أيمن محمد عيد يكتب: وحدات المدفعية الساحلية وتأثيرها علي مسرح العمليات إبان حرب السادس من أكتوبر عام 1973
تُعد وحدات المدفعية الساحلية جزءًا مهمًا من القوة العسكرية المصرية، حيث يمكن استخدامها في دعم القوات البرية خلال العمليات الهجومية والدفاعية لما تتمتع به من مرونة وسهولة في التنقل، هذا بالإضاف إلى قدرتها الكبيرة علي تدمير الأهداف من مسافات بعيدة، ففي يوم السادس من أكتوبر عام 1973م لعبت هذه الوحدات دوراً بارزاً في إنجاح عمليات القوات البرية والبحرية ضمن خطة العمليات الهجومية جرانيت – 2 المعدلة.
أثبتت الأيام خطأ تقديرات العدو الصهيوني، إذ إن النصر الخاطف الذي سرقه العدو الصهيوني من مصر في حرب الخامس من يونيو عام 1967م، لم يكن النهاية؛ فلم توقع مصر (قيادة – شعباً) وثيقة استسلام بالرغم من جرحهما الغائر، فقد تكون بداخلهما إحساساً دفعهما إلى رفض الهزيمة، وكانت ضراوة أحداث عام 1967م، بمثابة قوي محركة ضخمة لتخطي آلام المحنة، حيث حولت الإرادة المصرية الحديدية (قيادة – شعباً) الهزيمة إلى النصر، رافعينا معاً شعاراً واحداً " ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة".
بعد أحداث الخامس من يونيو عام 1976م عملت القيادة العامة للقوات المسحلة المصرية علي إعادة بناء وهيكلة افرع أسلحتها بشكل عام، فتم إلحاق وحدات المدفعية الساحلية علي القوة القتالية للقوات البحرية المصرية بعد أن كانت وحدات المدفعية الساحلية تابعة من الناحية العملياتية والتنظيمة لسلاح المدفعية(قوات برية) وذلك في أواخر عام 1968م.
مع أوائل عام 1970م تم انتخاب مجموعة من ضابط سلاح المدفعية وتدريبهم علي أساليب وفنون القتال البحري وبعد فترة تدريب قاسية، والوصول إلى المستوي المطلوب، تم تشكيل وحدات المدفعية الساحلية علي النحو التالي اللواء 71 مدفعية ساحلية والفوج 73 مدفعية ساحلية تحت قيادة ورئاسة اللواء عباس عوض الله.
يُشير عميد بحري أ.ح عادل محمد هاشم قائد قاعدة بورسعيد البحرية إبان حرب السادس من أكتوبر عام 1973م قائلاً" أن تنظيم عمل اللواء 71 مدفعية الساحلية جاء في إطار كتيبتين هما الكتيبة 441 مدفعية ساحليه والتي تمركزت بمنطقة العجمي وتشكلت من عدد 3 سرايا جاء تمركزهم بين ثلاث مناطق وهي منطقة العجمي والمكس والورديان، بينما الكتيبة 442 مدفعية ساحلية كانت متمركزة بمنطقة رأس التين وتشكلت من عدد 3 سرايا جاء تمركزهم بين ثلاث مناطق وهي منطقة طابية سيدي بشر، ورأس التين، وأبوقير.
يستطرد قائلاً "أن التنظيم العملياتي للفوج 71 مدفعية ساحلية جاء في إطار كتيبتين هما الكتيبة 61 مدفعية ساحلية وتمركزت بمنطقة الأدبية بالسويس وكانت تتكون من عدد 2 سرية مدفعية ساحلية تمركزوا في منطقتي الفنجري ومدينة السادات، بينما الكتيبة 73 مدفعية ساحلية وتمركزت بمنطقة بورسعيد، وكانت تتكون من عدد 2 سرية مدفعية ساحلية ترمكزوا بمنطقتي بورفؤاد والجميل". التحضير لحرب السادس من أكتوبر 1973م (التخطيط للأعمال القتالية):
بناء علي ما ورد شهادات ضباط وحدات المدفعية الساحلية بموقع المجموعة 73 مؤرخين ففي ظهر الخامس من أكتوبر عام 1973م إجتمع قائد المدفعية والصواريخ الساحلية في قيادة القوات البحرية بقادة كتائب اللواء والفوج وتم إعطائهم تعليمات القتال الفعلي وهي: الاشتراك بسرايا المدفعية ساحليه مع بدء التمهيد النيراني والقصف المدفعي في اتجاه شرق بورفؤاد ورأس العش سعت 1240 يوم 6 أكتوبر عام 1973م . تقديم الدعم النيراني لصالح قوات الجيش الثاني ولافرقة العاشرة دفاع جوي طبقاً لمطالب قائده الميداني.
