نائب رئيس مجلس الدولة: مصر تنتهج المناخ العادل نحو الاقتصاد الأخضر والطاقة في القارة الإفريقية
عبدالباسط الرمكي
نواصل عرض الدراسة المتميزة للمفكر والمؤرخ القضائى المصري المستشار الدكتور محمد عبدالوهاب خفاجي، نائب رئيس مجلس الدولة المصري بعنوان "العدالة المناخية تشرق على البشرية من أرض الحضارة والتاريخ، دراسة عالمية حديثة لمنازعات تغير المناخ"، وهو الموضوع الذي يحتل مكان الصدارة لدى الدول الكبرى والنامية على السواء والمنظمات الدولية لصالح البشرية باعتبار أن تغير المناخ يأتي على رأس التحديات التي تواجه العالم فى العصر الحالى والمشكلة الأكبر عالمياً، وتأتي الدراسة لرفع مستوى الوعي العام بمفهوم العدالة المناخية ودور مصر الجوهرى فى هذا المجال وسوف نعرض للجزء الثاني من تلك الدراسة المهمة فيما يلي:
أولاً: مصر تنتهج المناخ العادل نحو الاقتصاد الأخضر والطاقة المتجددة في القارة الإفريقية.
قال الدكتور محمد خفاجي، إنه نتيجة لقيام الدولة المصرية بتنفيذ القوانين ذات الصلة بالمناخ والبيئة بصفة صارمة، الأمر الذي جعل مصر أقل دول العالم إسهاما فى انبعاثات غازات الاحتباس الحرارى عالميا، بنسبة 0.6%، طبقا للبيانات الوادرة بالإبلاغ الأخير لمصر حول حجم انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري. وتنتهج مصر انتهاجاً مناخياً عادلاً نحو الاقتصاد الأخضر والطاقة المتجددة بما يسمح لها بأن تكون مركزاً للطاقة في القارة الإفريقية، وبعبارة أخرى التحول الأخضر النظيف وتكنولوجيا تساعد على الحد من انبعاثات تغير المناخ ومعالجة المخلفات، والتشجير، وتحسين كفاءة الطاقة، وتحويل الوقود للغاز الطبيعي، والاستفادة من الطاقة الشمسية كأحد الحلول لتحقيق الزراعة الذكية والأبنية والمدن المُستدامة، ومصر حريصة على تنفيذ واحترام اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ التي وقعت عليها 1994 بالقرار الجمهوري رقم 386 لسنة 94 بالانضمام إليها، وكذلك أحكام بروتوكول كيوتو، التي صدقت عليه عام 2005، ومع ذلك فإن مصر وهي في قلب إفريقيا النابض من أكثر الدول المعرضة للمخاطر الناتجة عن تأثيرات التغيرات المناخية، كما وقعت مصر على اتفاقية "باريس للمناخ" ضمن 194 دولة وقعت على الاتفاق إيماناً منها بأهمية المناخ الاَمن للبشرية.
ثانياً : الرئيس السيسي مؤمن بالعدالة المناخية ودعا العالم إلى اتفاق عادل للحفاظ على المناخ الاَمن وطالب الدول الكبرى بالوفاء بمسؤوليتها التاريخية تجاه الدول النامية يقول الدكتور محمد خفاجي إن المتتبع لقمة «جلاسجو» يعى للوهلة الأولى أنه رغم تكرار التعهدات والالتزامات، لكن المردود على أرض الواقع يكون مختلفا، ولا يتفق مع تلك التعهدات والالتزامات المعلنة، ورغم الظروف الاقتصادية الصعبة، ورغم أن مصر لم تكن أبداً ضمن الدول التي تسببت فى أزمة تغير المناخ إلا أن الرئيس عبدالفتاح السيسي أوضح مبكراً أمام قمة جلاسكو أن مصر بادرت باتخاذ خطوات جادة لتطبيق نموذج تنموى مستدام يهدف إلى الوصول بنسبة المشروعات الخضراء الممولة حكومياً إلى 50% بحلول 2025، و100% بحلول 2030. عن طريق إعداد الاستراتيجية الوطنية لتغير المناخ 2050، والتي ستفتح الطريق أمام تحديث مصر لمساهمتها المحددة وطنيا، حيث تعمل على زيادة مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة إلى 42% بحلول 2035.
ومع الاعتراف بأن الدول المتقدمة والصناعية الكبرى هى التي تسببت فى الأزمة منذ حوالى أربعة قرون - منذ بدء الثورة الصناعية - وعليها تحمل مسؤوليتها بحسبان أن الضرر الناجم عن تلك الأزمة يلحق بالكرة الأرضية دون استثناء خاصة وإنه ولئن كان الضرر يمس البشرية جمعاء فإن الدول النامية والفقيرة هى الأكثر تضررا ,وقد أدرك الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي جوهر قضية تغير المناخ وتحدث عن الأساس الجوهرى لتحقيق العدالة المناخية بأن واجه الرئيس الدول الكبرى بضرورة تحمل مسؤوليتها والالتزام بتعهداتها والالتزام بتقديم الـ100 مليار دولار سنويا للدول النامية من أجل أن تستطيع تلك الدول الوفاء بالتزاماتها فى هذا الإطار، لأن الدول النامية تعانى من تبعات أزمة المناخ رغم أنها لم تكن متسببة فى تلك الأزمة. وحذر – بحق – من تفاقم تداعيات أزمة تغير المناخ إذا استمرت الدول الكبرى فى التنكر لوعودها والتزاماتها الدولية تجاه الدول النامية وهو ما يحقق العدالة المناخية
ونظراً لإيمان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بالعدالة المناخية فقد أشار سابقاً من خلال أعمال قمة المناخ فى باريس 2016، لمخاطر زيادة درجة حرارة الأرض أكثر من درجة ونصف مئوية، فقد دعا المجتمع الدولى إلى اتفاق عادل للحفاظ على المناخ الاَمن للحيلولة من الانبعاثات الضارة ، وقيام الدول الكبرى المتقدمة بالوفاء بمسؤوليتها التاريخية تجاه الدول النامية فيما يتعلق بمواجهة تغير المناخ.
ثالثاً : البيئة قبل أن تكون مسألة حقوق هى منهج حياة والمياه جوهر التنمية المستدامة:
قال الدكتور محمد خفاجى إن موضوع البيئة يبرز الثروات الطبيعية فى البلاد ويشكل التنوع البيولوجى والأمن المائي وظاهرة تغير المناخ محورًا مهمًا في المؤتمرات الدولية وتحدياً اضافياً في تحقيق أهداف التنمية المستدامة المتعلّقة بالمياه، ذلك أن المياه جوهر التنمية المستدامة، وهي ضرورية للتنمية الاقتصادية الاجتماعية، والطاقة وإنتاج الغذاء وسلامة النظم الإيكولوجية وبقاء الإنسان وليست ترفاً . والبيئة قبل أن تكون مسألة حقوق هى منهج حياة , وحمايتها من التلوث واجب قومى , فعلى سبيل المثال حينما يزداد تعداد سكان العالم، نجد الحاجة ماسة إلى خلق توازن بين جميع المتطلبات من موارد المياه بما يتيح للمجتمعات الحصول على كفايتها من المياه.
وعلى المستوى الإنساني، لا يمكن النظر إلى المياه بمعزل عن النظر إلى الصرف الصحي، فكلاهما يساعدان في خفض العبء العالمي من الأمراض، فضلا عن دورهما في تحسين الصحة العامة وأحوال التعليم والإنتاج والاقتصاد.على أن الدولة المصرية تشهد تقدماً عظيماً فى مجال التنوع البيولوجى والحفاظ على البيئة من خلال التشريعات اللازمة وأيضاً عن طريق القضاء المنوط به تطبيق هذه التشريعات.