

جمال عبدالصمد
نجوم المجتمع المزيف
المعروف عن مصطلح "نجم المجتمع" أنه كل شخص يتمتع بشهرة واسعة وله تأثير كبير على الرأي العام ويحظى بمتابعة جماهيرية واسعة، مثل الشخصيات التي تحتل مكانة بارزة في مختلف المجالات، كالفن والرياضة والإعلام والسياسة. ويطلون علينا من كل الوسائل الإعلامية المختلفة، منها شاشات التليفزيون، وعلى صفحات المجلات والصحف، ومواقع التواصل الاجتماعي، وغيرها من وسائل الإعلام المتنوعة.
شهدت السنوات الماضية صعودًا هائلاً لنجم جديد في سماء المجتمع والشهرة وهو "اليوتيوبر والتيكتوكر" وهؤلاء هم صناع محتوى على مواقع التواصل الاجتماعي، أو المؤثرون الرقميون الذين بدأوا كأشخاص عاديين يقدمون محتوى عبر الإنترنت، الذي لعب دورًا بارزًا ومهمًا في وصولهم إلى جمهور ضخم في وقت قياسي، فمنهم من يقدم معلومات أو نصائح في مجال تخصصه، وهناك من يقوم بالتحليل والتعليق على الأحداث المهمة، ومنهم من يقوم بنشر هواياته وتفاصيل حياته اليومية لمتابعيهم على مواقع التواصل الاجتماعي، لذلك شغلوا حيزًا كبيرًا من اهتمام شريحة كبيرة من مجتمعاتنا، مما أسهم في التأثير على ثقافة المجتمع إيجابيًا وسلبيًا.
مما لا شك فيه أن نجوم المجتمع الجدد من صناع محتوى على مواقع التواصل الاجتماعي قد يكون لهم تأثير ايجابي كبير على المجتمعات التي يعيشون فيها، من خلال تقديم محتوى متنوعًا يلبي احتياجات شرائح مختلفة من المجتمع، بدءًا من الترفيه والتعليم وصولًا إلى قيامهم بتسويق بعض المنتجات والخدمات الجديدة، بطريقة مبتكرة وجذابة، مما يساهم في زيادة الإقبال عليها، ومنهم من يستخدم منصاتهم المتخصصة فى التوعية بالقضايا الاجتماعية المهمة، وتبني قيم إيجابية تعمل على تطوير المجتمع، وذلك نظرا لما يتمتعون به من قوة تأثير كبيرة على جمهور المتابعين لهم، خاصة فئة الشباب الذين يتطلعون إليهم ويحاولون تقليد أسلوب حياتهم.
على الجانب الآخر هناك من المؤثرين الرقميين "النجوم الجدد" تجدهم يواجهون اتهامات مختلفة ومتنوعة، مثل: التأثير السلبي على ثقافة المجتمع، من خلال المساهمة في انتشار المعلومات المضللة والأخبار الزائفة، بالإضافة إلى الترويج لسلع غير معلومة المصدر، وهناك من ينتهك خصوصياته ويغوص في أعماق تفاصيلها ويحولها إلى مادة إعلامية، يقوم بنشرها على موقعه الخاص باليوتيوب أو التيك توك، إما عن طريقة سرده للحكاية، أو عرضها فيظهر كمشهد تمثيلي، بهدف جذب الأنظار لمتابعيه من أجل تحقيق نسب مشاهدة عالية. أيضا هناك من يقوم بالترويج لسلوكيات غير مرغوبة تنافي الثقافة المجتمعية، والأديان والأعراف، والعادات والتقاليد المعروفة لدى أبناء الوطن العربي.
في النهاية.. نجوم المجتمع هم جزء لا يتجزأ من مجتمعاتنا، وهم يؤثرون فينا ونتأثر بهم، لذلك من الضروري جدا أن نكون على وعي كاف لمدى دورهم وتأثيرهم بالمجتمع، وأن ننتقد ونحلل كل ما يقدم إلينا، وعلينا أن نفرق بين النجوم الحقيقيين، الذين يستحقون الإعجاب والتقدير بكونهم قدوة وذوي تأثير إيجابي على المجتمع، وبين نجوم مزيفة تستغل منصاتها في إنتاج فيديوهات مبتذلة لحصد ملايين المشاهدات دون النظر لعاداتنا وتقاليدنا الشرقية والأخلاقية، وهنا علينا أن نعلم جيدًا أن نجوم المجتمع ليسوا مجرد وجوه لامعة يروج لها الإعلام، بل هم الذين يحترمون ويقدرون الأشخاص الذين جعلوهم نجوما.
ختامًا.. يجب على الأسرة والمدرسة العمل معًا لتوعية الشباب والأطفال بمخاطر وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، وكيفية استخدامها في التواصل الاجتماعي بالمسؤولية حتى يستطيعوا أن يميزوا بين المحتوى الصحيح والهادف وبين المحتوى الخاطئ المضلل، بالإضافة إلى ضرورة وضع تشريعات وقوانين واضحة تحدد مسؤوليات صناع المحتوى الرقمي، وتنظيم محتواهم، من أجل توفير الحماية والأمان لمستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي خاصة الأطفال.
وبعد أن استعرضنا الحديث عن نجوم المجتمع الجدد وما لهم وما عليهم، نجد سؤالا الآن يطرح نفسه: هل هؤلاء النجوم هم حقًا قدوة نستلهم منهم القيم والمبادئ.. أم أنهم مجرد وجوه لامعة في سماء مليئة بالبريق الزائف؟!