عبدالعليم قشطة يكتب: السعيد من عمل لصلاح الدنيا والآخرة
الإنسان الفطن الذكي، الذي يعمل لما فيه صلاح أمر دنياه وصلاح أمر آخرته، فالإنسان السعيد الذي يزين صحائف عمله بعمل الصالحات، لأنه لا محالة سيرى ويحاسب عن كل كبيرة وصغيرة، قال سبحانه وتعالي: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}.
الأحبة الكرام: احذروا عدوكم الذي لا يغفل عنكم وأنتم تغفلون عنه، فاغتنموا الوقت، وخذوا من صحتكم لمرضكم، ومن شبابكم لهرمكم، ومن دنياكم لآخرتكم، ولا تغرنكم الحياة الدنيا، ولا يغرنكم بالله الغرور، ﴿إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ ﴾.
اجعلوا الدنيا في أيديكم ولا تجعلوها في قلوبكم؛ واعلموا أن الحياة الدنيا لا تغني عن الآخرة شيئًا، فراقبوا أنفسكم قبل أن يأتي اليوم الذي لا ينفع فيه مال ولا بنون، إلاَّ من أتى الله بقلب سليم، والسعيد من دان نفسه، وحاسب نفسه، وعمل لما بعد الموت، قال تعالي: ﴿ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الهَوَى * فَإِنَّ الجَنَّةَ هِيَ المَأْوَى﴾.
اعلموا أن السعادة في الاجتهاد والعمل لصلاح الدارين، فراقبوا أنفسكم، واحرسوا ألسنتكم، واعلموا أن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، فجدُّوا في عبادة ربكم، وأخلصوا لله ضمائركم، وجدُّوا في أمر معاشكم، وكسب قوتكم، كما جاء في الأثر: "اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدًا، واعمل لآخرتك كأنك تموت غدًا".
أحبتي الكرام: اعملوا عباد الله في أمر الدين، واجتهدوا في أمر الدنيا، وأخلصوا في عبادة ربكم وفي كسب رزقكم بالحلال، بما يسند إليكم من أعمال، أدوا أعمالكم ووظائفكم ومهامكم كما أراد الله منكم، كما قال الله تعالى: ﴿وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللهُ إِلَيْكَ﴾، فالعاقل من جدَّ واجتهد، وحاز الخير في أمر الدين والدنيا، والجاهل الشقي من اتبع نفسه هواها، وتمنى على الله الأماني.
علينا جميعًا أن نعلم ونكون على يقين بأن الخير كل الخير فيما جاء به رسول الله - ﷺ -، وأمر به.
وعلينا أن نعلم ونوقن بأن الشر فيما نهانا عنه رسول الله ﷺ.
وعلينا أن نكثر من الصلاة والسلام على رسول الله صلي الله عليه وسلم؛ فما من خير إلا وأمرنا به ورغبنا فيه.
وما من شر إلا ونهانا عنه وحذرنا منه وصدق الله إذ قال: {لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ}.. اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.