أيمن عبد المجيد
الكوكب يستغيث.. COP27 برئاسة مصرية.. جولة حاسمة في مفاوضات إنقاذ البشرية
بعث كوكب الأرض باستغاثة، نقلها إلى آذان العالم، أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، نقلًا عن هيئة الأرصاد الجوية العالمية، مفادها: "أن التغيير يحدث بسرعة كارثية - تدمر الأرواح وسبل العيش في كل قارات العالم".
الرسالة تضمنها أحد تقارير التغير المناخي للمنظمة للعام 2022، نقلها الأمين العام للأمم المتحدة لقادة العالم، قبل ساعات معدودات من الجلسة الافتتاحية للمناخ بشرم الشيخ COP27، لعلها تجد من قادة دول العالم وحكوماته المتفاوضين آذانًا صاغية، وقرارات مصحوبة بآليات تنفيذ، تنفذ العالم من أخطار محدقة لا قبل لمعظم دوله النامية بمواجهتها.
إشارات استغاثة كوكبنا المحموم، تقول إن معدلات احترار كوكب الأرض، تشهد نسبة ارتفاع غير مسبوقة في درجات الحرارة، مما يجعل كل موجة حر أكثر شدة، تهديد مضاعف للحياة، خاصة بالنسبة للفئات الضعيفة من السكان.
وتضيف الاستغاثة: معدلات ارتفاع منسوب مياه البحار والمحيطات زادت سرعتها بما يعادل ضعف ما كانت عليه في تسعينيات القرن الماضي، ويترتب على ذلك تهديد وجودي للدول الجزرية المنخفضة، ويهدد مليارات الأشخاص في المناطق الساحلية. ومع ذوبان الأنهار الجليدية يتعرض الأمن المائي للخطر في قارات بأكملها.
لذا يؤكد الأمين العام للأمم المتحدة في رسالة مفتوحة لقادة العالم: يجب علينا الرد على إشارة استغاثة الكوكب بالعمل على اتخاذ إجراءات مناخية طموحة وذات مصداقية. وشدد الأمين العام: يجب أن يكون COP27 هو المكان، والآن يجب أن يكون الوقت المناسب.
نعم هكذا ينتظر العالم من COP27 في مدينة السلام أن يتخذ إجراءات فاعلة مصحوبة بآليات تنفيذ واقعية لإنقاذ البشرية، ومعكم من خلال هذه المساحة بشكل يومي سنغوص في عمق هذه القضية العالمية، وما تسفر عنه فعاليات وكواليس الجلسات التفاوضية.
رغم الإرادة الفولاذية للرئاسة المصرية للمؤتمر، التي تستهدف بناء توافق عالمي، على إنفاذ ما يقرب من 120 قرارًا أمميًا، والعمل على تطوير استراتيجيات التمويل لدعم جهود التكيف بالدول النامية، باستبدال القروض باهظة الكلفة إلى قروض ميسرة ومنح ودعم تكنولوجي، إلا أن التحديات التي خلقتها الصراعات السياسية وحالة الاستقطاب العالمي تُزيد من صعوبة بلوغ كامل الأهداف.
فلنبدأ رحلتنا إلى COP27، من مطار القاهرة، كل شيء يعكس الحفاوة المصرية باستضافة القمة العالمية الأهم، والجدية في تحقيق نجاح ملموس في مدينة السلام.
منذ الوهلة الأولى، يُصافح عينك شعار المؤتمر، يصحبك في طريقك من مدخل المطار وحتى الطائرة وسط ترحيب بالضيوف، وتيسير سيرهم عبر لوحات إرشادية ترافقها العلامات التجارية للجهات الراعية.
على الطائرة، في الدقائق الأولى من الرحلة التي تستغرق 40 دقيقة، يرحب المضيف بالركاب قاصدي قمة المناخ، معلنًا أن مصر للطيران الناقل الرسمي للقمة، تستخدم منتجات صديقة للبيئة على متن رحلاتها بنسبة بلغت 80%، وما أن تُمسك بزجاجة المياه حتى تجدها مدون عليها "هذه الزجاجة معاد تدويرها بنسبة 100%.
في مطار شرم الشيخ، شباب متطوعون في المراحل الجامعية، يقابلون ضيوف مصر بابتسامة مُبهجة، عارضين خدماتهم، يبادرون بتقديم جميع التسهيلات والإرشادات للقادمين من كل دول العالم، وما أن تخرج من المطار حتى ترى شرم الشيخ مرتدية ثوبها الأخضر، مزدانة لاستقبال ممثلي دول العالم.
في شرم الشيخ مدينة السلام، ترى وجوه العالم، قد جاءت من كل فجٍ عميق، مدركة أهمية القضية، التي بات أثرها واقعًا معاشًا تراه الشعوب رؤية العين، وتكتوي بنيرانه، وليس حادث فيضانات باكستان التي أغرقت ثلث عمرانها وخسائرها المادية والبشرية ببعيد.
كل شيء يجري بنظام محكم، السيارات الخضراء ووسائل النقل الجماعي تعمل بالكهرباء، فيما رفعت الفنادق والمنشآت السياحية من كفاءتها، وغسلت وجهها من آثار ركود جائحة كورونا.
هنا في شرم الشيخ، حققت الفنادق معدلات إشغال بنسبة 100%، لتشهد المدينة انتعاشة ونسب تشغيل قياسية للعمالة، وما يتبعها من خدمات.
المدينة تنعم بالأمان، دون أن تلحظ أي أفراد أمن نظاميين في شوارع المدينة، فالمدينة مؤمنة إلكترونيًا، والخدمات تسير بانتظام تام، فالباصات الخضراء تتحرك في خطوط بانتظام لتمر أمام الفنادق كل عشر دقائق من وإلى مقر المؤتمر.
داخل مقر الانعقاد قاعات وأجنحة مجهزة بأعلى تقنية، لاستقبال القادة والوفود، واستضافة المفاوضات والنقاشات، وللمجتمع المدني نصيب، بينما العالم ينظر إلى الحدث من خلال أعين أقلام وكاميرات ثلاثة آلاف صحفي وإعلامي حضروا من مختلف دول وقارات العالم لنقل الحدث وكواليسه وما يسفر عنه لقرائهم ومشاهديهم.
لهذا الزخم الإعلامي العالمي، آثاره الاقتصادية الإيجابية على شرم الشيخ مدينة السلام، جوهرة سيناء، وعلى الصورة الذهنية للقدرة الشاملة للدولة المصرية رئيسة القمة نيابة عن قارة إفريقيا.
لنصل إلى انطلاق الجلسة الافتتاحية، صباح اليوم، لتبدأ الرئاسة المصرية في إدارة أخطر وأصعب مفاوضات عالمية سعيًا لتنفيذ تعهدات قمم سابقة، والخروج بقرارات جديدة بآليات تنفيذية من شأنها أن تحد من أوجاع البشرية.
وللحديث، إن شاء الله، بقية.