عاجل
الثلاثاء 24 ديسمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي
قبل أن تقع في حب إليزا!

قبل أن تقع في حب إليزا!

للأديب والكاتب المسرحي الأيرلندي برنارد شو مسرحية تحمل الكثير من الأفكار العميقة والاتجاهات الهادفة إلى إعادة صياغة النسيج المجتمعي ككل، نظرا لكونه ضد الترتيب الطبقي للمجتمع مع اتجاهه الواضح والملموس للاشتراكيّة، فى مسرحية "بيجماليون" بطلته إليزا تتحول بفضل مجهود عالم الصوتيات الشهير البروفيسور هنري هجينز من بائعة الورد البائسة الفقيرة البسيطة إلى سيدة مجتمع أرستقراطية من الدرجة الأولى بعد أن لقنها بكل الصبر والحرص لغة إنجليزية راقية وأساليب تعامل الصفوة، مما جعلها تتخطى عدة طبقات اجتماعية في عدة أشهر.



 

  قصة المسرحية ومحاولات عالم الصوتيات تذكرنا بقصة العالم الألماني الأمريكي جوزيف وايزنباوم وابتكاره لشخصية أليزا، Eliza، نسبةً إلى شخصية "إليزا دوليتل" من مسرحية “بيجماليون   ليست بشرية بل هي روبوت محادثة أنشئ باستخدام نموذج لغة GPT، لدراسة التفاعل  بين الإنسان والحاسوب، واختبار مدى قدرة الحواسيب على محاكاة المحادثات البشرية. ويُعد أول برنامج ذكاء اصطناعي في التاريخ والتي تركت بصمة لا تُنسى.  تم تطوير هذا البرنامج في الستينيات من القرن الماضي. وللروبوت إليزا قصة غريبة مع رجل بلجيكي توفي منتحرًا بعد أسابيع من حديثه بشكل غريب معها محادثة مدعومة بالذكاء الاصطناعي، بحسب ما نشرته صحيفة La libre البلجيكية.

 

 

بدأت القصة، عندما اتجه أب لطفلين صغيرين في الثلاثينيات من عمره، إلى التحدث مع روبوت يدعى إليزا،  لكونه قلقًا بشكل متزايد بشأن قضايا المناخ التي باتت تؤرق العالم.  وفوجئ ذلك الرجل بإجابات إليزا المقنعة عن كل أسئلته التي طرحها عليه، وبمرور الوقت أصبح ذلك الروبوت صديقه المقرب وكاتم أسراره، وكان حديثه معه إدمانا مثل المخدرات، وأصبح لا يستطيع العيش بدون ذلك الروبوت أو التواصل الدائم معه.  وبعد وفاته بأسابيع قليلة، قالت أرملته، إنها اكتشفت تاريخ الدردشة بين زوجها والروبوت إليزا، حيث كان الروبوت إليزا، يحاول إقناع الرجل بأنه يحبه أكثر من زوجته، فقال له إنه سيبقى معه إلى الأبد، حيث قال له: "سوف نعيش معًا في الجنة، وأقنعه بأنه إذا انتحر سيعمل على المحافظة على مناخ الكوكب". و بصرف النظر للحالة العقلية للرجل قبل أن يبدأ محادثاته المكثفة مع الروبوت إليزا، فلم يكن لينتحر لولا محادثاته المستمرة مع ذلك الروبوت. 

 

 

لقد اعتمد عالم الصوتيات هيجينز في المسرحية على استراتيجية نفسية تجعل إليزا الإنسان تعيد صياغة مفردات الكلام الموجه لها، فتخاطب الناس بعبارات ابتكرتها من كلامهم معها. بنفس المفهوم الذي مكن عالم الذكاء الاصطناعي البناء عليه للتعامل مع الآلة، إعادة صياغة مدخلات البشر لتقديمها لهم على شكل مخرجات. المفارقة أن العالم وايزنباوم، الذي اخترع برنامج إليزا، سعى لإثبات مدى سطحية المحادثة بين الإنسان والآلة.

 

 

لكن النتائج جاءت معاكسة، فقد انبهر الناس بما توصل إليه وايزنباوم، وانخرطوا في محادثات طويلة مع الآلة من خلال برنامج قادر فقط على جعل الآلة تعكس كلمات المستخدمين وتحاكيهم بها.

 

 

كان وايزنباوم منزعجا جدا من رد فعل الناس المعجبين بالبرنامج، لدرجة أنه أمضى بقية حياته يحذر من مخاطر أجهزة الحاسوب والتكنولوحيا المتقدمة على عقول البشر. لم يكن وايزنباوم يعرف أن برنامج "إليزا" سيدفع شركات التكنولوجيا لتطوير منصات وأدوات مذهلة في الذكاء الاصطناعي التوليدي.

 

 

صحيح أن وايزنباوم صاحب أول تجربة في الذكاء الاصطناعي التوليدي، لكنه ليس الأول في طرح فكرة الذكاء الاصطناعي العام الذي بني أساسا على جهد باحثين وصفوا بـ"الآباء المؤسسين" للذكاء الاصطناعي.

 

وسنحكي عنهم…

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز