المخرج عمرو عرفة فى حوار لـ «روزاليوسف»: الفن المصرى تناول القضية الفلسطينية بجرأة ومصداقية
حوار- آية مجدى
قال المخرج الكبير عمرو عرفة: إنه يحرص على التنوع فى تقديم أعماله، ويبحث دائمًا عن كل ما هو جديد ويفكر فى مشاكل الناس سواء سعادتهم أو همومهم، ويحاول أن يقوم بتقديم أعمال تعطيهم أفكارًا جديدة، وكان من ضمن هذه الأعمال» الشبح، والسفارة فى العمارة، وأفريكانو، ومن 30 سنة.”
وتحدث عرفة فى حواره الخاص لـ”روزاليوسف” عن آخر أفلامه “أهل الكهف”، وعن أبرز التحديات التي واجهها فى تحويل هذا النص التاريخى إلى فيلم سينمائى، وأصعب المشاهد فى الفيلم، وتناول رؤيته لعودة الأعمال التاريخية إلى الشاشة فى الفترة الأخيرة، بالإضافة إلى المعايير التي يتبعها فى اختيار أعماله، وتحدث كذلك عن تجربته فى مسلسل» مليحة» ومشهد تهجير الفلسطينيين، وأهمية الفن فى تناول القضية الفلسطينية، وتفاصيل أخرى فى السطور التالية:
■ فى البداية.. ما المعايير التي تركز عليها فى أى عمل تقدمه؟
أولًا أن يكون العمل يحمل فكرة إيجابية ومتنوعة، لأننى لا أريد تكرار ما قدمته سابقًا، فأنا أستمتع بالتنوع ولا أحب أن أصنف كمخرج كوميدى أو أكشن، بمعنى عندما أقدم عملا كوميديا، لا أريد أن يكون الفيلم التالى كوميديا أيضًا، رغم وجود مخرجين متخصصين فى هذا النوع، لكن أنا أفضل التنوع فهناك أعمال كثيرة قدمتها مثل «الشبح»، و»السفارة فى العمارة للزعيم عادل إمام، و»أفريكانو»، و»من 30 سنة»، و»جعلتنى مجرمًا»، فلا يوجد فيلم يشبه الآخر، فكل فيلم كان يحمل رسالة جديدة ومتنوعة.
■ يمثل فيلم أهل الكهف نقطة مضيئة فى السينما المصرية، فكيف بدأت رحلتك معه؟
فكرة الفيلم بدأت عام2018، عندما قرأت مسرحية أهل الكهف للكاتب الكبير الراحل توفيق الحكيم فى مكتبة والدى، حينها أدركت على الفور أن النص يمتلك بعدًا سينمائيًا قويًا، ووقتها اقترح السيناريست الراحل جابر عبدالسلام، تقديم الفيلم بطريقة معاصرة، لكنى فضلت أن يكون شكل الفيلم أقرب إلى المسرحية الأصلية، خاصة أننى حصلت على حقوق المسرحية من ورثة الكاتب توفيق الحكيم، بعد ذلك طلبت من السينارست أيمن بهجت قمر كتابة معالجة سينمائية وتحمس جدًا للفكرة، وبدأنا فى التحضير والكتابة.
■ لما تخوفت من فكرة تحويل مسرحية توفيق الحكيم إلى فيلم سينمائى؟
لم أشعر بالخوف على الإطلاق، فالفترة الزمنية التي تدور فيها أحداث القصة مليئة بالتفاصيل، وتوفيق الحكيم كتب المسرحية بأسلوب يحمل عناصر سينمائية، ولكن التحدى الأكبر بالنسبة لى كان فى الحفاظ على روح النص الأصلى دون إجراء تعديلات، ولكن المعالجة التي قدمها أيمن بهجت قمر أدهشتنى خاصة أنها جمعت بين الماضى والحاضر، وأضافت بعدًا جديدًا وهو قبل دخول الكهف، وهى تفاصيل لم تكن موجودة فى المسرحية الأصلية، وفى النهاية أنا فخور بالفيلم وسعيد بتواجده فى سيرتى الذاتية.
■ كيف كانت تحضيرات فيلم أهل الكهف؟
التجربة كانت صعبة للغاية، إذ سافرت العديد من مواقع التصوير فى دول مختلفة مثل تركيا والمغرب وأيرلندا، وعندما بدأنا فى التحضير للفيلم أجبرتنا أزمة فيروس كورونا على تأجيل التصوير لمدة تقارب العام ونصف العام، وخلال هذه الفترة انشغل أبطال الفيلم بتصوير أعمال أخرى، وعندما انتهى الوباء استأنفنا التصوير، ولكن توقف للمرة الثالثة بسبب مشاكل إنتاجية أدت إلى تغيير شركة الإنتاج، واستغرق العمل أكثر من 6 أعوام، حتى وصلنا إلى مرحلة العرض الأخيرة.
■ عادة ما تحتوى الأعمال الحربية على عناصر أجنبية.. فماذا عن الفيلم؟
90 % من فريق العمل من جنسيات مختلفة، واستعنا بخبراء من دول متعددة نظرًا لأن الفيلم تم تصويره خارج مصر، مما زاد من صعوبة عملية التصوير، لكنه ساهم فى تقديم عمل فنى متميز.
■ ما هى أصعب المشاهد التي واجهتك أثناء التصوير؟
مشهد نزول الفنان رشوان توفيق إلى الكهف، لصعوبة نزول وصعود الفنان الكبير أكثر من مرة، خاصةً أن موقع التصوير كان على عمق 80 مترا تحت الأرض، فكنت متخوفا جدًا عليه وكنت حريصا على سلامته، كما أن هذا المشهد ساهم بشكل كبير فى إطالة فترة التحضير الإنتاجى بسبب المعدات الخاصة التي تطلبها، فبالنسبة لى كانت الصعوبة فى التحضير الإنتاجى أكثر من كونها فى الإخراج، بالإضافة إلى تنظيم نزول وصعود الفنانين وتجهيز المعدات، وكان همى الأساسى هو سلامتهم، خاصة أننا لم نجد طرقا فى الكهف، بل قمنا بإنشاء طرق واستعنا بجمال واستخدمنا أكياس رمل وسلالم وأحبال، مما جعل التصوير يبدو فى غاية الصعوبة، ولكن الحمد لله عدت على خير.
■ الفيلم ضم عددا كبيرا من النجوم فهل وجدت صعوبة فى الترشيحات؟
إطلاقًا، بل على العكس، جميع الفنانين رحبوا بالفيلم، وكان لديهم ثقة كبيرة فى شخصيتى، خاصة أن كل دور كتب بشكل رائع، ولم أشعر بأى عبء من وجود 15 فنانًا موهوبًا يتبادلون وجهات نظرهم، ولكن شعرت بمتعة كبيرة فى قيادة هذا العدد من الفنانين فى مكان واحد، ففكرة وجود هذا الكم من الفنانين فى الفيلم لا تزعجنى، بل تسعدنى، خاصة أنه كلما توقف التصوير وعدنا للعمل مرة أخرى، كان لديهم حماس وشغف كأنهم بيبدأوا من جديد.
■ .. حدثنا عن الصورة الرائعة التي شاهدناها فى الفيلم؟
أثناء فترة التحضيرات بذل مدير التصوير وائل درويش ومهندس الديكور سامر الجمال، جهودًا كبيرة وعملوا بجد، وكان لديهم ثقة كبيرة فى قدرتهم على تقديم صورة رائعة كما ظهرت فى الفيلم، خاصةً أن هناك العديد من الديكورات التي تم تصويرها كانت فى مصر، مثل مشهد القصر، والحمد لله كانت النتيجة رائعة.
■ كيف ترى عودة الأعمال التاريخية إلى الشاشة فى الفترة الأخيرة؟
بالتأكيد أمر إيجابى، لأننا بحاجة إلى تقديم أعمال تاريخية، خاصة فى مصر، ولاتزال هناك أعمال فنية تنتج وتصور، وهذا شيء جيد عندما يتم تسليط الضوء على حقبة من الزمن بمنظور عصرى وبصورة جيدة، خاصة أن هذا لم يحدث كثيرًا فى تاريخ السينما المصرية.
■ ماذا عن تجربة مسلسل مليحة؟
كانت تجربة فى غاية الصعوبة، إذ تعتبر من أصعب التجارب التي خضتها، خاصة مع ضغط وقت التصوير ومناقشة قضية مهمة، وكانت فى بداية الحدث، والحمد لله تجاوزت هذه المرحلة بنجاح، وأنا فخور بها ولم أتردد أبدًا فى قبول المسلسل، خصوصًا أنه عمل يشير إلى معاناة الشعب الفلسطينى فى هذا التوقيت الصعب لتعرف الأجيال الجديدة أن القضية الفلسطينية ليست وليدة اللحظة ولا حتى 7 أكتوبر2023، ولكن من أكثر المشاهد التي أثرت علَّى كان مشهد تهجير الفلسطينيين، المشهد تم تصويره مرة واحدة دون إعادة تكرار، وكان هناك ألف كومبارس أدهشونى بمهارتهم وبراعتهم، فالحقيقة كانوا كلهم أبطال.
■ كيف ترى أهمية الفن فى تناول القضية الفلسطينية؟
يجب أن نعبر عن الحقيقة ونطرحها، حتى وإن كان ذلك فى مشهد من فيلم، كما يفعلون عندما يضعون العلم الأمريكى فى كل فيلم أجنبى، ويجب أيضًا أن نتحدث عن القضية الفلسطينية فى كل عمل نقدمه، حتى إن كان بشكل غير مباشر، ونعبر عن آرائنا بصدق دون خوف لذلك، هذا هو أهمية الفن ودوره وأعتقد أن السينما المصرية والدراما أيضًا قدموا العديد من الأعمال التي تناولت القضية الفلسطينية، ومع وجود إمكانيات متطورة الآن، سنشهد المزيد من الأعمال فى الفترة المقبلة.
■ هل هناك عمل جديد تستعد لتقديمه خلال الفترة المقبلة؟
حاليًا أقرأ العديد من السيناريوهات، ومازلت فى حالة بحث ولا يوجد شيء معين، ولكن أنا دائمًا أبحث عن كل ما هو جديد وأفكر فى مشاكل الناس، سعادتهم وهمومهم، وأحاول أن أقوم بتقديم أعمال تعطيهم أفكارًا جديدة وجيدة بطريقة سهلة ومبسطة.