عاجل
الأحد 5 يناير 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي

ما زال محبا للحياة لا يتوقف عن الإبداع..

الفنان سعيد بدوي يُحضِّر روح "الكاريكاتير" في بوتقة التجريدية

جانب من اللوحات
جانب من اللوحات

يحلم بإحياء فن الكاريكاتير الذي قارب على الاندثار، يقاوم التحديات التي تقف عقبة في سبيل تحقيقه هذا الهدف النبيل، ولأجل أن يحقق هذا الحلم، يدمج الكاريكاتير في لوحاته بمدارس أخرى كالسيريالية، والتجريدية، في قوالب فنية رائعة مبهرة، تُلهب العقول، وتخطف الأبصار.



ومن "أحلام وردية" في 2022، انطلق الفنان الكبير سعيد بدوي أحد رواد فن الكاريكاتير المصري، الذي تتلمذ على أيادي عمالقة هذا الفن، وخرّج أجيالًا، وأجيالًا من المُبدعين؛ ليكمل مسيرة النجاح هذا العام، في معرض جديد، اختار له عنوان "أيامي"، وكما اختار لمعرضه هذا العنوان البديع، اختار لافتتاحه كذلك فنانًا تشكيليًّا عالميًّا مًتفرِّدًا بفنه، زميلًا له يحمل نفس إحساسه التوّاق للرقي، والجمال، وروحه الفنية المفعمة بالإنسانية، وعشق الإتقان، وعدالة القضية، وسمو الهدف، ولمسات الابتكار، هو الفنان الكبير محمد عبلة، عِشرة العُمر، رفيق الدرب الطويل.

وفي السادسة، من يوم الخميس 9 يونيو الجاري، كان جمهور "بدوي" على موعد يتجدد سنويًّا مع إبداعاته الكاريكاتيرية، من لوحات، ورسوم قصصية، وكُتب تعليم الفن للنشء الصغير، أخرج فيها كل مكنون الحداثة في أفكاره، وخطوطه، وألوانه، والمزج الذي أبدع فيه بين الكاريكاتير، والمدارس الفنية المختلفة، وبخاصة التجريدية، نجح من خلاله في زرع الفرح والتفاؤل في نفوس متلقيه، ورسم البسمة - كعادته - على شفاههم.

وشهدت أيام المعرض، منذ افتتاحه وحتى الآن، إقبالًا كبيرًا، يعكس مدى الحُب الجارف لهذا الفنان القدير، من كل الأعمار، والاتجاهات الفنية، ويراهن على استمرار نجاحاته، ومن المتوقع أن يزداد هذا الإقبال، حتى ختامه الثلاثاء المقبل 27 من الشهر نفسه.

ومن عام إلى عام، لا يتوقف عن الإبداع، ليشعر بوجوده، وكينونته، وتأثير فنه المتوغل في حياة الآخرين، من تلامذته، ومريديه؛ بخطوطه، الجريئة، وشخوصه الحيّة التي ترسم تفاصيل مجتمع بأكمله، من القمة، إلى القاع، فهو طاقة إيجابية هائلة لا تنضب، تحلم دومًا بعالم أفضل.

ومع كل نجاح تحققه معارضه السنوية؛ يزداد تعلُّقًا بفنه، وتشبثًا بالنجاح، وإصرارًا على مواصلة طريق الإبداع، ويمتلئ طاقة تجدد بداخله الطموحات، والأحلام، فيتنقل بينها، بروح الشباب، التي تنعش جسده؛ بالسعادة، والحيوية، فيعاود السهر على رسومه، يستخرج منها كل جديد، يفوح منه أنفاسه، مكسوًّا بألوان الحياة.

"بوابة روز اليوسف" كانت حاضرة، كعادتها كل سنة، طوال أيام المعرض؛ شاهدة على الكاريزما الفنية الرائعة لـ"بدوي" التي نجحت بجدارة في حماية فن الكاريكاتير من الاندثار، والحفاظ عليه حيًّا في نفوس المصريين، من خلال ريشته التعبيرية التي لا تنضب أبدًا، وشخصيته التأثيرية القوية، وخلق أجيال موهوبة ممتدة، تُكمِل المسير، اكتملت بهم لوحة الإبداع.

وعن سر اختيار كلمة "أيامي" عنوانًا لمعرضه؛ قال الفنان سعيد بدوي لـ"الأهرام": "اخترت هذا الاسم ليكون انعكاسًا لحياتي، التي أشبهها في صعودها، وهبوطها، بموسيقى متنوعة مرة رومانسية هادئة، وأخرى متقلبة صاخبة، وفي الوقت نفسه، استخدمت هذا الاسم للتعبير أيضًا عما مررت من صراعات عنيفة كانت تموج بداخلي، لا أستطيع التعبير عنها إلا من خلال لوحاتي، التي قسمتها إلى ألوان، وأبيض وأسود، لتجسد تقلُّب الأيام".

ثم تحدث الفنان القدير عن جديده في معرض هذا العام، قائلًا: "لم اقتصر في لوحاتي عن الكاريكاتير فقط، بل قدمته هذا العام في مزج مميز مع الفن التجريدي، وهي مدرسة جديدة أشتغل عليها، لأنها تحيي فن الكاريكاتير، واعتبرها كطوق نجاة تحميه من الزوال، تقوم على تشخيص مواقف الحياة، وكائناتها الحية؛ كالطيور، والحيوانات، والبشر، برؤية كاريكاتيرية، مثل لوحة "الفرح".

وأضاف "بدوي": "كما أضفت هذا العام لمعرضي؛ لوحة جديدة لتكريم الفنان الكبير حجازي، جمعت فيها "موتيفات" هذا الفنان العظيم، وهو صاحب بصمة كاريكاتيرية فريدة، وشكلتها على هيئة بانوراما، أطلقت عليها "في حُب حجازي"، وقد نالت إعجاب رواد المعرض.

وبالنسبة لأسلوبه في تنفيذ اللوحات، كشف "بدوي" عن أنه حرص على التنوع في استخدامه العديد من الأدوات كالألوان المائية، والإكريلك، والحبر الشيني، الذي يقدمه بأسلوب مكثف يمنح لوحاته جاذبية، وجمالًا يشد المتلقي.

وأخيرًا، يحلم فناننا القدير سعيد بدوي بغدٍ أفضل، يحتل فيه فن الكاريكاتير الواجهة، يشع بهجة وأملًا في الناس، يمنحهم طاقة السكينة والرضا، كلما اشتدت عليهم عواصف الحياة، مقترحًا أن تتضافر جهود وزارتي الشباب، والثقافة، لتأسيس مهرجان كاريكاتيري ضخم كل عام، تمتلئ فيه الطرقات، والشوارع، والأماكن بلوحات كاريكاتيرية، تُغير نفسية المصريين، خاصة في هذا الظرف الدقيق من عملية التنمية، الذي يحتاج لطاقة حياة تساعدهم على مقاومة أي شدائد، أو صعوبات، 

كما دعا "الثقافة" و"الشباب" لإصدار مجلة كاريكاتيرية شهرية وكذلك الصحف الكبرى؛ كالأهرام، والأخبار، والجمهورية، لتخصيص صفحة كاريكاتيرية بين صفحاتها، ولو مرة في الأسبوع، من أجل إفساح المجال للمئات من رسامي الكاريكاتير لإظهار مواهبهم، وإخراجهم فنهم المكبوت، في التعبير عن مشاعر المواطنين، كما كان في الماضي، الذي ساعد على إطلاق العديد من الأسماء الرنانة في هذا الفن، مختتمًا: "فليس من المعقول أن نكون شعبًا تعداده أكثر من 100 مليون، جينات البسمة باسمنا، ولدينا العديد من المواهب الشابة، ولا نملك جريدة كاريكاتير واحدة ! فمصر جميلة، ولابد أن نتحد جميعًا - أفرادًا وهيئات - لاستخراج هذا الجمال".

يذكر أن الفنان القدير محمد سعيد عبدالرازق بدوي ابن مدرسة الأهرام العريقة، برع في فن الكاريكاتير، وظل، على مدار ٦٠ عامًا كاملة، يستخدم ريشته في التعبير عن هموم البسطاء، والسخرية من جشع الفاسدين، يرصد بها الوجوه والملامح والأحاسيس.

تخرّج بتفوق في كلية الفنون التطبيقية، تخصص تصوير ميكانيكي وطباعة، وحصل على عضوية نقابة مصممي الفنون التطبيقية، ثم حقق حلم حياته بالالتحاق بالأهرام، في عصرها الذهبي، ودخل من بوابة المطابع، يعمل بدأب واجتهاد، وعلى مدار ٣٥ عامًا، تدرج في مناصبها، حتى وصل بتميزه المهني، وإخلاصه وتفانيه في العمل، إلى منصب مدير الطباعة والتجهيزات الفنية، الذي تألق فيه، حتى خرج إلى المعاش.

وخلال عمله بالأهرام، تبناه الشاعر وفنان الكاريكاتير العظيم صلاح جاهين، وتتلمذ على يديه، ليتخرج في مدرسة جاهين المميزة في هذا الفن الجميل، وينطلق بعدها برسومه الكاريكاتيرية، وكذلك التشكيلية، في سماوات العديد من إصدارات الأهرام، والمجلات والجرائد المحلية، معبرًا، عن نبض الشارع المصري، وقضاياه المجتمعية، ومشاكله وهمومه الحياتية، مثل: الغلاء، والتحرش، والخصخصة، والفساد، وغيرها.

وعبر مسيرته الفنية الحافلة، شارك بدوي بأبرز إبداعاته التشكيلية، والكاريكاتيرية، في الكثير من المسابقات الفنية، والمعارض المحلية والعالمية، حصد منها العديد من الجوائز، واحتل مراكز متقدمة، منها جائزة التنين الفضي من الصين، والمركز الخامس في مسابقة حقوق الإنسان، التي نظمتها الأمم المتحدة، والرابع في مسابقة البريد المصري، كما ترك بدوي مقتنيات جميلة له في جامعة المنيا، مسقط رأسه، بمصر، وبعض دول العالم.

وبعد الإحالة إلى المعاش، لم يتوقف النبض الفني الثري لبدوي، فاستمر في العطاء، يرسم، وينقل خبراته المتراكمة للأجيال الجديدة، فكوَّن ورش عمل بالمجان لتعليم النشء، والشباب، أصول الرسم، أقامها في وزارة الثقافة، ومعهد جوته الألماني "التحرير لاونج"، ونادي الترسانة، حتى أصبح له تلامذته، ومريديه، العاشقين لفنه، المتأثرين بمدرسته الكاريكاتيرية التشكيلية.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز