تجمع البريكس هو تجمع إقتصادي بامتياز لكنه لا يغفل الاعتبارات السياسية
السفير علي الحفني لروزاليوسف: خطاب الرئيس شي في قمة البريكس عكس تطابق الرؤى بين البلدين
هدى المصري
أكد السفير علي الحفني، سفير مصر الأسبق في الصين، أنه في السنوات الأخيرة، استمر تأثير آلية تعاون البريكس في الزيادة، وأصبحت دول البريكس قوة مهمة لا يمكن تجاهلها على الساحة الدولية، ولعبت دورا مهما في تعزيز التعاون بين بلدان الجنوب وتعزيز التنمية المشتركة، لافتا إلى تطابق الرؤي والمواقف بين مصر والصين في هذا الاطار، وأهمية خطاب الرئيس الصيني شي جينبينغ خلال قمة البريكس الأخيرة.
وقال الحفني - في تصريحات خاصة لبوابة روزاليوسف- كان من أهم ما ذكره الرئيس الصيني شي جينبينج فى الكلمة التي القاها فى قمة البريكس التي انعقدت بمدينة كازان فى روسيا يوم 23 أكتوبر الماضي، هما الخيارين المحوريين اللذين يواجههما العالم فى الوقت الراهن الا وهما ترك العالم فى حالة الاضطراب الذي يشهده فى الوقت الراهن، أو إعادته الي الطريق المستقيم من السلام والتنمية، وهو الامر الذي فى تقديرنا يمثل جوهر التساؤل الخاص بانشاء تجمع البريكس منذ عقدين من الزمن، وبالطبع فان الاجابة على هذا التساؤل والاتجاه لتبني الخيار الثانى كان الاتجاه البديهي والذي يفسر الاقبال الذي يشهده تجمع البريكس فى المرحلة الحالية والتي تتسم بتوسع العضوية فيه خاصة من دول الجنوب التي تعانى اقتصادياتها بفعل توالى الازمات الدولية والإدارة الرديئة لشؤون العالم من قبل مجموعة الدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة والمؤسسات الدولية السائرة فى كنفها.
وأوضح الرئيس شي فى كلمته فى افتتاح قمة البريكس بكازان بأن وطأة المتغيرات الدولية دعت الي ضرورة بناء تجمع البريكس وبحيث يصبح القناة الرئيسية لتعزيز التضامن والتعاون بين دول الجنوب العالمي، والقوة الرائدة للدفع لاصلاح الحوكمة العالمية مع التسلح بارادة قوية وحماس وجرأه وحكمة فى النظرة للمتغيرات الدولية الراهنة وتوصيفها والتعامل معها.
وأضاف السفير علي الحفني: هنا يجب ان نشير الى تطابق الرؤي والمواقف بين مصر والصين بل بين مصر والدول الاخري الاعضاء فى تجمع البريكس والتي تري انه لا يصح ترك الاوضاع الدولية الراهنة على عناتها والحاجه لتضافر الجهود من أجل تصويب الأمور بالشكل الذي يستعيد الاستقرار الذي افتقدناه مع مرور الوقت في الأوضاع الاقتصادية والمالية والنقدية وما يرتبط بها من أوضاع اخري.
وأستفاض الرئيس الصيني شي بقوله ان على تجمع بريكس انشاء منظومة مسالمة تحافظ على الامن المشترك مركزا على مفهوم الامن المشترك والشامل والمستدام ، ومشيرا الى تشكيل الصين والبرازيل مجموعة اطلق عليها مجموعة الاصدقاء للسلام وذلك بالتنسيق مع دول الجنوب العالمي اتصالا بالازمة الاوكرانية بهدف حشد مزيد من الاصوات الداعية للسلام الذي يتعين ان يراعي مبادئ ثلاثة من وجهة نظريه وهي عدم توسيع ساحة المعركة، وعدم تصعيد القتال، وعدم صب الزيت على النار من قبل اي طرف ثالث فضلا عن الدفع بتهدئة الاوضاع فى اسرع وقت ممكن.
كما اشار الرئيس الصيني الى انه فى ظل التدهور المستمر للظروف الانسانية فى قطاع غزة فقد اشتعلت نيران الحرب فى لبنان من جديد مع استمرار التصعيد المتواصل بين الاطراف المعنيه فى منطقة الشرق الاوسط وهو الامر الذي يتعين معه الدفع بوقف اطلاق النار فى اسرع وقت وبذل الجهود لايجاد حل شامل وعادل ودائم للقضية الفلسطينية.
مرة أخري وبرغم من ان تجمع البريكس هو تجمع اقتصادي بامتياز الا انه لا يمكنه ان يغفل الاعتبارات السياسية التي تؤثر بل وتطغى على الوضع الاقتصادي العالمي. وهنا ايضا نجد تلاقي في التقدير بين مصر ودول التجمع فيما يتعلق بالحاجة الي تناول التطورات السياسية والتي تنذر بتحولها الي صراع عالمى يقضى على الاخضر واليابس. ولا شك ان قمة تجمع البريكس مثلت لمصر فرصة لالقاء مزيد من الضوء على احتمال تحول تطورات الشرق الاوسط الراهنه الي حرب اقليمية مع نذر تدخل القوي العالمية فيها بالشكل الذي يؤثر على مجمل الاوضاع الدولية.
وتابع الحفني : فى حديثه عن قضية التنمية المرتبطة بقضايا السلم والأمن، أكد الرئيس الصيني على ضرورة ان تكون المجموعة مبتكرة وتتطور فى تحقيق التنمية عالية الجودة خاصة فى ظل التطور السريع والمذهل لثروة التكنولوجيا والتحول الصناعي داعيا لاهمية مواكبة خطوات العصر والتركيز على القوة الانتاجية حديثة النوعية. واشار شي جينبينغ فى هذا الاطار الي ان الصين انشأت مؤخرا مركز الصين/ البريكس لتطوير الذكاء الاصطناعي والتعاون معربا عن استعداد الصين لتعميق التعاون فى الابتكار مع كافة الاطراف بما يفعل طاقة الذكاء الاصطناعي.
واضاف الرئيس الصيني بان الصين سوف تنشئ مركز البريكس الدولي للبحوث فى موارد اعماق البحار، والمركز الصيني للتعاون فى انشاء المنطقة الاقتصادية الخاصة لدول البريكس، والمركز الصيني للقدرات الصناعية لدول البريكس، وشبكة دول البريكس للتعاون فى الصناعة الرقمية داعيا دول تجمع البريكس للمشاركة النشطة فى هذه المراكز بما يزيد من جودة التعاون فى التجمع ويرتقي بمستواه.
وغني عن الاشارة لاهمية انخراط مصر فى هذه المراكز والسعي للاستفادة منها وهو الامر الذي يؤشر الي الدور المنتظر من قبل مؤسسات الدولة واوساطها الاكاديمية ومراكز أبحاثها مع متابعة التطورات الخاصة بانشاء هذه المراكز ومحاولة تحقيق اقصي استفادة لاقتصادنا من الانخراط فيها.
وتابع الحفني: ارتباطا بما تقدم اكد الرئيس الصيني على اهمية ان يبني اعضاء التجمع ما اطلق علية مجموعة البريكس الخضراء وضرورة ان تبادر دول البريكس بالاندماج فى التيار العالمي للتحول الاخضر والمنخفض الكربون معربا عن حرص الجانب الصيني على تفعيل مزاياه الخاصة لتوسيع التعاون مع دول البريكس فى الصناعة الخضراء والطاقة النظيفة والموارد المعدنية الخضراء بما يحقق التنمية الخضراء فى كافة الحلقات من سلسلة الصناعة ورفع قيمة التنمية.
وحرص الرئيس الصيني على تناول موضوع اصلاح نظام الحوكمة العالمية التي تأخرت لوقت طويل مؤكدا على اهمية تطبيق تعددية الاطراف واهمية ان تتسم الحوكمة العالمية بالتشاور والتعاون وتحقيق المنفعة للجميع والتمسك بقيم الانصاف والعدالة والانفتاح والشمول مع أهمية مواكبة الزخم العام لصعود الجنوب العالمي والتجاوب بشكل ايجابي مع نداءات للدول للانضمام الي البريكس اذ ان توسيع العضوية يرفع تمثيل الدول النامية فى التجمع وصوتها فى الحوكمة العالمية.
وفيما يتعلق بضرورة اصلاح الهيكل المالي الدولي وهو الامر الذي تهتم مصر به بصفة خاصة فى الوقت الراهن مع اشتداد وطأة المديونية العالمية واستمرار ارتفاع معدلات التضخم وتأثر عملاتنا الوطنية بفعل ازمات الدولار الاميركي فلقد الح الرئيس الصيني فى كلمته على ضرورة ان تلعب دول البريكس دورا رياديا فى هذا الاطار وتعمق التعاون المالي وتدفع بالترابط والتواصل للبنية التحتية المالية وتحافظ على الامن المالي عالى المستوي مشيرا الي أهمية دعم بنك التنمية الجديد بما يدفع النظام المالي الدولي ليعكس تغيرات المعادلة الاقتصادية العالمية بشكل افضل.
ولم يغفل الرئيس الصيني الاشارة الى مبادرته بشأن الحضارة العالمية، مؤكدا على اهمية الاستفادة المتبادلة بين مختلف الحضارات وما طرحته الصين من مبادرة للتعاون في التعليم الرقمي وما ارتبط بذلك من انشاء عشرة مراكز للدراسة فى دول البريكس فى السنوات الخمس المقبلة وبما يوفر فرصا تدريبية لألف كادر فى قطاع التعليم بين معلم وطالب وهو الامر الذي نأمل معه استضافة مصر لاحد هذه المركز.