عاجل
الأحد 20 أكتوبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
We
البنك الاهلي
 التنوير بين التجديد والتبديد

التنوير بين التجديد والتبديد

المقصود بالتنوير، الانطلاق إلى الأمام وإلى التقدم والرقي والازدهار ولا يمكن أن يحدث ذلك إلا من خلال غربلة الأفكار وإخراجها من ظلماتها وجهالاتها ورجعيتها، كذلك إعادة إنتاجها وتدويرها من جديد بما يتماشى ويتناسب مع واقعنا المعاصر.



 

لا أقصد هدمها وإنما إعادة هيكلتها وإعادة بنائها، بمعنى تخليصها من ركودها وتوقفها عند زمن معين وعند مرحلة معينة، وإنما إعادة قراءتها برؤية تجديدية حداثية دونما إفراط أو تفريط، بمعني دونما طغيان أحدهما على الآخر ، أي دونما طغيان الحداثية على الكلاسيكية، ودونما تشبث التقليدية وتقوقعها وتمركزها حول ذوات أصحابها، أقصد ضرورة ملحة أن تحدث المعادلة وتفك شفيرة كلاهما ولا يكون ذلك إلا من خلال حوار بناء على طاولة فكرية واحدة. وحتى يزداد الأمر وضوحا، سأعرض وجهة نظري حول مفهوم التنوير برؤية تجديدية معاصرة بعيدا عما كتب عن هذا الموضوع.

صحيح أن بدايات التنويري الحقيقية كانت مع انتهاء عصور الظلام في أوروبا وانطلاق الثورة الصناعية الكبرى لكن سرعان ما أصبح التحول ضرورة حتمية بمعنى عدم الانغماس بالكلية في المادية المسرفة والوقوع في شراكها، وإنما لا بد أن يأخذ العقل مكانته اللازمة في هذا الأمر.

لا شك أن بدايات التنوير كانت مع الحضارات الشرقية القديمة، لماذا لأن لكل عصره تنويره ومستنيروه، أليس فكر كونفوشيوس حكيم الصين فكرا تنويريا (فكره الأخلاقي)، خصوصا عندما تحدث عن الوسط الأخلاقي، وإقامة صرح الأخلاق على العقل، أيضا قوانين حمورابي أليست تحمل ما تحمله من فكر تنويري، حتى فكرة الماعت العدالة، كذلك ألا يمكننا أن نعد فكر السوفسطائية فكرا تنويرا لماذا لأنه أعطى فرصة للتعقل والمناقشة والمجادلة.

قس على ذلك أفلاطون وأرسطو، ثم فلاسفة العصور الوسطى المسيحية وخصوصا توما الاكويني الذي أراد أن يتحرر عقله من سلطة الكنيسة، وكذلك ابن رشد رائد العقلانية في العالم الإسلامي الذي أراد أن تتحرر العقول من قيود التبعية إلى العصر الحديث وفكرة كانط وهيجل واسبينوزا، إلى عصرنا الذي يحمل ما يحمله من المتناقضات التي نشأت عن كثرة التيارات سواء إسلامية أو علمانية أو يسارية أو اشتراكية، وإن كنت أرى أن ذلك تنوير للعقول، فلها أن تختار إلى أيهم تميل.

 

أستاذ ورئيس قسم الفلسفة بآداب حلوان

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز