طارق الشناوى
(فى الميديا سُم قاتل)!!
الجمهور العربى تابع وشاهد فى العديد من البرامج تفاصيل حياة الفنانين التي تنشرها «الميديا»، لمحات خاصة يعيشها النجوم الذين يسعى بعضهم لكى يمد الصحافة والفضائيات ببعض منها ظنًا منه أن هذا يؤدى إلى زيادة مساحة الاهتمام والشغف والترقب، آخرها النجمة الشابة الموهوبة التي نشرت صورة لبطنها العارى لإعلان حملها، جميل أن يشاركها الجمهور فرحتها، ولكن هل كانت تلك هى الوسيلة الوحيدة لذيوع الخبر؟
تغير الزمن الذي كان يحرص فيه الفنان أن يظل بعيدًا عن مفردات الحياة، الناس لا تتعامل معه كحالة إنسانية بشرية يحب ويكره وينجب ويتزوج ويطلق وربما أيضا يتم (خلعه)، إنهم يفضلونه كائنًا خياليًا، ولهذا مثلًا تكتشف أن كل من فريد الأطرش وعبدالحليم حافظ لم يتزوجا، بالطبع تعددت التفسيرات، وكان من بينها أن كلًا منهما حريص على أن يظل، وحتى آخر نفس هو فتى أحلام البنات، وتتعدد الأجيال ويظل هو الحلم المستحيل للفتيات، ربما ليس الأمر صحيحًا، وهناك أسباب أخرى حالت دون زواجهما طوال تلك السنوات، إلا أن هذا قطعًا ساهم فى احتفاظ كل منهما حتى رحيله، بمساحة استثنائية من حب البنات.
الميديا كثيرًا ما تقتحم حياة الفنانين، لتعرض على الناس ما كان يعد فى الماضى من المحرمات وبعضهم يتفاخر بعدد زيجاته مثل الموسيقار الراحل حلمى بكر الذي أكد أنه وصل لرقم 11 زوجة وأنجب طفلة بعد أن تجاوز الثمانين، وتحية كاريوكا تزوجت 17 مرة.
على الجانب الآخر، عدد من الفنانين بين الحين والآخر يحرصون على أن يتابعهم الناس وهم ذاهبون للحج أو لأداء العمرة، وهكذا يعلنون هذا الخبر مباشرة للجمهور، بل انضم لتلك الفئة عدد من الإعلاميين باتت تلك هى خطتهم لكسب ود الجماهير خاصة وأن الانطباعات المبدئية تلعب دورًا إيجابيًا عند دائرة واسعة من الناس التي لديها (ترمومتر) خاص للفنان تحدد بعده درجة الحب وحرص الفنان على أداء واجبه الدينى يمنحه درجات إضافية، كذلك تلعب برامج المساعدات والتبرعات المادية والعينية التي يتلقاها المرضى والمحتاجون دورًا فى تحقيق تماس عاطفى مع الفنان أو الإعلامى.
لو عدنا للزمن الماضى الذي نطلق عليه دائما تعبير (زمن الفن الجميل)، وإن كنت أرى أن كل زمن به الجمال والقبح، ولا يمكن أن يصبح فقط لدينا زمن يحتكر الجمال وآخر يحتكر القبح، كان هناك دائمًا فى الزمن الماضى حاجز لا يمكن اختراقه يغلف حياة المشاهير.
ورغم كل ذلك، فلا يزال القسط الأكبر من الفنانين حريصين على تقديم صورة ذهنية إيجابية تظل عالقة لدى جمهورهم لتمحو ما قد يتردد من كلمات ومواقف ربما تصيب تلك الصورة ببعض الخدوش، نعم نحن لا نحكم فى العادة على الفنان فقط من خلال ما يقدمه لنا عبر الشاشة ولا بكلمات وألحان أغانيه.
هناك، دائما أشياء أخرى، إنها الانطباع الذي يدعم أو ينفي مكانة الفنان فى قلوب جمهوره، وهو ما يفرض على الفنان أن يعرف بالضبط متى وأين ومتى وكيف يخاطب جمهوره، على الفنان أن يتذكر أن فى (الميديا) إذا لم يحسن استخدامها (سُم قاتل)!!