عاجل
الأربعاء 6 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
ذكرى انتصارات أكتوبر
البنك الاهلي
حرب جديدة يخوضها جيش مصر

حرب جديدة يخوضها جيش مصر

يخوض جيش مصر الباسل، حربًا ضروسًا جديدة، في ميدان هو الأخطر، تحقق فيه قواتنا انتصارات في معارك متعاقبة، بإرادة فولاذية، وعبقرية في التخطيط وحشد القدرات، والتنفيذ، امتدادًا لعبقرية حرب 6 أكتوبر 1973.   



 

يُقاتل جيش مصر بشؤونه المعنوية، على جبهة الوعي، في طليعة مؤسسات الدولة المصرية، في مواجهة عدائيات تستخدم أسلحة غير نمطية، تتسلل قذائفها من الهواتف الذكية، ومنصات إعلام وتواصل اجتماعي، إلى الجماجم مستهدفة حصون الوعي، بقنابل التزييف والتشكيك، لصناعة أزمات أو العزف على أوتار التحديات، لنثر بذور الإحباط واليأس، سعيًا لتفكيك المجتمعات من الداخل.

 

الندوة التثقيفية 36، التي نظمتها الشؤون المعنوية للقوات المسلحة، بتشريف الرئيس عبد الفتاح السيسي، أمس، احتفالًا بالذكرى 49 لانتصار أكتوبر المجيد، معركة حقيقية في ساحة قتال حروب الجيل الرابع، في حرب ممتدة على جبهة الوعي، لا تقل خطورتها وأهميتها عن انتصارات عسكرية، معارك المواجهة بالنيران، تحقق فيها الانتصارات بعبقرية التخطيط وبسالة المقاتلين.

 

في هذه الفعالية الوطنية، كانت الرسالة مُصاغة بحرفية، وإبداع في المحتوى المكثف الذي يقدم البراهين على صدقها، ويرسخ الإيمان بها، عبر نماذج لبطولات وقصص حقيقية، دمج بين وثائقيات ودراما وطنية، وخطاب رئاسي مُباشر.

 

تلك الرسالة، مفادها أن انتصار أكتوبر، ليس حدثًا تاريخيًا عابرًا، بل يوم خالد في ضمير الأمة، روح تسري في شرايين الوطن، تغزي الأجيال المتعاقبة بجرعات الإرادة والتحدي عبر القدوة، والمثال القاطع على أن النجاحات تتحقق بالعلم والعمل الدؤوب المُخلص والتضحيات لا مجرد الأمنيات والشعارات.

 

تلك الرسالة الجامعة، تنبثق منها رسائل فرعية يربطها حبل سري واحد، تؤكد جميعها المعنى ذاته، الحروب والتحديات لا تنتهي بل تتغير أساليبها وأدواتها، والتحديات سنة كونية تتطلب وعيًا وإرادة وعملًا وتضحيات لتعظيم القدرة الشاملة للمواجهة.

 

الرسالة؛ أن جيش مصر الباسل العظيم، مصنع لأبطال من ذهب، جيلًا بعد جيل، تتوارث أجياله جينات البطولة والفداء، والتضحية في سبيل هذا الوطن بأغلى ما يملكه الإنسان، دمه وروحه، فهو حصن الوطن والأمة العربية.

 

فلنبدأ في قراءة تحليلية لمضامين تلك الندوة التي تمثل اللبنة 36، في جهود متعاقبة لتعزيز حصون الوعي.

 

العنوان: "أكتوبر إرادة وطن"

 

عنوان جامع للندوة، يؤكد أن انتصار أكتوبر المجيد، لم يكن ليتحقق من دون عزيمة وإرادة فولاذية، للوطن بكل فئاته ومؤسساته ومكوناته.

 

التقديم الإبداعي للعميد ياسر وهبة، وانتقاله بين الفقرات والعبارات الختامية تتسق مع رسائل الندوة التثقيفية وتحمل في حد ذاتها رسائل تأكيدية للمضامين والفقرات.

 

بدأ الحفل، بأمر من الله سبحانه وتعالى: "وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ (60)، وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَٱجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ ۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ"، صدق الله العظيم، آيات من الذكر الحكيم سورة "الأنفال"، تلاها القارئ "أيمن عقل".

 

وهي رسالة إلهية تنصح بإعداد القوة الشاملة للدولة، لامتلاك القدرة على الردع للعدو المُعلن والخفي، قوة الرد تلك لفرض السلم لا العدوان، نجنح للسلم بأمر الله إذا جنحوا له، ونقطع بسيف القوة من تسول له نفسه العدوان.

 

الرسالة التأكيدية الأولى.. شعلة النصر

 

في النصب التذكاري للجندي المجهول، رمز التضحية بالروح فداءً للوطن، وبجوار قبر قائد حرب أكتوبر المجيدة، الشهيد محمد أنور السادات، سلم العميد يسري عمارة، أحد أبطال حرب أكتوبر 1973، الذي دمر ومجموعته القتالية لواء مدرعات كان يقوده الجنرال عساف ياجوري، ولم يكتفِ البطل بما ألحقه ورجاله من خسائر فادحة في المعدات والأرواح بل أسر ياجوري.

 

سلم شعلة النصر، في ذلك المكان بالغ الدلالة، العميد يسري عمارة، الذي يُمثل جيل أكتوبر، إلى شباب من القوات المسلحة، في رسالة ضمنية مفادها أن مصر ولادة، ومصنع للرجال، وعلى الجيل الجديد الحفاظ على الانتصار وراية الوطن عالية خفاقة. 

 

تلك الشعلة التي حملها جنود مصر الشباب، تناقلتها أيادي أبطال مصريين آخرين، حققوا انتصارات في ميادين العلم، والطب، والرياضة، بينهم "قادرون باختلاف"،  وهي دلالة تأكيدية على أن كل مواطن جندي على جبهة من جبهات الوطن، وانتصاره تعزيز لقدرة مصر الشاملة.

 

لتستقر شعلة النصر، في النصب التذكاري بالإسماعيلية؛ حيث رُفع أول علم مصري على الضفة الشرقية للقناة في حرب أكتوبر، عبرت الشعلة قناة السويس، التي شهدت بشق مجراها الملاحي الجديد، أول المشاريع القومية للجمهورية الجديدة، كاشفة صلابة الإرادة المصرية، عبر ملحمة وطنية شارك فيها الشعب بالمال والعرق والثقة في قيادته، وبعثت برسالة للمتآمرين أن إرهابهم لن يوقف التعمير. 

 

الرسائل غزلتها عقول أبدعت إنتاج فقرات الحفل، لتحويلها إلى ما يشبه النسيج المتماسك، الذي ترتسم على رقعته بلغة فنية رسائل وطنية.

 

يؤكد ذلك، أبطال من ذهب، ذلك الوثائقي، الذي قدم للجمهور قصة أبطال من ذهب، في القلب منهم رجال الصاعقة المصرية، نموذج المجموعة 139 قتال، تلك المجموعة التي قهرت المستحيل في معركة أبو عطوة، بتنفيذها عملية إبرار جوي، لمسافة 2 كيلومتر شرق قناة السويس، بالتزامن مع بداية الحرب، بهدف تعطيل وصول المدرعات الإسرائيلية لمدة ساعتين، حتى تنتهي قواتنا من نصب رؤوس الكباري للعبور.

 

وكانت المهمة مستحيلة، بحسابات المنطق والتسليح، أفراد بسلاح خفيف في مواجهة مدرعات، لكنهم حققوا المعجزة، وعطلوا إمدادات العدو لمدة 12 ساعة، حتى عبرت قواتنا القناة.

 

هؤلاء الأبطال، يمثلون جيلًا من ذهب، صعد إليهم الرئيس عبد الفتاح السيسي القائد الأعلى للقوات المسلحة، والقائد العام وقيادات الأفرع، ليؤدوا لهم التحية، في رسالة بليغة لاحترام الأجيال، ومواصلة الحفاظ على ما تحقق من انتصار أكتوبر المجيد.

 

وهنا أعرب الرئيس عن تحيته وتقديره لهم قائلًا: "أرجو قبول اعتذارنا.. إذا لم نكن أخذنا بالنا منكم من قبل"، داعيًا من يريد أن يرى ما تبقى من الرجال أن ينظر لهؤلاء الأبطال، الذين قدموا، وجيلهم العظيم، مثالًا لكيف تبنى الأوطان، لا بالكلام والشعارات، بل بالعمل والتضحيات، لذلك بقيت البطولات وستبقى جيلًا بعد جيل.

 

وهنا طلب الرئيس السماح منهم بالتقاط صور تذكارية معهم، وهي قمة الاحترام والتقدير لقيمة البطولة والعطاء، واحترام كل جيل لمن سبقه من الأجيال، ليحتفي الرئيس في نهاية الحفل بأسرهم، عند علمه بوجودهم، تكريمًا للزوجات اللاتي تحمّلن جزءًا من التضحيات ووقفن في ظهور أبطالنا البواسل.

 

الجميع على الجبهة، رسائل من خيوط ذهبية تنسج الرسالة الجامعة، لبناء الوعي، "مصري"، مشروع أطلقته القوات المسلحة عبر الشؤون المعنوية، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للإعلام، اتحاد الإذاعة والتليفزيون، والمتحدة للخدمات الإعلامية، لإنتاج سلسلة أعمال درامية، تعزز بناء الوعي لدى الأجيال بالتاريخ والبطولات والتحديات.

 

باكورة ذلك المشروع الطموح، الذي يُعد سلاحًا في مواجهة العدوان على الوعي بأسلحة الحروب الحديثة، يقدم نموذجًا لشاب مصري أجرى بحثًا في جامعة مجرية حول حرب أكتوبر المجيد، كاشفًا حقيقة البطولات المصرية في مواجهة دعايا العدو.

 

ذلك الشباب وغيره مجموعة من شباب مصر، المقيمين والدارسين بجامعات حول العالم، استضافتهم القوات المسلحة، في معايشة لقوات الصاعقة، والوقوف على ما يُبذل من جهود وتضحيات لتعزيز القدرات، وحفظ أمن الوطن وسلامته.

 

ليخرج الشباب من التجربة، أكثر يقينًا بوطنهم وجيشهم، ودورهم في الالتزام بقسم الولاء للوطن، مدركين أن كل مواطن مصري جندي على جبهته، وفي مجال اختصاصه بما يقدم من خير للإنسانية.

 

وللحديث- إن شاء الله- بقية. 

 

وكل عام ومصر، شعبًا وجيشًا، قيادة وجنودًا، بخير ونصر، ورحم الله شهداء الوطن من جيل أكتوبر، ومن سبقهم، ومن سار على دربهم في حماية أمن وسلامة الوطن.

 

 

[email protected]  

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز