مصطفى زكريا يكتب: الغلابة والسلع الترفيهية «علاقة غير موجودة»
حدد قانون المالية العامة الموحد الصادر برقم 6 لسنة 2022، الفرق بين عدد من المصطلحات الاقتصادية المهمة، والتي جاء أبرزها، الفرق بين حد الرفاهية واقتصاد الرفاهية، حيث عرف القانون مصطلح "حد الرفاهية" بإنه هو الفكرة التي تمثل الحد الأقصى للرفاهية الذي يمكن أى شخص فى المجتمع أن يتمتع به، مع التسليم بمستويات الرفاهية لبقية أفراده، ولن يكون هناك وضع داخل حد الرفاهية، يمكن أن يعد كاشفا عن الرفاهية الاجتماعية القصوى، وعلى العكس، لن تكون هناك نقطة، خارج حد الرفاهية يمكن أن يصل إليها المجتمع.
أما اقتصاد الرفاهية، فعرفه القانون، بأنه الاقتصاد المرتبط بالنتائج الاجتماعية التي يمكن قياسها موضوعيا، وتناولها فى النظرية الاقتصادية، فالدخل القومي أى تدفق السلع والخدمات، يقترن اقترانا مباشرا بالرفاهية، وكلما ازداد الدخل القومى وازدادت المساواة فى توزيعه عظمت رفاهية المجتمع الاقتصادية.
كما يعنى اقتصاد الرفاهية، دراسة وتقييم الكفاءة الاقتصادية والنظم المتعلقة بتوزيع الموارد، بما يؤدى إلى تحقيق أكبر قدر من المنفعة الاجتماعية، وتوفير الظروف، التي يمكن، من طريقها السياسات الاقتصادية أن تحقق الرفاهية للمجتمع، وتستدعى هذه السياسات التدخل، لتشجيع المشروعات المنتجة، وعدالة التوزيع عن طريق الضرائب، وما يزيد من الإنتاج، ومن إشباع الحاجات.
ومن هذا المنطلق، أتكلم عما أثاره مجتمع السوشيال ميديا حول استيراد مصر لسلع استفزازية "هكذا وصفها البعض"، على خلفية تصريحات السيد رئيس الجمهورية عن ضرورة تشجيع التصنيع المحلى مقابل السلع المستوردة، والتي اتفق معه فى اهمية تشجيع التصنيع المحلى وتوفير بيئة خصبة لتلك الاستثمارات الجديدة والتصنيع الوطني وتشجيع الشباب، وهو ما يتوفر معه حصيلة دولارية يمكن استخدامها فى توفير السلع الاساسية التي تهم شريحة ضخمة فى المجتمع.
السلع الاستفزازية، والتي قرر البنك المركزى قبل ايام وقف تدبير العملة الصعبة لها إلا بموافقة المركزى حفاظا على العملة الصعبة تضمنت، النباتات والبذور الغذائية، الملابس الجاهزة، الأجهزة الكهربائية، الأثاث والمفروشات، العاب الاطفال التليفزيونات، الهواتف المحمولة وملحقاتها، الكاكاو والفواكه الطازجة، بعض أنواع الحلى كالؤلوء، اطارات السيارات المستعملة، الاوناش والمعدات الثقيلة.
ومن حديث رئيس الجمهورية اقتبس بعض المعلومات، حيث تحدث عن شراء المصريين لطور ومزيلات عرق وورق تواليت بـ440 مليون دولار، مستحضرات تجميل بـ500 مليون دولار، حقائب يد بـ200 مليون دولار، وشكولاتة بـ400 مليون دولار، وورق فويل بـ500 مليون دولار، وسيراميك بـ235 مليون دولار، وبتلومونى الدولار غلى ليه؟ ولا أقصد أن نوقف الاستيراد".
الحديث صريح وكاشف لحجم التحديات، لكن من المستفيد من تلك السلع فى المقام الاول؟ هذا سؤال للمسؤولين اصحاب القرار بشأن وقف أو السماح بدخول تلك المنتجات، والمنع من الاستيراد لم يكن حل لأن المستورد سوف يلجأ للسوق السوداء لتدبير العملة الصعبة، لكن وجود بديل محلى الصنع ذات جودة مناسبة للمستهلك وسعر تنافسى عادل سوف يضمن للمنتج الوطني الانتشار، وهناك مصانع قائمة بالفعل ولديها نفس الإنتاج ولكن تفتقر إلى التسويق ومنتشره فى مناطق ومناطق.
وهنا يجب التنويه، أن ابناء الطبقة المتوسطة وهم صمام أمان المجتمع خرجوا من دائرة الاستهلاك إلى الترشيد بفعل الصدمات الاقتصادية التي تعرضوا لها، وبالتالى اصبحت السلع الترفيهية أو الاستفزازية محصورة على نسبة محدودة فى المجتمع ومقارنة الارقام المعلنة حول حجم فاتورة استيراد السلع الاستفزازية بعدد النسمات فى مجتمع يضم 110 مليون نسمة هى نسبة مقبولة حيث ذكر تقرير الثروة الافريقى لعام 2024 وجود مصر فى المرتبة الثانية من حيث عدد المليونيرات فى قارة افريقيا، حيث احتلت إلى جانب جنوب أفريقيا وكينيا ونيجيريا والمغرب تمثل 56% من مليونيرات أفريقيا وأكثر من 90% من مليارديراتها.
اتفق بنسبة 100% مع حديث الرئيس والذي كان صريحا للغاية بشأن اهمية وجود بديل محلى عن السلع المستوردة، وحتى نحقق ذلك، نحتاج إلى برامج تمويل للمشروعات الصغيرة تتناسب مع متطلبات المرحلة الراهنة وتحدياتها الصعبة، وجود بنية تشريعية تسمح للقطاع غير الرسمي بالاندماج مع الاقتصاد الرسمي، تشجيع الشباب على العمل الحر والتخلص من قيود الوظيفة وهذا الفكر يتنامى مع مجتمع منفتح.
والخلاصة، يجب على الحكومة بالتنسيق مع رجال الاعمال بحث امكانية توطين الصناعات التي تستنزف العملة الصعبة ونتحول من دولة مستوردة ومستهلكة إلى دولة مصدرة ومنتجة ولنا فى الصين والهند نماذج يمكن الاستعانة بها.