تأمين النطاق التعبوي للقوات البحرية في القطاع الشمالي لجبهة القتال. الاشتراك بسرايا المدفعية الساحلية المتمركزة بمنطقتي مرسى السادات وسفاجا في تأمين النطاق التعبوي لقاعدتي البحر الأحمر والسويس. الاشتراك بسرايا المدفعية الساحلية في تأمين النطاق التعبوي لقاعدة الإسكندرية، والنطاق التعبوي لقاعدة بورسعيد البحرية.
تنفيذ المهام القتالية:
يُشير عميد بحري سمير شلبي رئيس أركان نقطة تمركز السويس إبان حرب السادس من أكتوبر عام 1973م قائلاً" أنه مع بد عمليات يوم السادس من أكتوبر عام 1973م نجحت إحدي سرايا المدفعية الساحلية في منع قوات بحرية إسرائيلية من احتلال مدينة بورفؤاد أو ساحل بورسعيد بالتعاون مع إحدي سريا الصاعقة، كما نجحت أيضا ًفي ضرب القوات البرية الإسرائيلية المتحركة علي محور رومانة، والإشتباك مع هدف بحري إسرائيلي حاول الدخول إلي قاعدة بورسعيد للقيام بأعمال تخريبية". يستطرد قائلا "قامت السرية 62 مدفعية ساحلية من نقطة تمركزها بمنطقة مرسى السادات بتوجيه قصفة نيرانية علي منطقة رأس مسلة وعيون موسي بالتعاون مع السرية 77 مدفعية ساحلية من نقطة تمركزها بمنطقة الفنجري، مما عرض القوات الإسرائيلية لخسائر فادحة في قواتها البرية.
سعت 1410 في يوم 6 أكتوبر قامت كتائب الفوج 71 مدفعية ساحلية ذات التسليح بصواريخ عيار 240 ملم، وصواريخ BM -21 غير موجهة من نقطة تمركزها بقاعدة بورسعيد بالتعاون مع قوات الجيش الثاني الميداني وقصف النقطة القوية شرق بورفؤاد كم 10 جنوب بورسعيد، والرادار الإسرائيلي الموجود بشرق بورفؤاد".
طبقاً لتقرير هيئة عمليات القوات المسلحة الصادر في الثامن من أكتوبر عام 1973م أنه خلال المدة من سعت 2330 وحتى سعت 0005 في التاسع من أكتوبر قامت السرية 77 مدفعية ساحلية المتمركزة بمرسي السادات بالإشتباك مع ثلاثة لنشات إسرائيلية طراز " دبور"، حاولوا مهاجمة المرسي وتم تدمير لنش إسرائيلي وإصابة آخر بالإضافة إلى إصابة طائرة هليكوبتر إسرائيلية كانت قادمة لإخلاء جرحي اللنشين الإسرائيليين، وبناء عليه جاء بيان القيادة العامة للقوات المسحلة رقم(32)" أن بطارية مدفعية ساحليه قامت بضرب لنشات "دبور" إسرائيلية، وتدمير طائرة هيلكوبتر إسرائيلية". يُشير الجينرال زئيف الموج في كتابة خفافيش البحر الأحمر قائلاً" أنه في ليلة الحادي عشر من أكتوبر عام 1973م سعت 2215 تم إرسال أربعة لنشات صواريخ طراز "دبور" وبصحبتها مجموعة من عوامات الزودياك مُحملة بقوات من الكوماندوز الإسرائيلي ومعززه بطائرات هيلكوبتر للإقتراب من منقطة مرسي السادات والأدبية لمهاجمتها إلا أن السرية 77 مدفعية ساحلية المتمركزة بمنطقة المرسي قامت بالاشتباك معهم وإصابة بعض قوارب الزودياك ولنش" دبور" إسرائيلي وقدتم قطره إلي مركز عمليات الوحدة 838 بمنطقة رأس سدر.
يستطرد قائلا "أنه في الثاني عشر من أكتوبر عام 1973م سعت 1935 تم إرسال بعض الزوارق مطاطية محملة بمجموعة من الضفادع البشرية الإسرائيلية للإغارة علي ميناء سفاجا، إلا أن وحدات المدفعية الساحلية المتمركزة بجزيرة سفاجا نجحت في الإشتباك معهم واصابة أحد الزوارق".
يُشير اللواء بيني بيليد قائد القوات البحرية الإسرائيلية إبان حرب السادس من اكتوبر عام 1973م قائلاً "أنه في الخامس عشر من أكتوبر عام 1973م سعت 140 تم إرسال ستة لنشات إسرائيلية "دبور" للقيام بالإغارة علي سفن الصيد بمنطقة رأس غارب بخليج السويس إلا أنهم تعرضوا لقصفة نيرانية من قبل سريا المدفعية الساحلية المتمركزة بالمنطقة وتم إصابة لنش "دبور".
يُشير عميد بحري أشرف محمد رفعت قائلاً" أنه في يوم السابع عشر من أكتوبر عام 1973م سعت 2210 قمات وحدات من البحرية الإسرائيلية بالإغارة علي مرسي تلمث فقامت إحدى فصائل سريا المدفعية ساحلية المتمركزة بالمرسي بمفاجاة الوحدات البحرية الإسرائيلية والاشتباك معها وإصابة إحداهما.
يستطرد قائلاً "أنه في يوم الثامن عشر من أكتوبر عام 1973م سعت 2220 قامت قيادة القوات البحرية الإسرائيلية بإرسال مجموعة من الكوماندوز الإسرائيلي في قاربين زودياك وإنزالهم علي منطقة الغردقة؛ إلا أن سرايا المدفعية الساحلية المتمركزة بالميناء وبالتعاون مع لنشات الطوربيد المعدلة بصواريخ BM -21 نجحت في التصدي لهم، وانسحبت الزوارق الإسرائيلية دون خسائر".
يُشير عميد بحري أ.ح نجيب شرف إبراهيم قائد قاعدة الإسكندرية أبان حرب السادس من أكتوبر عام 1973م قائلاً "أنه في العشرين من أكتوبر عام 1973م سعت 1330 قامت إحدي سرايا المدفعية الساحلية المتمركزة بمنطقة الفنجري بقصف "قول مدرع" كان يتحرك بمحاذة الساحل من رأس سدر شمالاً وفي اتجاه راس مسلة فتوقف وتم تدمير عدد من دباباته فاندع إلي اللانسحاب جنوباً".
يستطرد قائلاً" أنه في يوم الحادي والعشرين من أكتوبر عام 1973م سعت 1650 قامت القوات الجوية الإسرائيلية بتنفيذ هجوم جوي بطائرات الفانتوم علي سرايا المدفعية الساحلية المتمركزة بمنطقة السويس، إلا أن سرايا المدفعية الساحلية المتمركزة بمنطقة الفنجري نجحت في التصدي له وإسقاط طائرة فانتوم.
يُشير اللواء بيني بيليد قائد القوات البحرية الإسرائيلية إبان حرب السادس من اكتوبر عام 1973م "أنه في سعت 2030 من نفس اليوم تم دفع مجموعة من لنشات الصواريخ الإسرائيلية لمُهاجمة الوحدات البحرية المصرية المتمركزة بمرسي ثلمت، إلا أن إحدي فصائل المدفعية الساحلية من عيار 37 ملم والمتمركزة بالمرسي قامت بالاشتباك معهم، وانسحابهم دون خسائر".
مصادر:
وثائق هيئة عمليات القوات المسلحة المصرية: القوات البحرية، ملف رقم 1556. هيئة البحوث العسكرية: مرجع التاريخ العسكري لقاعدتي الإسكندرية والبحر الأحمر، معارك أكتوبر 1973م. مقابلات شخصية لضباط سلاح المدفعية الساحلية تمت بمعرفة الباحث، منشورة بموقع المجموعة 73 مؤرخين علي شبكة الإنترنت.
مذكرات شخصية: محمد فوزي، حرب أكتوبر 1973م دروس ودراسة، كرامة للنشر والتوزيع، ط5، 2007م. محمد عبد الغني الجمسي: حرب أكتوبر 1973م، مكتبة الأسرة، ط2، 2005م. مراجع: إبراهيم البحراوي وأخرون: انتصار أكتوبر في الوثائق الإسرائيلية، تقارير لجنة أجرانات، ج 3 أ، المركز القومي للترجمة، 2022م. عميد بحري أشرف محمد رفعت: إعداد القوات البحرية لحرب أكتوبر، مجلة الدفاع، عدد 243، أكتوبر 2006م. مصادر أجنبية: Ze’ve Almog, Israeli naval commands in the red sea, 1967-1973,2013.
مدير وحدة الدراسات التاريخية مجموعة 73 مؤرخين