أسامة سلامة
رجل فى مهمة انتحارية
بقلم : أسامة سلامة
منصب النائب العام الآن مهمة انتحارية، فقد طالت الاتهامات والشائعات والأقاويل بالحق والباطل النائبين العامين السابقين عليه، المستشار عبدالمجيد محمود كان فى هذا المنصب عند قيام ثورة يناير، واستمر فى منصبه بعدها أكثر من عام ونصف العام، حتى إقالة د. محمد مرسى عندما كان رئيسا لمصر من خلال إعلان دستورى معيب وفاسد، تحت زعم أنه ينتمى للنظام السابق وأن عزله كان مطلبا للثوار بعد ثورة يناير، ولم يجد الإخوان المسلمين نقيصة إلا وحاولوا إلصاقها بالرجل، وحتى القضايا التى لم تشرف النيابة على تحقيقاتها، وانتدب لها قاضى تحقيقات، وعندما حصل المتهمون فيها على براءات، اتهم الإخوان المستشار محمود بأنه السبب بزعم أن النيابة لم تقم بواجبها، ولهذا آثر الرجل الاعتذار عن الاستمرار فى منصبه بعد أن عاد إليه بحكم قضائى تم تنفيذه بعد ثورة يونيو، أما المستشار طلعت عبد الله فقد تولى المنصب وهو يحمل على كاهله تهمة الانتماء إلى الإخوان المسلمين، وأنه جاء إلى المنصب لكى ينفذ أوامر الجماعة وتعليمات قيادتها، وتم تفسير كل قرار له على هذا النحو خاصة أنها حملت شبهة مجاملة للإخوان فى التحقيق مع الثوار فى الصدامات التى وقعت بين المتظاهرين وشباب الجماعة، ولهذا كان الترحيب كبيرا من قبل معظم القوى السياسية بالحكم القضائى بإبعاده وإعادة عبدالمجيد محمود، ومن هنا فإن التحدى الأول الذى يواجه المستشار هشام بركات النائب العام الجديد هو إعادة الاعتبار لهذا المنصب، وأن يشعر الجميع باستقلاله بعيدا عن أى نظام، وأن قراراته تنتصر للعدالة وحدها، وهذا الطريق هو الوحيد الذى يحميه من الهجوم المرتقب عليه ومحاولات تشويهه التى أتوقع أن تشن عليه عقب انتهائه من التحقيق فى قضايا الإخوان المسلمين، وهذا هو التحدى الثانى، فمطلوب من المستشار بركات عدم الالتفات إلى أى ابتزاز سياسى أو باسم الدين، وحتى إن وصل الأمر إلى تهديده - كما أتوقع - بعمليات إرهابية له ولفريقه المعاون فإن الانتصار للحق والشعب يحميه ويدخله التاريخ مثل عدد غير قليل من النواب العامين السابقين.
التحدى الثالث، هو العدد المهول من القضايا التى تنتظر الحسم منه سواء التى تخص نظام الإخوان المسلمين، أو التى تخص نظام مبارك، خاصة أن القضايا تزداد يوما بعد يوم، ويكاد لا يخلو يوم من حادث يتحول إلى قضية، أو ظهور وقائع جديدة تستدعى التحقيق فيها، فماذا يفعل النائب العام فى ظل العدد المحدود لأعضاء النيابة، الذى لا يكفى لإنجاز التحقيقات سريعا، وبكفاءة تتطلبها خطورة القضايا، أعتقد أن الحل فى اللجوء إلى إنشاء محكمة ثورة وإعداد قانون للعدالة الانتقالية يتيح الاستعانة بالمستشارين الذين خرجوا على المعاش، على أن تختص هذه المحكمة بالتحقيق فى القضايا غير الجنائية والتى يغلب عليها الطابع السياسى والمالى، وبالتالى تتفرغ النيابة للتحقيق فى قضايا الدم، والتآمر على البلد مع الدول والقوى الخارجية، وهى قضايا تحتاج إلى جهد كبير، هذا الاقتراح أضعه أمام النائب العام الحالى وأمام رئيس الجمهورية المؤقت المستشار عدلى منصور، وسواء تم رفضه أو قبوله فإن البحث عن حل لهذه المشكلة أصبح ضرورة حتى لا ندخل فى أزمات جديدة، مع كل حكم سيصدر فى القضايا الكبيرة، وما أكثرها الآن!