عاجل
الأربعاء 28 أغسطس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي

حسابات الأمن القومي تعرقل سيطرة السيارات الكهربائية الصينية على ‏الأسواق الأمريكية والأوروبية‏

صورة أرشيفية روزا أوتو
صورة أرشيفية روزا أوتو

لا صوت يعلو فوق موازين الأمن القومي، وفاء لهذه القاعدة تتسابق دول الغرب لوقف انتشار السيارات الكهربائية الصينية التي تغزو العالم بأكمله بسرعة الصاروخ، إذ تسببت نجاحاتها المتتالية في كارثة كبرى للصناعة الناشئة في أوروبا، وأدت إلى تعطيل كل خطط المستقبل للتحول إلى الطاقة النظيفة، أثر ضعف المنافسة أمام التنين القادم بقوة في عالم السيارات الكهربائية.



 

بايدن وترامب ضد السيارات الكهربائية الصينية

على مستوى الحملات الرئاسية الأمريكية، هناك شبه اتفاق بين جو بايدن الرئيس الحالي للولايات المتحدة الأمريكية ودونالد ترامب المرشح المحتمل والرئيس السابق على تقويض الصناعة الصينية التي تهدد التفوق الغربي في مجال السيارات الكهربائية.

 

وبخلاف أمريكا، تتخوف البلدان الغربية من الشيء نفسه، إذ تشعر الجهات المسؤولة بقلق شديد من التأثير الصيني على التصنيع المحلي، ويتهمون حكومة بكين بتقديم دعم ضخم لشركات السيارات الكهربائية من أجل التفوق على نظيراتها الغربية وخاصة في التسعير، ويعتبرونها ميزة غير عادلة في المنافسة.

 

والمثير في الأمر أن الأحزاب يسارية التوجه مثل العمال البريطاني، والمساندة للطبقات الأقل ثراء خاصة المتوسطة والفقيرة يساندون نفس الخطوة، مما يؤكد أن المصالح العليا لهذه الدول خطا أحمر لجميع القوى السياسية، وتحجيم الصناعة الصينية ومنع مصادر تفوقها بتوقيع عقوبات في صورة فرض رسوم جمركية إضافية أو توقيع عقوبات عليها بزعم تعاونها مع أجهزة الاستخبارات الصينية محل اتفاق بين الجميع. 

 

رغب أوروبا من تآكل صناعة السيارات الغربية

 

ويعتبر التسعير أحد أسباب الرعب الغربي من الصناعة الصينية بشكل عام، إذ يستطيع المواطن الغربي الحصول على سيارة في أوروبا من الطرازات الصينية بأسعار لاتقارن بنظيرتها الأوروبية ما يشكل تهديدات خطيرة للصناعة الغربية التي تكافح الآن للمنافسة على الأسعار مما يهدد الجودة، ويرسخ ثقافة جديدة داخل القارة العجوز تهتم بالسعر على حساب المبادئ الراسخة للثقافة الغربية التي تضع الجودة والأمان فوق كل اعتبار.

 

ضربات تحت الحزاب أم حقائق 

 

وضمن المخاوف الغربية التي تسوقها بشدة وسائل الإعلام الأوروبية، الزعم بأن شركات السيارات الكهربائية الصينية تعمل تحت مظلة قانون الاستخبارات الوطني، مما يعني أن الشركات ترسل معلومات عملائها لهذه الأجهزة دون شفافية أو مساءلة، مما يشكل خطرًا كبير على الأمن القومي لدول الاتحاد الأوروبي ويخترق خصوصية مواطنيه.  

 

وتستند هذه المزاعم على عضوية مؤسسي كبرى شركات السيارات الكهربائية الصينية في الحزب الشيوعي الصيني والمؤتمر الشعبي الوطني، بجانب إنشاء بعض الشركات مراكز بحوث وتطوير بالمناطق العسكرية الصينية.

 

أولى خطوات محاصرة السيارات الكهربائية الصينية في الغرب

 

من ناحيتها بدأت بريطانيا أولى الخطوات الكبرى في محاصرة السيارات الكهربائية الصينية، وفرضت تعريفات جمركية على التدفق المستمر للسيارات الكهربائية الصينية إلى السوق لحماية صناعتها المحلية في المملكة المتحدة، وتخفيف المخاطر الاقتصادية ومخاطر الأمن القومي على بريطانيا ودول الاتحاد الأوروبي.

 

رد بكين على اتهامات الغرب للسيارات الصينية

 

ما يتردد داخل الاتحاد الأوروبي رد عليه أندرو يه، الرئيس التنفيذي لمعهد المخاطر الاستراتيجية الصيني، وأكد أن الحكومة الصينية ترى أن السيارات الكهربائية وسلاسل توريد الطاقة البديلة بأكملها لها أهمية استراتيجية مهمة للغاية.

 

ولم يتهرب أندرو من حقيقة دعم الحكومة الصينية للصناعات المحلية، وأكد أنه يهدف إلى تعزيز النمو الاقتصادي للصين في هذا المجال، لكنه رفض الاتهامات الغربية إجمالا مؤكدا ان السبب الحقيقي لانتشار السيارات الكهربائية الصينية في الغرب، يعود إلى الوفرة والفائض في الإنتاج خارج احتياجات السوق المحلي الصيني والذي وصل إلى 30 % من إجمالي القدرة الإنتاجية.

 

وكشف الرئيس التنفيذي لمعهد المخاطر الاستراتيجية في تصريحات لوسائل إعلام أمريكية أسباب بيع السيارات الكهربائية بأسعار رخيصة، مؤكدًا أن الأمر يرجع إلى الإعانات الصناعية، التي تتلخص في إعانات الأراضي، وتسريع الموافقات على الترخيص، بجانب أن الطاقة في الصين أرخص بكثير مما هي عليه في أوروبا والكثير من بلدان العالم، والطاقة بالتأكيد أحد عوامل التكلفة.

 

يذكر أن صناعة السيارات الكهربائية في الصين تطورت بسرعة ملفتة خلال السنوات القليلة الماضية، وأصبحت تنتج ثلثي السيارات الكهربائية في العالم مما أشعل حالة من الخوف في معقل السيارات «الغرب».

 

وتعتبر الصين السلع الرخيصة ولاسيما في السيارات الكهربائية جزء من القوة الناعمة والصلبة لصورة الصين في الخارج وتقوية علاقاتها مع دول العالم المختلفة.

 

ويتخوف الغرب في المقابل من نظرة الحزب الشيوعي الصيني للغرب باعتباره محور عداء له، وبالتالي يفكر على الدوام في أدوات تساعده على ممارسة نفوذ أكبر على هذه المجتمعات العدائية، مما يعني أن فتح الأسواق الغربية للسيارات الكهربائية الصينية من أخطر أشكال الانتحار الاقتصادي.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز