

محسن عبدالستار
لا تحزن فيفرح عدوك
بقلم : محسن عبدالستار
"قد يجرحك الكثيرون، ويتخلى عنك الأقربون، وقد يغدر بك أحب الناس إليك، ويسبك من أحسنت إليه، وقد يقذفك من كنت تحسن به الظن".. فلا تحزن، هكذا هم البشر، وقد يكون هذا الأمر لخير أراده الله لك، إذا أردت القمة وأعلى المراتب فلا تيأس ولا تحزن، بل كن متفائلًا في حياتك كلها.. لا تحزن على شيء فاتك أو ألم أصابك.
فمن مل من الحياة وكره العيش وضاق ذرعًا بالأيام، فهناك فتح ونصر قريب آتٍ.
"إن حزنك يسر عدوك"، فلا تحزن وافرح وارض بما قسمه الله لك، فإن للرضا ثمرات إيمانية كثيرة، يرتفع بها الراضي إلى أرقى المنازل، فليس للعبد أن يتحكم في قضاء الله وقدره فيرضى بما شاء ويرفض ما يشاء، فإن البشر ما كان لهم الخيرة، بل الخيرة لرب العباد وحده، فهو أعلم وأحكم، لأنه عالم الغيب المطلع على كل شيء.
فالطمأنينة التي نجدها في القلب إحدى فوائد الرضا، فهي تفتح لنا باب السلامة، التي تتحقق بالعمل، والاجتهاد فيه دون مهابة أو كسل.. فالإنسان الذي يخاف الصعود إلى الجبل أو أن يجتاز نهرًا.. سيعيش دائمًا بين الحفر، عكس الشجاع الذي يعمل بجد سيصل إلى القمة، التي تؤدي إلى النجاح وتحقيق ما يريد.. فيقول أبو القاسم الشابي:
ومن يتهيب صعود الجبال.. يعش أبـد الدهــر بيــن الحفر
هنا يلخص لنا الشابي بإيجاز جميل، نظرة الحياة للمتخاذلين عن العمل النافع، والمتقاعسين عن مجاهدة النفوس الميالة إلى الخمول والكسل، ظنًا منهم أن ما يفعلونه ما هو إلا استسلام للقضاء والقدر، وأن رزق كل امرئ آتٍ إليه بلا كد أو تعب، وإن كان جزء من ذلك صوابًا، ونجدهم يستشهدون بأمثال كثيرة عفى عليها الزمن، "اجري جري الوحوش غير رزقك ما تحوش"، والله سبحانه وتعالى يقول في كتابه الكريم: "وأن ليس للإنسان إلا ما سعى".. سورة النجم (آية 39).
بعض الناس يسيء الظن بكل الناس، أي حياة تعيشها وأنت تسيء الظن بالناس.. لأن من يسيء الظن بالناس يعيش وحيدًا حزينًا.
يقول الدكتور "عائض القرني" في كتابه "لا تحزن": فلا تنتظر شكرًا من أحد، فقد خلق الله العباد ليذكروه ويشكروه، فعبد الكثير غيره وشكر الغالب سواه، لأن طبيعة الجحود والنكران والجفاء وكفران النعم غالبة في النفوس، فلا تصدم إذا وجدت هؤلاء قد كفّروا جميلك ولم يحفظوه لك.
لا تحزن.. لأنك جربت الحزن بالأمس، فما نفعك شيء، رسب ابنك فحزنت فهل نجح؟!
مات والدك فحزنت، فهل عاد حيًا؟! خسرت تجارتك فحزنت فهل عادت الخسائر أرباحًا؟!
لا تحزن.. لأنك حزنت من المصيبة فصارت مصائب، وحزنت من الفقر فازددت نكدًا، وحزنت من كلام أعدائك فأعنتهم عليك، وحزنت من توقع مكروه فما وقع.
لا تحزن.. فإنه لا ينفعك مع الحزن دار واسعة، ولا زوجة حسناء ولا مال وفير ولا منصب سامٍ، ولا أولاد نجباء.
لا تخف من شيء واترك الأمر لله، واحسن الظن بالناس ولا تحزن حتى تشعر بالسعادة.