عاجل
الأربعاء 6 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي
وجع فى قلب الإخوان

وجع فى قلب الإخوان

ما زال إخوان الإرهاب يحاولون. 



هم لا يستوعبون أن كل محاولة تفشل، وأن كل مؤامرة لا تكتمل.

تحصن المصريون ضد الإخوان.. وألاعيب الإخوان.. وتحصنوا ضد وسوسة شياطين الإخوان. 

لكن الإخوان لا يستوعبون.. أو قل إن الإخوان يحاولون الإيهام بأنهم ما زالوا قادرين.

لا الإخوان قادرين.. ولا المصريون ممكن أن يسمحوا مرة أخرى لهؤلاء الثعابين بالخروج من الجحور.

حادثة فيصل دليل على يأس وقنوط. 

لكن.. هل تنهى تلك الواقعة رغبات الإخوان المحمومة فى الاستمرار فى التخرصات؟

الإجابة لا. 

لدى الإخوان حساسية مزمنة.. دفعتهم تلك الحساسية إلى الدخول فى دوامة عصية. دخل الإخوان، بعد 30 يونيو، دوامة كبرى مستمرة حاولوا بمقتضاها الإيهام بقدرتهم على تحريك الشارع المصري.

يعرف الشارع المصري جيدًا من هم هؤلاء.

لكن لن يكف الإخوان عن المحاولات، وفى الوقت نفسه فإن فشلهم كل مرة فى خلق مشهد صالح للترويج هو الذي يعمق من أزمتهم وإحباطهم بكثير من مشاعر الفشل وعدم القدرة.. ما يدفعهم للمحاولة من جديد.

يدخل أهل الشر كل يوم جديد دوامة للشر.. لكن على مين؟

(1)

بعضهم لا يستوعب للآن أو لا يريد أن يصدق أن المصريين الذين خرجوا للثورة فى 30 يونيو، كانوا يضعون بخروجهم هذا نقطة فى آخر السطر. استدعى المصريون الجيش لكتابة نهاية الإخوان. 

سقط الإخوان من عل.. وتهاوت معهم الشعارات وانهدمت أسوار الحيل والألاعيب. 

لأول مرة منذ نشأة الجماعة فى عشرينيات القرن الماضى، وكل هذا العدد من المصريين يفطن إلى الحقيقة. 

فى عهود سابقة، استطاع الإخوان خداع بعضهم، ونجحوا فى استدراج البعض الآخر. 

انكشف الإخوان فى سنة الحكم، وانكشفوا بعد أن طردوا منه.

عرف المصريون أن هؤلاء لا هم أهل الله ولا هم أهل الدعوة إلى الله. بالعكس.. كله سياسة فى سياسة، والذين سبق وصدّروا أنفسهم على أنهم أهل «قال الله وقال الرسول»، كشفوا فجأة عن السلاح وعن القنابل تحت الجلابيب البيضاء. 

ستظل فى حلوق الإخوان غصة.. ويظل فى قلوبهم حقد. ستظل فى قلوب الإخوان نار وسيصلون سعيرًا.

سيظل لدى الإخوان ألف طريقة للعب من تحت لتحت.. ومليون طريقة لمحاولات الضرب تحت الحزام.

ستظل استراتيجية الجماعة مستمرة فى بث الأكاذيب وإثارة الشائعات ونشر الدعايات السوداء ضد الدولة المصرية والهدف إسقاطها.

محاولات الإخوان يائسة دائمًا، رغم أنها فى الغالب ما تكون أقل حجمًا وأكثر سذاجة. طوال تاريخهم ومنذ نشأتهم وهم قد حددوا مواقفهم بأنهم فى عداء مع أى نظام حاكم لا يدين لهم بالتبعية.

كان لدى الإخوان ثأر مع الدولة الوطنية منذ بداياتهم فى الإسماعيلية. ثأرهم مع دولة 30 يونيو أكبر.

(2) 

دخل المصريون بعد ثورة يونيو عقدًا مرحليًا أولًا من نوعه. 

أعادت الجمهورية الجديدة تشكيل الجغرافيا، وأعادت رسم الخرائط، وأعادت حتى توزيع الهضاب والشوارع، وغيرت أماكن المدن الكبرى على خريطة البلاد. 

لم يكن الطريق إلى الجمهورية الجديدة سهلاً.. ولم يكن طريق الإنقاذ مفروشًا بالورود.. أو ممهدًا بالأسفلت الناعم. 

منذ 2011 كان التاريخ المصري قد واجه أنواء وظروفًا هى الأشد تعقيدًا على مستويات السياسة والاجتماع.

لم تمر بالبلاد، على الأقل فى تاريخها الحديث أنواء على هذا الشكل وبهذا المنوال. لم يحدث أن استهدفت مثل تلك المؤامرات بهذا الشكل، وعلى هذا المنوال ولا بتلك الصورة الدولة من قبل. 

وفى المراحل المفصلية فى تاريخ الأمم، لا تتغير الظروف على صعوبتها إلا بأن يفرض القائد الكاريزما السطوة على الدقائق والثوانى.. لتعاد الحسابات.. ويعاد النظر.. وتعاد التصورات. 

فى 3 يوليو 2013، أعاد عبدالفتاح السيسي رسم الخرائط فى مواجهة عجلة نارية كانت قد انطلقت لإعادة ترسيم الشرق الأوسط.. من بقع مختلفة على الخريطة، فى بروفات أولية.. فى الطريق إلى مصر. 

بدأ مخطط ما يسمى بالربيع العربى بتفاعلات شيطانية فى معامل عديدة انتشرت على رقعة العالم، من أقصى الغرب لأقصى الشرق. انتهت أكبر موجات الربيع العربى وإخوان الإرهاب فى قصر الاتحادية.

تعرض ما يسمى بالربيع العربى لمعاملات تسخين فى معامل الخارج. 

أضيفت لغبار الربيع العربى غازات سامة وخلطات شيطانية. استهدفت خططه الشيطانية إعادة رسم خرائط الشرق الأوسط بإعادة ترتيب مقاعد القيادة فى حروب لم يكن متعارفا عليها.. فظهرت فجأة.. واتضحت تفاصيلها فجأة.. وانفجرت فى وجوه المنطقة فجأة.

لعب الشيطان على تفجير الدول من الداخل، وتفجير الشعوب.. وهدم الشعوب.. وإسقاط الشعوب ثم إسقاط الدول.. باستخدام الشعوب نفسها. كان ما يسمى تيارات الإسلام السياسى فى الخلفية.. فى الانتظار. 

لما دارت عجلة النار فى المنطقة.. أوقفتها مصر.

وكان أن توقفت عجلة النار فى مصر.. وبقى لدى إخوان الشيطان، للآن، ثأر من شعب استعاد نفسه.. ورمى بأصحاب الذقون من عل.

(3)

دبر الإخوان محاولة السطو المسلح على مصر بليل.

إن جيت للحق، لا تنفي نيات الإخوان الملوثة بالدماء أبدًا أن هناك من دفع بهم إلى الحكم من الداخل قبل الخارج. 

كانت محاولة الإخوان بداية لأدلجة الدين فى سلسلة كانت تكتب فى أقاصى الكوكب لتغيير تاريخ المنطقة، واعتبرت مصر فى تلك السلسلة بابًا وبوابة.

على مر التاريخ ومصر بوابة المنطقة.. وبوابة أفريقيا.. وبوابة الإقليم. 

خلال أيام «تنذكر ولا تنعاد» فيما سمى بالربيع العربى، لم تكن خطة استيلاء الإخوان على الحكم فى مصر مجرد سطو مسلح على وطن، إنما كانت بداية وفتحًا لبوابة واسعة تتسرسب من خلالها كالماء.. خلايا سرطان الراديكالية الدينية وجماعات التطرف فى جسد المنطقة، وتنساب فى أروقة الشرق الأوسط، لتعاد أشكال التوازنات ومواقع القوى، ويعاد فيها ترتيب الاستفادة من الثروات، وتعاد منها رسم تفاصيل معادلات السلاح والهيمنة.

قطعت 30 يونيو الطريق على تجار الوطن.. ونزل عبدالفتاح السيسي استجابة لشعب لم ير أنه من الممكن أن يقيم على كرسى رئاسته «جاسوس».. ولا أن يسلم دولته لحكم مرشد الإخوان.

لأسباب مختلفة سقط إخوان الإرهاب من عل فى سماء مصر. 

لا يفهم المصريون الإسلام مخلوطًا بالدماء.. ولا يعرفون أقوال الصحابة والتابعين محرضة على الفوضى والدمار.. والقتل والذبح وتفخيخ محطات أتوبيسات النقل العام.

على مر التاريخ الإسلامى لم تفلح أدلجة الدين فى سيرة المصريين.

الأدلجة سياسة، والدين سمو روحى.. وعلاقات سامية مع الله. حاولت تيارات الإرهاب الدينى، تغيير المعادلات، فأدخلت الدين فى الدنيا.. وحاولت خلط السياسة بأقوال الصحابة.. وأعادت تأويل آيات الذكر الحكيم.. لمعاداة الآخر، والحجر على الرأى، والقتل على الهوية.. والاستحواذ على الحكم. 

لم تنجح معادلة الخراب على هذا النحو فى مصر هذه المرة. نفس المعادلة لم تنجح فى مرات سابقة منذ عصور ما قبل بدء الخلافة الإسلامية فى العصر الأموى. 

للإنصاف.. ولحظوظ أسعد.. صنف المصريون إسلامًا خاصًا على مر التاريخ. مال إسلام المصريين للتوسيط.. يعنى ما بين بين. ما بين تشدد فى الشرق.. وما بين تعالٍ فى مزيد من التفريط فى الغرب. 

دخل المصري على اختلاف دينه كنائس الأقباط ومعابد اليهود.. بعد صلاة الجمعة يوم الجمعة، وبعد قداس الأحد يوم الأحد. لم يطعن المصريون يومًا فى عقيدة، ولا أقاموا تفريقًا على هوية أو على إيمان.

لم يسقط إخوان الإرهاب فى اختبار الحكم باعتباره شأنًا من شؤون الدنيا، مدّوا إليهم أياديهم باسم الدين.. إنما لم ينجح الإخوان فى تمرير معادلة دينية موهومة وملغومة إلى الشارع المصري، تفوق فيها أصحاب الذقون على أصحاب الحرف.. وتعالى فيها أصحاب الجلابيب على أرباب المهن.

خلال مشروع لم يكن ليكتمل بالحتمية التاريخية والاجتماعية، حاول الإخوان، فترة ما بعد يناير، إدخال المصريين فى بوابات تسييس الدين، وأدلجة العقيدة.. وصولًا إلى أهداف السطو العام على رقعة من أعرق وأقدم الرقع فى التاريخ والجغرافيا.. اسمها مصر.

لم يرتض الشعب المصري، منذ ما قبل نزول المسيحية حكمًا يرفع راية فئة، أو يحكم سطوة مذهب. صحيح ظهرت فترات من الضعف السياسى والاجتماعى ما أسفرت عن قلاقل من هذه النوعية على السطح.. لكن ظلت كل تلك القلاقل على هامش التاريخ المصري.. فى كل عصور التاريخ المصري. 

لم يفهم إخوان الإرهاب معادلات الإيمان المصري.. ولا فهموا سيكولوجية شعب.

لذلك كانت سنة حكم الإخوان فتنة.. وقى الله شرها. وكانت 30 يونيو نهاية حتمية لمرحلة اقتربت فيها الدولة والحضارة والثقافة من حواف الهاوية.

ما زال ما تبقى من التنظيم يأكل نفسه.. لكنه فى الوقت نفسه ما زال يحاول، لكن محاولاته تلك لا تتعدى أن تكون من على شاشة أو بفلاشة!!

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز