عاجل| كيف تواجه مصر تغيُّر المناخ؟..وزير الزراعة "يجيب"
عادل عبدالمحسن
نشر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، مقالً عن تغير المناخ سطره السيد القصير وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، والذي أظهر خلاله باعًا طويًلا في تناول ظاهرة تغير المناخ وكيفية مواجهتها.
الدولة المصرية، تتبنى برامج الابتكار والتكنولوجيا في مجال الزراعة
وأشار الوزير إلى أن الدولة المصرية، تتبنى برامج الابتكار والتكنولوجيا في مجال الزراعة، خاصة بعدما أصبح ملف الأمن الغذائي واحدًا من أكبر التحديات التي تواجه الدول المتقدمة والنامية على السواء، أصبح ملف الأمن الغذائي واحدًا من أكبر التحديات التي تواجه الدول المتقدمة والنامية على السواء، ولم تعد مشكلة الفجوة الغذائية مجرد مشكلة اقتصادية وزراعية فحسب، بل تعدَّت ذلك لتصبح قضية سياسية استراتيجية ترتبط بالأمن القومي والإقليمي.
وأشار وزير الزراعة إلى أن ملف الأمن الغذائي تعاظم في ظل الأزمات والتحديات التي تواجه العالم أجمع بلا استثناء بدءًا من أزمة "كوفيد-19" ومرورًا بالأزمة الروسية الأوكرانية بالإضافة إلى تحديات التغير المناخي، وكلها تحديات وأزمات أثَّرت بشكل كبير على اقتصاديات الدول سواء بتقييد حركة التجارة الدولية والتأثير على سلاسل الإمداد والتوريد وانخفاض الإنتاجية في القطاع الزراعي، أو بارتفاع أسعار السلع والمنتجات الزراعية ونقصها في بعض الدول وارتفاع أسعار الشحن والتأمين؛ كلُّ ذلك أدى إلى الحد من قدرة بعض الدول وقد يكون منها المتقدمة- على توفير الغذاء بالقدر الكافي لشعوبها.
وأكد السيد القصير على أن تغير المناخ يُعد من أهم تلك التحديات التي تواجه الأمن الغذائي؛ فقد أحدث ذاك التغير تأثيرًا عميقًا على وعي البشرية، لا سيما مع ذوبان القمم الجليدية القطبية، وارتفاع مستويات البحار، وتزايد ضراوة الظواهر الجوية الجامحة، فلا يوجد بلد في العالم في مأمن من آثار تغير المناخ؛ حيث تضاعف معدل حدوث الكوارث البيئية بـ 3 مرات، وبالتالي معاناة الأجيال القادمة أكثر.
وشدد السيد القصير في مقاله على أن هناك حاجة ملحَّة إلى تحسين إدارة النظم الزراعية والموارد الطبيعية من أجل ضمان تمتُّع المجتمعات والممارسات الزراعية بقدرٍ كافٍ من القدرة على الصمود والاستدامة حتى تتكيَّف مع آثار تغيُّر المناخ، ولذا، يُعد ذلك التغير هو القضية الحاسمة في عصرنا، فالآثار العالمية له واسعة النطاق ولم يسبق لها مثيل من حيث الحجم مع تغيُّر أنماط الطقس في كثير من المناطق على سطح الأرض، وقد تابع العالم هذا الكم الكبير من الحرائق والفيضانات والسيول والجفاف الذي أصاب مناطق متفرقة من العالم؛ حيث أدت هذه التغيرات إلى زيادة حدة الجفاف، وتدهور التربة، وزيادة مساحات التصحر، وقلة الأمطار، بالإضافة إلى زيادة حدة التأثير على المناطق الهامشية؛ مما أدى إلى تغير كبير في نظم الزراعة والغذاء. ومن هنا ظهرت الحاجة الماسة إلى مضاعفة الجهود المبذولة من أجل تحقيق الأمن الغذائي لشعوبنا من خلال بناء أنظمة زراعية وغذائية مستدامة، وتعزيز القدرة على تنمية الإنتاج الزراعي، وتحسين قدرات التخزين والتوزيع والاستدامة.
وأكد الوزير أنه على الرغم من تأثر نظم الأغذية الزراعية بتغير المناخ، ما زالت قادرة على توفير فرصة فريدة لمعالجة أثره من خلال بناء تلك الأنظمة لضمان تكيفها مع ذلك التغير، فضلًا عن أنها توفر العديد من الفرص للحد من انبعاثات الغازات الكربونية، وتُعتبَر بالوعات لامتصاص ومعادلة هذه الانبعاثات "Carbon sink" إلا أنه لتنفيذ تلك النظم القادرة على الصمود أمام تغير المناخ فلا بد من التزام الدول الكبرى وشركاء التنمية في إتاحة الموارد المالية بالقدر الكافي لدعم المنتجين والجهات الفاعلة لتنفيذ التحول المستدام والعادل من خلال توليد وتبادل المعرفة وتنفيذ أفضل الممارسات الابتكارية، والتي تشمل تحديث وتطوير برامج الإنذار المبكر؛ لرفع تدابير الاستجابة للمزارع لسرعة التعامل مع تهديدات تغير المناخ، واستخدام نظم الزراعة الدقيقة والذكية مناخيًّا والذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا الاتصالات والمعلومات، وتوسيع دائرة الإرشاد الزراعي والتحول الرقمي؛ لضمان وصول هذه الابتكارات إلى المزارعين، خاصة أصحاب الحيازات الصغيرة؛ لتوسيع نطاق الحلول التي تمنحهم المرونة في مواجهة تغير المناخ.
ونصح وزير الزراعة في مقاله بأن من الابتكارات التي يجب أن تتبناها الدول المتأثرة بتغير المناخ تكنولوجيا استنباط أصناف نباتية ذكية؛ إذ لم يعد مقبولًا أن تظل إنتاجية الوحدة المنزرعة من المحاصيل في بعض المناطق من العالم أقل بنحو 50% من مثيلاتها في الدول التي تتبع أساليب الابتكار الزراعي.
وقال الوزير: في هذا الإطار أود الإشارة إلى أن الدولة المصرية قد تبنَّت برامج الابتكار والتكنولوجيا في مجال الزراعة من خلال تعميق دور البحوث التطبيقية في مجال استنباط الأصناف قصيرة العمر والمتحملة للإجهادات المناخية، فضلًا عن الاستفادة من الذكاء الاصطناعي وبرامج الزراعة الذكية مناخيًّا، بجانب التوسع في الميكنة الزراعية الحديثة والتطبيقات الرقمية وأنظمة الإنذار المبكر، وزيادة مرونة وتدعيم القطاع الزراعي في المناطق الهامشية والهشة مناخيًّا، فضلًا عن إطلاق مبادرات تشجيع التحول إلى نظم الري الحديث خاصة في ظل محدودية الموارد المائية كأحد التحديات التي تواجه قطاع الزراعة في الدولة المصرية.
ولفت وزير الزراعة واستصلاح الزراعة إلى أن مؤتمر المناخ "COP27" أتاح الفرصة لكل الأطراف لتبادل الرؤى حول دور قطاع الزراعة في التصدي لتغير المناخ من خلال معالجة قضايا: التربة، واستخدام المغذيات، والمياه، والثروة الحيوانية، وأساليب تقييم التكيف، والأبعاد الاجتماعية والاقتصادية وأبعاد الأمن الغذائي لتغير المناخ عبر القطاعات الزراعية.
وفي هذا الصدد، تجدر الإشارة إلى أنه بمجرد الإعلان عن استضافة مدينة شرم الشيخ القمة العالمية للمناخ COP27""، فقد اتخذت الدولة المصرية عدة إجراءات خاصة بتحويل مدينة شرم الشيخ إلى مدينة خضراء صديقة للبيئة، وقد استهدفت تقديم مدينة شرم الشيخ كنموذج واقعي نحو الحفاظ على البيئة، والحد من ظاهرة تغير المناخ والانبعاثات الكربونية؛ حيث تم التوسع في المساحات الخضراء، وإنشاء الحديقة المركزية بمنطقة المثلث الأخضر، وزراعة آلاف الأشجار من النخيل والأشجار المثمرة.
وتابع الوزير في مقاله القول: كما لا يفوتني في هذا المجال الإشارة إلى أهمية مخرجات مؤتمر المناخ "COP27"؛ حيث تم الإقرار للمرة الأولى في تاريخ مؤتمرات المناخ بقضية الخسائر والأضرار، والذي نشأ بموجبه صندوق للخسائر والأضرار لمواجهة تحديات المناخ خاصة في الدول النامية والاقتصادات الناشئة، ويتطلب ذلك وجود آلية تنظم عمليات التمويل والتقييم، وهذا ما نأمل إنجازه خلال مؤتمر المناخ "COP28"، الذي سيُعقد بدولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة نهاية 2023.
وقال القصير: لقد كانت السمة المميزة الأخرى لمؤتمر الأطراف هي تخصيص الرئاسة المصرية للمؤتمر يومًا كاملًا للزراعة والتكيف، شارك فيه عدد كبير من وزراء الزراعة والبيئة حول العالم؛ حيث تم خلاله إطلاق مبادرة الغذاء والزراعة من أجل التحول المستدام FAST""، التي استهدفت تحفيز حشد التمويل لبرامج التكيف والابتكار الزراعي؛ ذلك في ضوء أن الواقع يشير إلى عدم قدرة الدول النامية والاقتصادات الناشئة على تمويل هذه البرامج من موازنتها.
كما استهدفت مبادرة “FAST” أيضًا تنفيذ إجراءات ملموسة من شأنها تحسين العمل المناخي وكمية ونوعية مساهمات تمويل المناخ؛ لتمويل النظم الزراعية والغذائية بحلول عام 2030؛ بهدف دعم برامج التكيف والابتكار الزراعي وتطبيق التكنولوجيا والعمل كمسرع لتمويل أنظمة الأغذية الزراعية؛ وذلك لتحقيق مكاسب ثلاثية: للناس، والمناخ، والطبيعة؛ بما يحقق أهداف التنمية المستدامة.
وختامًا، فإنه لا بد من تأكيد ضرورة توفير التمويل لقطاع الزراعة بالشروط الميسرة والمحفزة؛ وذلك لتدعيم قدرات الدول على تنفيذ الاستثمارات بالقدر الذي يزيد من إمكاناتها على تنفيذ كل برامج التكيف والتخفيف، وبما يمكنها ويساعدها على تنفيذ التحول العادل، خاصة أنه يجب على الدول التي تسببت في الانبعاثات بصورة كبرى أن تكون مسؤولة عن تنفيذ التزامات طموحة بشأن حيادية الكربون، وأيضًا دعم الدول النامية بالتمويل؛ لتمكينها من زيادة قدراتها على تنفيذ برامج التحول العادل والمناسب؛ مما يدعمها في توفير الأمن الغذائي لشعوبها.