عاجل
الأربعاء 15 يناير 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي
روزاليوسف ترفض رشوة المندوب السامى!

روزاليوسف ترفض رشوة المندوب السامى!

وصفت السيدة روزاليوسف الفترة التي حكمت فيها وزارة توفيق نسيم البلاد فى عبارة موجزة بالغة الدلالة السياسية بقولها إنها «فترة الوعد بالدستور بلا دستور»  وتضيف قائلة: كان الناس يعيشون على أمل واحد هو أن يعود الدستور حتى تعود حياتهم إلى سيرتها العادية وحتى يستريحوا من هذا الصراع الداخلى ليتفرغوا للخصم الذي يكسب من هذا الصراع  «الإنجليز»  وبدأت الوزارة تفقد تدريجيًا الآمال التي علقت عليها حين جاءت، وبدأ الرأى العام يغير نظرته إليها كلما رآها تنقص عن وعدها، وتتفنن فى خلق الأعذار لتأجيل عودة الدستور!



أسرار وكواليس ما كان يدور فى الخفاء يكشفه الزعيم مصطفى النحاس فى مذكراته «ربع قرن من السياسة فى مصر» دراسة وتحقيق أحمد عز الدين فيقول:  اتصلت بنسيم باشا وقابلنا مقابلة طويلة دار فيها الحديث حول عودة الدستور فأكد لى أنه جاد فى مسعاه وأن فى السراى دسائس تحاك ضده، وفى دار المندوب السامى تيارات ضده وأنه يعالج هذه وتلك بالتؤدة والحكمة متذرعا بالصبر والإيمان، وأنه بإذن الله واصل إلى ما يريد.

عجبت من أن فى القصر من يدس لنسيم وحاولت أن أعرف فقيل لى إن «على ماهر» وراء الحملة على رئيس الوزراء وأنه يطمع أن يحل محل نسيم باشا!!

زارنى مستر «سمارت»  سكرتير دار المندوب السامى يحمل رسالة إلىّ من المندوب السامى السير «مايلز لامبسون » بأنه لايزال يلقى معارضة عنيفة من بعض كبار رجال الخارجية البريطانية فى عودة دستور 1923 كما هو وأنه مصمم على أن يمضى فى الطريق إلى النهاية.

نشرت الصحف نقلًا عن وكالات الأنباء الخارجية أن «مستر هو»  وزير الخارجية البريطانى صرح رسميًا بأنه ضد عودة الدستور وأنه يرى المصلحة فى إرجائه الآن.

وبطبيعة الحال لم تكن السيدة روزاليوسف أو أى من كبار محررى الجريدة على علم بكل هذه الأسرار ولكنها تروى : حدث حادث أثبت لى ما كنت أشك فيه من تأييد الإنجليز المطلق للوزارة وجعلنى أعنف فى حملاتى عليها أكثر من ذى قبل!

كنت أجلس فى مكتبى بالجريدة حين فوجئت بزيارة من أحد تجار الورق ومعه زميل صحفى كبير، وكان تاجر الورق هذا هو الذي يبيعنى ورق الجريدة والمجلة، فحسبت أنه جاء يطالبنى بنقود جديدة، فلم يكد يدخل علىّ الحجرة حتى صحت فيه:  ألم أدفع لك نقودك منذ أيام؟!

وضحك التاجر والصحفى وقال التاجر:  بالعكس إننى لم آت لأطلب منك نقودًا!!

وطلب أن يختلى بى هو وصاحبه الصحفى لأن لديه حديثًا سريًا مهمًا، فلما خلوت بهما بدأ التاجر يعاتبنى على الحملات التي تشنها «روزاليوسف» على الوزارة ويؤكد لى أنه لا يوجد أى مبرر لأن أنفرد أنا بهذه الحملة دون سائر الصحف ثم قال لى: - ببساطة - إن دار المندوب السامى البريطانى تعرض على أن تدفع لى خمسة آلاف جنيه دفعة أولى ثم ألفى جنيه شهريا لمدة طويلة إذا أوقفت الحملة نهائيا على الوزارة!

واستفزنى هذا العرض ولكن شعور الدهشة عندى طغى على شعور الاستفزاز فحتى ذلك الوقت كنت أعرف أن الحكومات وحدها هى التي تعرض على الصحف مصاريفها السرية، ولكنى لم أكن أتصور أن السفارات أيضا تطرق هذا السبيل وتدخل إلى الصحف والرأى العام من هذا الباب!

ورفضت العرض طبعا وناقشت الزائرين طويلا فى مغزى تأييد الإنجليز للوزارة إلى هذا الحد، وقلت إن هذا يؤيد الرأى الذي تدعو إليه «روزاليوسف » من أن هذه الوزارة صنيعة الإنجليز!

وخرج الزائران وكنت فى حديثى معهما غير حريصة على أن أتحدث بصوت خفيض فسمع الأستاذ «العقاد»  أطرافا من الحديث من حجرته المجاورة، فلما خرجا سألنى: الجماعة دول عايزين إيه؟

فرويت له القصة ضاحكة وقال العقاد:  أنا كنت عارف أنك حترفضى ثم أبدى رأيه فى الزميل الصحفى بصراحة بالغة!!

ومضت روزاليوسف فى حملتها!!

وللذكريات بقية!

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز