عاجل
الأربعاء 29 يناير 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي
قرار الحرب

قرار الحرب

بقلم : طارق رضوان

الحرب قرار . وقرار خطير . لا تلجأ إليه الأمم إلا للدفاع عن أرضها ومصالحها وأمنها، القرار واجب ثقيل يحمله هؤلاء الذين وضعت فيهم الشعوب ثقتها خصوصًا إذا كانوا يتحركون ومن حولهم أجهزة مسئولة تضع أمامهم أدق المعلومات وتطرح أمامهم كل المحتمل من البدائل والخيارات. ومنذ بداية اتخاذ قرار الحرب فى سيناء. يتقدم الجيش المصرى يومًا بعد يوم نحو نصر جديد. نحو النصر المجيد. نصر الحرب على الإرهاب. وهو نصر  فريد من نوعه فى تاريخ الحروب. كعادته الجيش المصرى يسطر تاريخًا مجيدًا للإنسانية وللتاريخ العسكرى. فقد حاولت جيوش من قبل فى محاربة الإرهاب وفشلت. الولايات المتحدة الأمريكية أقوى جيوش عرفتها البشرية أخفقت فى أفغانستان، لكن الجيش المصرى وحده، وبتاريخه المشرف فى السجلات العسكرية، استطاع أن يحقق ما عجز عنه الآخرون فى محاربة الإرهاب، وستأتى الجيوش الكبرى هنا للتعلم، وللتأمل.. تدرس وتبحث كيف فعلها الجيش المصرى وانتصر .

لم تكن حرب سيناء 2018 وليدة اللحظة أو وليدة الصدفة، بل هى حرب مرت بمراحل عديدة دائمًا ما يتبعها الجيش المصرى عندما يخوض معاركه، وكان آخر حرب وهى حرب أكتوبر المجيدة، هى النموذج لنصر الجيش المصرى، فقد مرت الحرب بعدة مراحل مهمة وهى:
1 – مرحلة الصمود
2 – مرحلة المواجهة
3 – مرحلة التحدى والردع
4 – مرحلة التحرير الشامل
وتلك الحرب الدائرة فى سيناء الآن تشبه لحد كبير حرب أكتوبر المجيدة. الجيش المصرى عندما اتخذ قرار الحرب كان لديه المعلومات الدقيقة والكافية، ولديه الاستعداد الكامل للمعركة. توقيتها ومدتها والغرض منها، والأهم أن الجيش المصرى اتخذ قرار الحرب من نابع وطنى وهو الحفاظ على الأرض المصرية وعلى كرامة الدولة وتحرير أرضها، لذلك كان قرار حرب أكتوبر نابعًا من عدة عوامل وهى:
1 - كان قرار الحرب نابعًا من استراتيجية عليا للأمة المصرية.
2 – إنه قرار حرب يعتمد على تصديق أجهزة سياسية وعسكرية -مجلس الوزراء ومجلس الدفاع المدنى ومجلس أعلى للقوات المسلحة- بمعنى أنه قرار جماعى نابع من إرادة مصرية خالصة.
3 – إنه قرار حرب صادر من القائد الأعلى والقائد العام وبعد الاطلاع على قرارات القوات المسلحة وأفرعها الرئيسية وإدارتها بعد متابعة شخصية من الرئيس عبدالفتاح السيسى وحتى المتابعة الميدانية.
4 – إنه قرار حرب حدد الهدف النهائى للعمليات الحربية كما حدد مراحلها وأسلوبها، وكذا  توقيتها ومسرح عملياتها. أى حرب شاملة على الإرهاب تكون المبادرة فيها لقواتنا المسلحة.
5 – إن التوجيه الاستراتيجى العسكرى صدر من القائد الأعلى منبثقًا من التوجيه السياسى العسكرى بمرحلتيه الاستراتيجية والعسكرية لتطهير سيناء كاملة من الإرهاب.
6 – إن قناعة القائد الأعلى للقوات المسلحة بالمقدرة للقوات نبعت من حضور  الرئيس لمعظم التدريبات والعمليات المشتركة للقوات، كذا المناقشات المباشرة مع قادة التشكيلات المقاتلة وإقرارها من المجلس الأعلى للقوات المسلحة ومن مجلس الدفاع الوطنى.. واتخذت مصر قرار الحرب فى سيناء، حيث يحقق الجيش المصرى نصرًا مدهشًا، أصاب دول العالم بصدمة ممزوجة بدهشة عن مقدرة الجيش بتحقيق هذا النصر وهذا التقدم العسكرى بتلك السرعة، فالعدو فى سيناء عدو من طراز جديد، ميليشيات وجماعات إرهابية تتقن فنون حرب العصابات وفنون الكر والفر، وهو ما قد يكون عائقًا كبيرًا لجيش نظامى، فشل فى تلك الحرب من قبل الجيش الأمريكى فى أفغانستان، وتكبد خسائر فى الأفراد والمعدات ومن الخسائر المادية المهولة، ما جعل الحرب تطول هناك بلا نهاية حاسمة، وخسر الجيش الإسرائيلى الحرب مع حزب الله الذى كان يتبع أسلوب حرب العصابات، ولقى الجيش الإسرائيلى هزيمة منكرة، كما خسر الجيش الأمريكى معركته فى الصومال لنفس الأسباب، ما جعل الرئيس السابق بيل كلينتون يتخذ قرارًا بسحب القوات الأمريكية من الصومال بعد الخسائر التى تكبدها الجيش الأمريكى هناك، لكن الجيش المصرى يحقق نصرًا ساحقًا على الإرهاب الذى وصل خطره إلى الذروة  على طول البلاد العربية - من شرقها لغربها - تتعرض الأمة العربية لحرب إرهاب منظمة ومكثفة. تريد أن تجرجر المنطقة لفوضى لا مثيل لها على مر الزمان، وإن كان تكثيف النيران متجهًا نحو الشرق الأوسط،  حيث يتعرض لموجات إرهابية مكثفة لها أغراض خبيثة فى زرع بثور الإرهاب لتعيش البلاد فى حالة ارتباك تمتد لعقود، فقد استطاعت جماعات سلفية جهادية تمثل خطراً وتهديداً إرهابياً على منطقة الشرق الأوسط مثل «القاعدة» وفروعها و«داعش» توسيع نطاق نفوذها خلال السنوات الأخيرة، ويمكن القول إنها وخلال السنوات الخمس الماضية عندما تولى الإخوان الفاشيست الحكم فى البلاد  أسست «حلفاً مقدساً» أو«محوراً لعدم الاستقرار» يتألف من مجموعة ليست بالضرورة متجانسة فكريًّا يمتد من ساحل الأطلنطى فى أقصى الشمال الغربى للقارة الأفريقية وحتى البحر الأحمر غرب القارة، متجهاً إلى آسيا والمشرق. يمتد النطاق الجغرافى لمنطقة الصحراء الأفريقية والساحل الأفريقى، بمساحة خمسة ملايين كلم مربع، أى ما يعادل مساحة الولايات المتحدة الأمريكية، حيث يعيش عدد كبير من سكان أفريقيا فى أكثر المناطق فى العالم فقراً وحرماناً بسبب النزاعات والحروب وقسوة الظروف المناخية والطبيعة. وتشمل الصحراء معظم مساحة الصحراء الغربية، الممتدة من موريتانيا، الجزائر، ليبيا، ومصر، وجزءاً من مناطق المغرب وتونس والجزء الشمالى لمالى وتشاد والسودان، أما الساحل الأفريقى فيقع بين الصحراء الكبرى فى الشمال والسافانا فى الجنوب ويمتد غرباً من السنغال عبر موريتانيا، مالى، بوركينافاسو، النيجر، شمال نيجيريا، تشاد، السودان وحتى إثيوبيا شرقاً. المجموعات متزايدة وممتدة من الجماعات المسلحة الخارجة على القانون والعابرة للحدود، يمتد نشاطها من مالى إلى الصومال وما وراءها. تشمل هذه الجماعات المسلحة، والمدفوعة بأيديولوجيا إثنية، عنصرية، دينية، قبلية ووطنية، جماعات متطرفة، مثل القاعدة فى المغرب الإسلامى، بوكو حرام، أنصار الدين، أنصار الشريعة، حركة التوحيد والجهاد فى غرب أفريقيا، المرابطون، الحركة الوطنية لتحرير أزواد، الشباب، وعناصر مسلحة أخرى، وأفراد نازحين. هذه الجماعات ترتبط ببعضها بعضاً وبسبب هذه الصلة، أضحى ظهور «الدولة الإسلامية» أو داعش، التى تهدف لتأسيس خلافة إسلامية تمتد عبر الشرق الأوسط، أفريقيا، أوروبا وآسيا، ويظهر «للبؤر الساخنة للنشاط الإرهابى الجديدة» أن الكيانات السياسية والاجتماعية المتطرفة تتجه نحو الارتباط بشكل متزايد، سواء بشكل رسمى أو غير رسمى، لتؤلف «حلفا مقدساً» من الحركات المتماثلة فكرياً، إلى جوار«حلفاء أغراب» يعملون فى التهريب، الاختطاف، والتطرف العنيف. المثير للقلق بشكل أكبر، هذه الشبكة الإرهابية العابرة للحدود تمتد عبر «محور عدم استقرار متسع» من المحيط الأطلنطى إلى البحر الأحمر، وباتجاه الشرق الأوسط وآسيا. وإجمالاً استطاعت جماعات وحركات إرهابية إقليمية توسيع نطاق نشاطها، ومد شبكات وخطوط تواصل مع جماعات وأفرع جديدة عبر القارة الأفريقية، ليمتد «محور الاستقرار» من أقصى الشمال الغربى للقارة الأفريقية على ساحل الأطلنطى، مروراً ببلدان الشرق الأوسط الأفريقية، ثم الآسيوية وباتجاه شرق آسيا فى باكستان وأفغانستان. إنها حرب ضروس منظمة ومكثفة والمحاولات الفردية من الدول المعرضة للإرهاب لا يمكن أن تقف وحدها فى مواجهة ذلك التطرف. ولابد من وجود حلول جماعية يمكنها تبادل المعلومات وتنظيم هدفها للقضاء على تلك الموجة الإرهابية الشرسة، لكن مصر اتخذت القرار .. قرار الحرب.. وحدها اتخذت القرار.. ووحدها ستنتصر.. فمواجهة الإرهاب والإجهاز عليه لا يقدر عليه سوى الجيش المصرى.



تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز