عاجل
الثلاثاء 27 أغسطس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي

أفعال ميليشيا الدعم السريع في السودان.. هل تختلف عن جرائم الإسرائيليين بفلسطين؟

مجاعة في دارفور بسبب منع ميليشيا الدعم السريع وصول المساعدات
مجاعة في دارفور بسبب منع ميليشيا الدعم السريع وصول المساعدات

 في قلب مخيم زمزم بالقرب من الفاشر عاصمة شمال دارفور السودانية، عانت مريم عبد الله، وهي نازحة من سكان المنطقة، من هول مشاهدة طفلها الرضيع يموت جوعاً. لقد شهدت أسرتها، التي لم تتمكن من توفير الغذاء والدواء، وفاته المأساوية.



 

وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، روت مريم لصحيفة "سودان تربيون"، وهي جزء من منتدى الإعلام السوداني*، حزنها على فقدان ابنها البالغ من العمر ثلاث سنوات، بابكر خاطر، بعد مرض طويل الأمد ناجم عن سوء التغذية. 

 

وقالت: "لقد شاهدته يموت بين يدي لأننا لم نتمكن من توفير العلاج والطعام له".

تعكس مأساتها معاناة مئات الآلاف من الأشخاص المحاصرين وسط القصف والقتال في الفاشر والمخيمات المحيطة بها. وتُتهم أطراف النزاع بعرقلة إيصال الإغاثة، مما تسبب في نقص حاد في السلع الأساسية وارتفاع حاد في أسعار تلك المتوفرة. وهذه الأسعار تفوق بكثير ما يستطيع النازحون تحمله، خاصة مع ندرة فرص العمل، حتى في الأسواق والزراعة.

 

وفي السابق، عملت مريم في الأسواق لتوفير وجبة واحدة في اليوم لأطفالها، لكن القتال المستمر أجبر الأسواق على الإغلاق، مما تركها دون دخل لشراء الطعام.

وقالت: "كان طفلي صغيرًا جدًا بحيث لا يستطيع تحمل الجوع فمات. كما توفي العديد من أطفال جيراني، وذكر الأطباء أن سوء التغذية والإسهال الحاد هما السببان" في الفاجعة.

"ليس لدينا ذرة طعام أو أي شيء آخر... المخيم محاصر من قبل ميليشيا الدعم السريع، وتوقفت منظمات الإغاثة عن تزويدنا بالطعام، ولكن يجب إنقاذ الأطفال المتبقين لمنع المزيد من الوفيات".

رغم فقدانها طفلها بسبب الجوع، تطالب مريم بضرورة توفير الغذاء والدواء بشكل عاجل لإنقاذ أطفال مخيم زمزم من المجاعة المنتشرة.

في الأول من أغسطس الجاري، أعلن برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة عن المجاعة في مخيم زمزم الذي يأوي نصف مليون نازح. لكن السلطات السودانية نفت المجاعة، وعزت نقص الغذاء في مخيمات النازحين إلى حصار ميليشيا الدعم السريع لمدينة الفاشر.

يقع مخيم زمزم على بعد حوالي 11 كيلومترًا جنوب الفاشر، وينقسم إلى أربعة أقسام: أ، ب، ج، د. ويقيم في القسم الكبير أ النازحون الذين فروا من منازلهم في عام 2004 أثناء ذروة حرب دارفور ضد النظام السابق.

 

"البقاء على العشب"

 

ووصفت النازحة علوية أبكر الوضع في مخيم زمزم بأنه مأساوي، مشيرة إلى ندرة المواد الغذائية وارتفاع الأسعار وانعدام الأمن الغذائي. 

وأوضحت أن النازحين كانوا يعتمدون في السابق على الحصص الغذائية من برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، لكن هذه الحصص توقفت عندما بدأت الحرب.

وتخشى علوية من أن المجاعة ستنتشر قريبا في كل أنحاء شمال دارفور، مع عدم توفر حبوب الدخن والذرة الرفيعة، وندرة فرص العمل، وتعطل سبل العيش.

وأشارت إلى ارتفاع الأسعار وندرة السلع الأساسية بشكل كبير، مما أجبر الكثيرين، بما في ذلك أسرتها، على الاعتماد على المديده، وهي عصيدة مصنوعة من الذرة الرفيعة أو الدخن المخلوطة بالماء والملح، وأحيانا السكر. 

وأشارت علوية إلى أن نقص الغذاء دفعهم إلى استهلاك الأعشاب التي تنمو بسبب الأمطار، مثل الملوخية، على الرغم من تحذيرات الأطباء من أن الاعتماد على مصدر غذائي واحد غير صحي يجعلهم أكثر عرضة للإصابة بالأمراض.

ويبلغ سعر كيلو اللحم في مخيم زمزم الآن 10 آلاف جنيه سوداني، وهو مبلغ لا يستطيع معظم سكان المخيم تحمله، كما تعاني المخيمات من نقص حاد في الأدوية، مما أدى إلى تفاقم انتشار الأمراض الوبائية مثل الملاريا والإسهال المائي.

وأفادت علوية أن معدل الوفيات بين الأطفال بسبب سوء التغذية في مخيم زمزم يتراوح بين 3 إلى 4 حالات يوميا.

وتحمل نور الهدى حامد، ناشطة حقوق الإنسان في مخيم زمزم، ميليشيا الدعم السريع مسؤولية تدهور الأوضاع.

 وقالت إن حصار ميليشيا الدعم السريع للفاشر يتسبب في مجاعة في زمزم ومناطق أخرى. وأدى فرض القيود على الغذاء والدواء إلى انتشار الأمراض، بما في ذلك الملاريا والالتهابات والحمى، إلى جانب التهابات العيون.

ووصفت آلاف النساء يكافحن للحصول على العلاج أمام المركز الصحي الذي تدعمه منظمة أطباء بلا حدود، مشيرة إلى أن المنظمة الدولية تقدم التغذية العلاجية للأطفال دون سن الخامسة والنساء الحوامل.

 وأشارت إلى زيادة حالات سوء التغذية بين الأطفال، مما أدى إلى ارتفاع معدلات الوفيات بين الأطفال والنساء الحوامل.

وإلى جانب نقص الغذاء والدواء، يعاني سكان مخيم زمزم أيضا من انعدام الأمن على أطراف المخيم بسبب الانتشار الكبير للميليشيات القبلية المتحالفة مع قوات الدعم السريع في صراعها ضد الجيش والحركات المسلحة في الفاشر.

"غالبًا ما تتعرض الفتيات اللاتي يغادرن المخيم للاغتصاب من قبل ميليشيا الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها. 

وقد وقعت العديد من عمليات القتل والاغتصاب للنساء على يد ميليشيا الدعم السريع وحلفائها."

دعت الأمم المتحدة إلى اتخاذ إجراءات فورية لوقف هجمات ميليشيا الدعم السريع في الفاشر وفتح ممرات آمنة لإيصال المساعدات الإنسانية لمكافحة المجاعة، وخاصة في مخيم زمزم.

 

المياه الملوثة

 

يعيش النازحون في مخيم زمزم في أكواخ مبنية من الطوب الناعم والمواد المحلية مثل القش، والتي لا تتحمل الرياح العاتية والأمطار الغزيرة التي تضرب المنطقة حاليًا. 

ويقيم آخرون في مدارس مكتظة مع فرار المزيد من الأسر وما زالت تفر من الفاشر.

وقال آدم موسى، أحد الناشطين بمخيم زمزم، إن المخيم استقبل نازحين من نيالا والضعين والجنينة وزالنجي والخرطوم والأبيض والجزيرة، بعضهم يقيمون مع أسر في أكواخ، فيما استقر آخرون في 14 مدرسة.

وأضاف أن الوضع المعيشي أصبح أكثر صعوبة منذ اندلاع الحرب وتفاقم منذ بدء حصار ميليشيا الدعم السريع للفاشر في أبريل الماضي، حيث أوقفت المنظمات الإنسانية عملياتها، مما ترك النازحين بلا طعام أو علاج أو مأوى.

 

وأشار موسى إلى أن النازحين توقفوا عن الزراعة قبل اندلاع الصراع بسبب استيلاء الجنجويد على أراضيهم، والآن يموت الأطفال وكبار السن من الجوع.

واشتكى من نقص مياه الشرب، حيث جفت 80 بالمائة من آبار المخيم، ما أجبر ما لا يقل عن ثلث السكان على الاعتماد على المياه التي يجلبها الباعة من الفاشر، حيث وصل سعر البرميل الآن إلى 6 آلاف جنيه سوداني بسبب ارتفاع أسعار الوقود.

وبحسب موسى فإن النازحين يلجأون إلى شرب مياه الأمطار ومياه البرك والمستنقعات، على الرغم من خطر الإصابة بالإسهال بسبب تلوث المياه.

ويشكل الصراع المستمر والحصار المفروض على مدينة الفاشر أزمة وجودية لعشرات الآلاف من النازحين الأكثر ضعفاً، الذين يخشون أن يموتوا جوعاً واحداً تلو الآخر.

 

ميليشيا الدعم السريع تقتل ٢٥ في معسكر النازحين شمال دار فور وتقصف مستشفى

 

وفي سياق ذي صلة، قال مسؤولون سودانيون إن 25 شخصا على الأقل قتلوا وأصيب العشرات عندما سقطت قذائف على مخيم للنازحين في ولاية شمال دارفور بالسودان يوم الاثنين، في أحدث هجوم في منطقة تصاعد فيها العنف منذ أبريل الماضي.

 

وتخوض ميليشيا الدعم السريع معارك ضد الجيش السوداني في الفاشر عاصمة شمال دارفور منذ منتصف مايو الماضي، عقب اندلاع صراع على مستوى البلاد بين الجانبين.

واتهمت الجماعة شبه العسكرية باستهداف المدنيين والنهب في الفاشر، حيث حاصرت مئات الآلاف من الأشخاص.

وقال مسؤول وزارة الصحة إبراهيم خاطر إن 25 شخصا قتلوا وأصيب 40 آخرون في قصف مخيم أبو شوك الذي يقطنه نحو 400 ألف نازح.

وقالت لجنة مقاومة محلية إن عدد القتلى بلغ أكثر من 20 شخصا، بينما أصيب 32 آخرون.

وقال شهود عيان إن ميليشيا الدعم السريع قصفت أيضا مناطق سكنية ومستشفى للشرطة، مما أجبره على الإغلاق. 

ولم يتسن على الفور الوصول إلى قوات الدعم السريع للتعليق.

وأعاد الصراع في دارفور إلى الأذهان ذكريات الحرب الأهلية الوحشية في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين والتي أدت إلى إنشاء حكومة الرئيس السوداني المعزول عمر البشير لميليشيا الدعم السريع.

ومن المرجح أن يثير هجوم أبو شوك المزيد من المخاوف بشأن الوضع الإنساني في الفاشر، حيث حذرت منظمات الإغاثة من نقص الغذاء والدواء.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز