولوائح ومجالس مُنظمة له، إلى أن ظهرت القوانين المنظمة مؤخراً ، وأصبح مناصراً للهيئة الوطنية للإعلام ومدافعاً عن الهجوم الذي يوجّهه البعض ضدها، غير مستخدم لمفهوم إصلاح الإعلام بل «تعمير الإعلام»؛ لأنه مؤمناً بشديد الحاجة، لتنمية المنظومة الإعلامية في مواجهة أخطار إرهابية ضخمة، فالتنظيمات التي تستهدف هدم استقرار مصر لم تنته من حملتها الممنهجة حتى الآن.
وهو من مؤيدي الذكاء الاصطناعي، ويرى أن تجربة توظيف أدوات الذكاء الاصطناعي في الترجمة الإعلامية أثبتت فاعليتها في تحسين الكفاءة، تخفيض التكاليف التشغيلية والعمل بشكل مستمر على مدار الساعة، ويوصي بضرورة مواكبة المؤسسات الإعلامية للتطورات التكنولوجية الحديثة في مجال الذكاء الاصطناعي مع الحفاظ على جودة المحتوى المقدم، مراعاة التوازن بين تعليم وتدريب الطلاب على استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي وبين تدريبهم على التفكير والابتكارو الإبداع البشري، تطوير الموارد البشرية بما يتناسب مع التطورات المتلاحقة في مجال الذكاء الاصطناعي، وضع تشريع قانوني يجرم استخدام الذكاء الاصطناعي في مجال التزيف العميق والنص المضلل، تكوين تكتلات إعلامية عربية لمتابعة تطورات وتحديات الذكاء الاصطناعي، توفير الكوادر والكفاءات البشرية وتبادل الخبرات لتدريس المناهج المرتبطة بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي.
يخطئ الكثيرون فى الخلط بين اسمه، واسم شخصيتان بارزتان فى التاريخ والآدب.. أولهما شيخ المؤرخين العراقيين العلامة الدكتور حسين أمين، ابن بغداد، التحق بجامعة الإسكندرية وحصل منها على الماجستير عام ١٩٥٨ بتقدير، وهو أول طالب عربي يحصل من هذه الجامعة على الدكتوراه وينال جائزة تقديرية من لدن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر. الف مجموعة من الكتب، اضافة إلى مؤلفات مخطوطة. اشتهر كوجه تلفزيوني في الستينيات من القرن الماضي حيث قدم برنامج ثقافي تاريخي باسم (ثقافة الاسبوع). أما ثاني اكبر نشاط سياسي له فهو اختياره ضابطاً للارتباط بين الضباط الأحرار المصريين قبل ١٤ تموز ١٩٥٨ والرئيس الراحل عبد الناصر بواسطة الليثي عبد الناصر زميله في الدراسة. والثاني الكاتب والدبلوماسي حسين أحمد أمين كاتب ومفكر ودبلوماسي مصري. وهو ابن الأديب الكبير والمؤرخ الإسلامي أحمد امين، وأخوه الكاتب جلال أمين . أشهر ما كتب هو كتاب «دليل المسلم الحزين»، وحصل به على جائزة أحسن كتاب بمعرض القاهرة الدولي للكتاب، خريج كلية الحقوق عمل محاميًا، فمذيعًا بالإذاعة المصرية، فمذيعًا بالقسم العربي بهيئة الإذاعة البريطانية. التحقَ بالسِّلك الدبلوماسي المصري وعمل ملحقًا فسكرتيرًا ثانيًا بالسفارة في موسكو، فمستشارًا بالسِّفارة في نيجريا، فوزيرًا مفوَّضًا بالسفارة في بون بإلمانيا فقنصلًا عامًّا في البرازيل، ثم سفيرًا لمصر في الجزائر. انتُدب في أثناء عمله بوزارة الخارجية مستشارًا فنيًّا لوزير الثقافة آنذاك يوسف السباعي، وأعير للعمل نائبًا لمدير مركز الأمم المتحدة للإعلام بالقاهرة.
أما صاحبنا الشاب السبعيني حسين أمين فهو ابن مدينة الإسكندرية، ودرس سنواته الأولي بدار التربية للمربية الفاضلة نوال الدجوي، ثم مدرسة النيل الابتدائية، ومدرسة احمد ماهر فى المرحلة الإعداديّة بالمنيل، وحصل على شهادة الثانوية من مدرسة الإبراهيمية بجاردن سيتي، ليلتحق بعدها بكلية الفنون التطبيقية ليدرس التصوير السينمائي والتليفزيوني جامعة حلوان "العاصمة حالياً". ليكمل دراسته بلندن، ينتقل بعدها لجامعة أوهايو.
ثلاثة أشخاص أثروا فى حياة الشاب المحارب الباحث الأكاديمي المثير للاهتمام، في مطلع دراساته الأكاديمية، فاحتضنوه.. البروفيسور د. سعد ناجي الذي كرس حياته لقضايا العدالة الاجتماعية، أستاذ علم الاجتماع والسياسات العامة فى جامعة ميرشون، وعالم الاجتماع الطبي فى جامعة ولاية أوهايو، إلى أبحاثه التأسيسية في مجال الإعاقة، وبعد تقاعده عمل أستاذًا باحثًا ومديراً لمركز البحوث الاجتماعية فى الجامعة الأمريكية، معززاً تركيزه على مجتمعات الشرق الأوسط، وترك مشروعاً يقترح إنشاء منظمة دوية لمساعدة الدول فى تطوير المؤسسات الديمقراطية. والثاني المصري الأصيل ابن شبين الكوم، د. علي زكريا الجابري الذي كان يعمل فى التصوير الجوي فى القوات الجوية المصرية، ثم قاده طموحه إلى أمريكا، حيث حصل على الماجستير من كلية السينما بجامعة كاليفورنيا، ثم حصل على الدكتوراة في الاتصالات من جامعة أوهايو، ودرّسَ فيها لسنوات، وكان من طلابه الشاب حسين أمين، وشغل بعدها الجابري منصب مدير الشؤون الدولية في كلية الهندسة . أثر الأستاذان في حياة حسين أمين بمحبتهم وحكمتهم وعطائهم.
والغريب بل المدهش في حياة حسين أمين، عندما تقدم للحصول على الترقية لدرجة الأستاذية، أن يترأس العالم وأستاذ الاتصالات الإعلامية جورج جرينر، لجنة المناقشة، وقد عمل بالتدريس فى جامعة تمبل وجامعة فيلانوفا وجامعة بنسلفانيا، وهو صاحب نظرية الغرس الثقافي التي بدأها فى الستينيات بجامعة بنسلفانيا للتعرف على تأثير العنف التليفزيوني على المجتمع الأمريكي، بعد فترةً الاضطرابات والعنف التي شهدها، وبعد اغتيال مارتن لوثر كنج و روبرت كينيدي، والتي تؤكد قدرة وسائل الإعلام، بالتأثير على معرفة الأفراد وإدراكهم، وغرس اتجاهات ومعتقدات فى عقول الناس، مما دعا الرئيس الأمريكي ليندون جونسون عام 1967 إلى تكليفه بتشكيل لجنة قومية لدراسة كيفية اتخاذ تدابير وقائية ضد العنف، فكان العالم جرينر الشخصية الثالثة التي احتضنت المناضل من أجل العلم والإعلام د.حسين أمين، أضاءوا له الطريق ورافقوه حتى حصل على درجة الدكتوراه من جامعة ولاية أوهايو وأصبح العميد لكلية الإعلام بالجامعة الأمريكية.
فى البداية عمل أمين مراجعًا في مجلة الاتصالات (JC) (Q2)، ومجلة البث والإعلام الإلكتروني، ومجلة الاتصالات الأوروبية، ومؤتمر الطريق السريع لأفريقيا، ولجنة فولبرايت الثنائية، والمؤسسة العلمية الكويتية، ومطبعة الجامعة الأمريكية بالقاهرة، ويشغل الآن منصب مدير مركز كمال أدهم للصحافة التليفزيونية والرقمية بكلية الشؤون الدولية والسياسات العامة بالجامعة الأمريكية بالقاهرة.
وقد دُعي كمحاضر في العديد من الجامعات حول العالم، وألقى محاضرات رئيسية في العديد من المنظمات الإعلامية الدولية وجمعيات الاتصال. ومساهم نشط في عدد كبير من مجلات الاتصال والمنشورات الإعلامية المعترف بها دوليًا. بالإضافة إلى عمله الأكاديمي، حظي أمين بتقدير كبير لمشاريعه الإعلامية وعمله المهني. كما حصل على العديد من الجوائز تقديرًا لمساهماته في مجال الإعلام والاتصال.
تركز أبحاث أمين بشكل رئيسي على أنظمة الإعلام العالمية، مع التركيز على قوانين ولوائح وسياسات الإعلام في الشرق الأوسط. وهو شغل عدة مناصب قيادية في هياكل إعلامية وطنية وإقليمية وعالمية.
كان عضوًا في مجلس أمناء اتحاد الإذاعة والتلفزيون المصري على مدي 22 عاماً، الهيئة الإدارية للبث الإذاعي والتلفزيوني في مصر، حيث قاد العديد من جوانب إعادة هيكلة البث في الدولة.
فقد كان عضوًا في مجلس أمناء الشركة المصرية للاتصالات، الشركة الوطنية للاتصالات في مصر، وعضوًا مؤسسًا في شركة الهاتف المحمول (WE)، عضوًا في مجلس أمناء معهد تكنولوجيا المعلومات (ITI)، وأحد الأعضاء الذين أشرفوا على مشروع التقارب الإعلامي. عمل مستشارًا أول لقسم الإعلام والاتصال بجامعة الدول العربية، حيث قاد، نيابةً عن الجامعة، جهود صياغة ميثاق الأقمار الصناعية العربي، وهو مجموعة من المبادئ التوجيهية للبث الفضائي في العالم العربي، واستراتيجية إعلامية للمرأة العربية لمنظمة المرأة العربية، التابعة لجامعة الدول العربية.
كما كان عضوًا في مجلس إدارة المركز العربي لسيادة القانون والنزاهة (لبنان)، وهو عضو في المركز العربي للإعلام. أمين عضو مؤسس في شبكات تلفزيون نايل سات المتخصصة (NTN حاليًا)، وعضو في اللجنة الوطنية لرصد الإعلام خلال الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المصرية. كما كان عضوًا في عدد من المجالس الأخرى، منها المجلس الاستشاري لمؤسسة الفكر العربي (لبنان)، ومجلس أمناء الأكاديمية الدولية للإعلام وعلوم الهندسة (القاهرة)، ومجلس خبراء مبادرة التأثير العالمي (الولايات المتحدة الأمريكية). كما شغل منصب رئيس المجلس الاستشاري لرابطة الدفاع العربية. أمين عضو في مجلس إدارة المعهد الدولي للإعلام (IMI). وناشطٌ جدًا في الجمعيات المهنية في مجاله. وهو الرئيس السابق للجمعية العربية الأمريكية لمعلمي الاتصال (AUSACE)، والرئيس السابق للقسم الدولي لجمعية تعليم البث (BEA) (الولايات المتحدة الأمريكية)، عضوٌ في اللجنة الاستشارية الدولية ولجنة البرامج التابعة للمؤتمر العالمي لدراسات الشرق الأوسط (ألمانيا)، وكان عضوًا في فريق عمل التدويل التابع لجمعية تعليم الصحافة والاتصال الجماهيري (الولايات المتحدة الأمريكية). عمل أمين في المجلس الاستشاري لمشروع الإعلام العربي بجامعة كامبريدج (المملكة المتحدة)، وفي عام 2006، ترأس المؤتمر السنوي الخامس والعشرين للجمعية الدولية لبحوث الإعلام والاتصال (IAMCR) . أمين مساهمٌ نشطٌ في قائمةٍ واسعةٍ من المجلات الأكاديمية والمهنية والمنشورات المعترف بها دوليًا في مجال الاتصالات والإعلام. وهو رئيس تحرير مجلة "الإعلام والمجتمع العربي"، وهي مجلةٌ ربع سنويةٌ يصدرها مركز كمال أدهم للصحافة التلفزيونية والرقمية في الجامعة الأمريكية بالقاهرة.
كتاباته نُشرت على نطاق واسع في كتب ومجلات أكاديمية في الولايات المتحدة الأمريكية، وأوروبا، وأفريقيا، والشرق الأوسط. يُعد كتاب أمين عن "الخطاب المدني والتواصل في العصر الرقمي في الشرق الأوسط" الصادر عن دار نشر Ablex مرجعًا للعديد من باحثي الاتصال الجماهيري في هذا المجال. ألّف أمين العديد من فصول الكتب، والدراسات، والمقالات البحثية باللغتين الإنجليزية والعربية، وأشرف على رسائل ماجستير ودكتوراه في أنحاء عديدة من العالم. قدّم أمين أوراقًا بحثية في أكثر من مئة مؤتمر أكاديمي دولي . إلى جانب حصوله على العديد من الجوائز تقديرًا لإسهاماته في هذا المجال، منها جائزة ستيفن هـ. كولترين للتميز في نظرية الاتصال من الجمعية الدولية للإذاعة والتلفزيون (IRTS) (نيويورك)، وميدالية الشرف من مؤسسة نايل سات (مصر) ومدينة الأزهر الشريف (القاهرة)، والمنتدى الدولي للاتصال الحكومي (IGCF) في الشارقة، الإمارات العربية المتحدة، والعديد من الجوائز الأخرى من جامعات مختلفة.
ورغم هذه المناصب العديدة، المتعددة والإسهام المذهل، فهو مهموم بالإعلام الحكومي، وما يواجهه من تحديات، وخلق جيل جديد يحمل مسؤولية الإعلام الوطني مستقبلاً.