عاجل
الإثنين 16 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
We
البنك الاهلي
أوروبا.. شتاء بنكهة الجحيم

أوروبا.. شتاء بنكهة الجحيم

أستمع مصادفة إلى أغنية "حلاوة شمسنا وخفة ضلنا.. الجو عندنا ربيع طول السنة"، ويسرح خيالي في الظروف الصعبة التي يعيشها جيران وأشقاء لنا في البشرية، لا يفصلهم عنا سوى مياه البحر المتوسط. تأثروا بالأحداث العسكرية الجارية بين روسيا وأوكرانيا، كان من آثارها شح مصادر الطاقة وبالتالي ارتفاع تكلفتها للدرجة التي لا يقوى على سداد فواتير الكهرباء والغاز معظم سكان أوربا.



الأحداث أزاحت أعدادا كبيرة من سكان أوروبا وأصبحوا تحت خط الفقر. خلاصة الموضوع مع دخول فصل الخريف، وقرب دخول الشتاء سيذوق الأوروبيون شتاء بنكهة الجحيم.

لو أردنا أن نكبر الصورة سنجد فيها غضبا شعبيا عارما ومظاهرات تجوب العواصم والمدن الأوروبية، وصيحات رجاء لرئيس روسيا بوتين أن يعيد ضخ الغاز، مسبوقة بعبارات الأسف لروسيا والحنق على القادة السياسيين الذين لم يقدروا الموقف جيداً. بل إن الأمر فاق ذلك فها هي الحكومات تتهاوى فاليمين يعود إلى الحكم في إيطاليا بقيادة جورجيا ميلوني، وبريطانيا ليست أحسن حالاً فالشعب لم يتحمل حكومة ليز تراس التي أجبرت على مغادرة 10 داونينغ ستريت قبل أقل من 45 يوماً، وباقي العواصم الأوربية ليست أحسن حال من روما ولندن.

دعونا نكبر الصورة أكثر ونقربها لنجد فيها القوى اليسارية تنادي بالعدالة الاجتماعية وخفض التضخم ودعم الفقراء، وفرض مزيد من الضرائب على الأغنياء وأصحاب رؤوس الأموال نتيجة الغليان الشعبي العارم. فبنوك الطعام تعجز عن استقبال المزيد من الجوعى، بل خفضت كميات الطعام التي يصطف الجوعى للحصول عليها بسبب تزايد عدد المحتاجين. يشار الى أن الحرب الأوكرانية تسببت في زيادة عدد الفقراء بواقع 14 مليون نسمة في ألمانيا وحدها بواقع شخص من كل ستة أشخاص، وغيرهم في الطريق الى نفس المصير نتيجة إغلاق بعض المصانع لعدم قدرتها على التشغيل أو التشغيل بطاقة أقل لعدم توفر الطاقة.

دعونا نكبر الصورة أكثر وأكثر ليتضح لنا فيها تآكل مدخرات أسر الطبقة الوسطى بسبب ارتفاع فواتير الطاقة وانخفاض المستوى المعيشي. بل أكثر من ذلك نرى في الصورة هناك إن الوضع أصبح قاسيا في الأسابيع الأخيرة.

وأذا كبرنا الصورة أكثر سنجد على أطرافها مشردون يناموا في الطرقات، ونساء لا يجدن طعاما يقتاتون عليه ليقدرن على إرضاع أطفالهن. وأكثر ما آلمني في الصورة متقاعدون وشيوخ اضطرتهم الظروف أن يبحثوا في سلال القمامة عن زجاجات فارغة، وعلب الكنز بغية بيعها مقابل مبالغ قليلة.

 حقاً دموعي غلبتني، ولا أستطيع إكمال ما في الصورة من مشاهد لا أرضى عنها.. فتباً للحروب، وسحقاً للعقوبات الاقتصادية التي دفعت الرئيس الروسي لقطع الغاز عن أوروبا، ومن لا يشكر الناس لا يشكر الله.. فأشكر حكومتنا التي كان لديها رؤية واكتفت من الغاز والكهرباء وأصبحت مصر مصدرا للطاقة.

ويبقى الأمل.. في أن تستفيد مصر من الأزمة الأوروبية وتفتح فنادقها ومشاتيها لأشقائنا الأوروبيين ليقضوا الشتاء القارص لدينا وبما يزيد من حصيلة السياحة. فهل سيفعلها المسؤولون.. أم سيتركوا دولا أخرى تستفيد؟ القادم سيجيب.

د. حسني الخولي خبير اقتصادي            

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز