عاجل
الأربعاء 13 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي

د. حسام الإمام يكتب: سي السيد وأمينة.. عيدكم سعيد

د. حسام الإمام
د. حسام الإمام

"الحلزونة" التي يدور الرجل والمرأة فيها دون ملل، وأغلب ظني أنها لن تكف عن الدوران إلا بانتهاء الحياة أو انقراض الجنس البشري، نعم هي كذلك شئنا أم أبينا. الصراع الأزلي بين سي السيد ملك زمانه وسيد عصره وأوانه، وأمينة المسكينة، الطيبة المستكينة! 



كتبت عن الأمر كثيرًا ولن أمل، لما أقابله من أسئلة واستفسارات يطرحها الكثيرون والكثيرات باحثين عن إجابة لسؤال عجيب أقحمناه في حياتنا إقحامًا حتى كاد يدمرنا. رغم أن الأمر يمكن أن يكون أسهل بكثير إذا نظرنا إلى القضية نظرة عادلة ومحايدة، إن طرحنا جانبًا هذا السؤال المرهق والممل "من يسود الآخر.. الرجل أم المرأة؟"، ونظرنا إلى حياتنا باعتبارها تعاونًا مشتركًا لإقامة أسرة ناجحة. 

اقترحت وأكرر اقتراحي، لم لا يتبعون- أقصد الرجل والمرأة– نهجًا محددًا، بحيث يسألون أنفسهم كل فترة: هل إذا رجع الزمان وتقدم لي زوجي وعلم بصفاتي التي رآني عليها خلال السنوات الماضية، هل كان يقبل الزواج مني؟ هل إذا رجع الزمان وتقدمت لخطبتها وعلمت بأسلوب حياتي وطباعي التي عرفتها خلال السنوات الماضية، هل كانت تقبلني زوجًا لها؟

طبعًا لن تكون الإجابة سهلة! فالكل يرى نفسه على صواب، إلا من أراد الوصول إلى الحقيقة أيًا ما كان رأيه الخاص، من يضع مصلحة أسرته ومستقبلها فوق كل اعتبار.

لذلك أطلب منهما قبل طرح السؤال أن يكونا على يقين كامل من توافر رغبة جادة في الوصول إلى الحقيقة ولا شيء غيرها، رغبة في إقامة أسرة ناجحة أساسها المعاشرة بالمعروف. اللحظة الحاسمة تأتي إن اعترفت يا عزيزي بعيوبك واقتنعت أن شخصًا مثلك قد لا ترضاه زوجًا لأختك أو لابنتك، ونفس حديثي للمرأة، هل ترضين امرأة مثلك على طباعك وعاداتك زوجة لابنك أو أخيك؟ صدقوني هي وقفة مع النفس لا بد منها رغم مرارتها، إن رغبتم في إصلاح ما أفسدتموه. 

هل تتخيل عزيزي القارئ شكل الحياة إذا اعتدنا الاحتكام إلى هذا السؤال؟  هل أخذك كلامي إلى عالم "ديزني لاند" الخيالي لنرى زوجًا وزوجة يجلسان وسط الزهور يبتسمان ويستمعان إلى بعضهما البعض بكل هدوء ويتقبلون معرفة عيوبهم بنفس راضية مرضية، بل ويتفقون على إصلاح العيوب.. هل تراني تعمقت في عالم "ديزني لاند" أكثر من اللازم؟

ربما، فأنا أعلم جيدًا ما تقوم به النفس البشرية من مهام مزعجة، الكل يرى نفسه "صح" والباقي "غلط". لن أظلم المرأة وحدها وأقول إنها ترى نفسها دائمًا على صواب، فهو طابع بشري، وإن كان للنساء في ذلك تفوق لا ينكره أحد! لكنني أؤكد للجميع أن الحياة لا يمكن أن تستمر إلا إذا حدث توافق، وهذا التوافق يتطلب تنازلات من جانب الطرفين "علشان المركب تمشي".

صدقوني، لا مجال للكبر والتمسك بفكرة أنا لا أخطئ، ببساطة لأن كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون. لا عيب أن نخطئ، لكن العيب والمصيبة ألا نعترف بالخطأ ونعمل على إصلاحه. يا سادة إن الكمال لله وحده سبحانه وتعالى، أن نخطئ وتنال منا العيوب، تلك هي طبيعة الأمور، لكن هناك ما يمكن احتماله وما لا يمكن احتماله. إذا كنت ترى أنه من الواجب على زوجتك أن تتحمل ثورتك وغضبك، فلم لا تعترف لها بنفس الحق. إن كان واجبها أن تحترم رأيك وتنفذه، فلا تنكر نفس حقها عليك وفي أمور كثيرة، ربما جميع الأمور التي تخص البيت.

ببساطة، عاملها كما تحب أن تعاملك، وعامليه كما تحبين أن يعاملك. إن بناء الأسرة على أساس فكرة "من يسود الآخر" هو أمر فاسد، لأنه إن استندنا للحكم بسيادة الرجل إلى قوته وقدرته على الدفاع عن الأسرة والعمل الشاق لكسب العيش، فلا جدال في تقرير سيادة المرأة بشكل كبير فيما يتعلق بالبيت وتربية الأولاد. وقد تقتضي الظروف واحتياجات الحياة أن يتشارك كلاهما تلك المهام، هي إذن سيادة مشتركة تعاونية لتحقيق صالح الأسرة. لكن ما حدث يا سادة أن النضال والقتال من أجل المساواة قد أدى في كثير من المجتمعات- خاصة الغربية منها- إلى هدم نظرية الرجل يسود لتظهر بدلًا منها نظرية "المرأة تسود"! وقد رأيت بعيني في أوروبا الرجال وقد بدءوا يشعرون باستحالة إقامة أسرة ناجحة لعدم تفرغ النساء لبيوتهن، فاتجهوا إلى الزواج من نساء آسيا وأفريقيا، ممن لا تزال فكرة الأسرة تندرج ضمن اهتماماتهن وطموحاتهن. 

مدير المركز الإقليمي لأخلاقيات المياه[email protected]

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز