عاجل
السبت 18 يناير 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي
تيران وصنافير وأزمة الوعي عند المصريين

تيران وصنافير وأزمة الوعي عند المصريين

بقلم : د. فتحي شمس الدين

احتدم النقاش في الفترة الأخيرة حول اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين مصر والسعودية المتعارف عليها إعلاميا بقضية تيران وصنافير, وأنقسم الشارع المصري بين مؤكد لمصرية الجزيرتان, وأخر يرى سعوديتها, والأثنان – غالبيتهم- يخون بعضهم الأخر, دون الأخذ باعتبارات ثقافة الحوار, أو تأثير ذلك على تماسك النسيج المجتمعي وانعكاساته المقلقة على الحالة النفسية لجموع المصريين, وهو أمر يؤكد شيء واحد أن المصريين ليس لديهم وعي كافي بثقافة الاختلاف والحوار خاصة في المسائل الكبرى التي تحدد مستقبل البلاد بصورة كبيرة, وهو ما ظهر جليا في حالة الجدال المستمرة حتى الأن حول ثورة 25 يناير.



دعنا نتفق عزيزي القارئ أن الحقائق تنتصر على الآراء مهما كانت هذه الأراء تتبوأ المنابر ويعلوا صوتها في مختلف المحافل, وينبغي أن تكون الحقائق الجغرافية والسياسية والإنسانية والعسكرية هي المحك الأساسي لتحديد موقف جزيرتي تيران وصنافير سواء كان ذلك الأمر في النقاش السياسي أو النقاش الشعبي, أو حتى النقاش البرلماني, لتتضح قضية تعيين الحدود البحرية بين مصر والسعودية على قواعد الحقّ والحقيقة, التي لا تسمح لجماعات الشر باستغلالها لتزييف الوعي الشعبي – كعادتها- وتحويلها لمعركة سياسيه تنال من خصومها غير مهتمة بأي معايير مجتمعية أخرى مرتدية قناع الوطنية والعزة والشرف وهي أبعد ما تكون عن ذلك الأمر.

وفي هذا السياق اسمح لي عزيزي القارئ أن أطرح بعض الأسئلة لكي تتضح الصورة حول تلك القضية الشائكة, لماذا لا يتحدث أحد عن فائدة اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين مصر والسعودية خاصة بعد الأزمة التي نشبت بين البلوكات البحرية الخاصة بالتنقيب عن البترول والغاز الطبيعي عام 2010 بين الجانبين المصري والسعودي بدعوى التنقيب في الجانب الخاص بكل منهم؟, وما أقصده هنا هو الاستفادة الاقتصادية من اتفاقية تعيين الحدود البحرية مع العلم أن حقل ظهر الذي صنفته الشركات العاملة في مجال النفط والغاز بأنه أكبر كشف غاز بالبحر المتوسط ومن أكبر الاكتشافات على المستوى العالمي, مصر لم تستفيد من هذا المشروع إلا بعد ترسيم الحدود البحرية بينها وبين وقبرص! – وهو ما اعترضت علية تركيا كثيرا وسعت لإبطال هذه الاتفاقية-, لماذا لا يتحدث أحد عن وجود أحدى عشر جلسة مفاوضات بين الجانب المصري والسعودي لتعيين الحدود البحرية بين البلدين وأنه تم الاعتماد على قرار رئيس الجمهورية الأسبق مبارك رقم 27 لعام 1990 بتحديد نقاط الأساس المصرية لقياس البحر الإقليمي والمنطقة الاقتصادية الخالصة لجمهورية مصر العربية، والذي تم إخطار الأمم المتحدة به في 2 مايو 1990 وهو ما ترتب عليه قوع جزيرتَي تِيران وصنافير داخل المياه الإقليمية للمملكة العربية السعودية؟، لماذا لا يتحدث أحد عن وجود أكثر من ثلاث جزر سعودية ستؤول ملكيتها لمصر وفقا لاتفاقية تعيين الحدود البحرية ومنها جزيرة زبرجد ذات الأهمية الاقتصادية الكبيرة لوجود حجر الزبرجد بها الذي سميت باسمه؟  لماذا لا يتحدث أحد عن أن الإدارة المصرية لجزيرتي تيران وصنافير ستظل تابعه للجانب المصري وأنه أقر في الاتفاقية ببقاء الدور المصري في الجزيرتان، إيمانا بدور مصر الحيوي في تأمين الملاحة بالمنطقة؟ لماذا لم يتحدث أحد عن أن المتحكم في خليج العقبة هي جزيرة رأس نصراني وليس جزيرة تيران كما أشيع؟,  لماذا لا يتحدث أحد عن المستفيد من تقييد مصر في حدودها البحرية واستمرار عدم قدرتها علي التنقيب عن البترول البحري بما يدعم الاقتصاد المصري بصورة كبيرة أذا خرجت هذه الاكتشافات للنور؟ ما أريد تأكيده من كلامي أن المشكلة الأساسية لاتفاقية تعيين الحدود البحرية هو غياب الوعي حولها بالشكل الأمثل ما يمثل خطورة على الوعي الجمعي للمواطنين المصريين الذين تتحكم بهم الأهواء والعاطفة أكثر مما تحركهم الحقائق والمعلومات.. وليس معني كلامي أن نقر بسعودية الجزيرتان لكني أتمني أن ننظر للأمور بصورة أوسع وأن نصل إلى وعي مجتمعي يعتمد على الحقائق ويدرك المخاطر ويحلل الأسانيد ويقبل الرأي والرأي الأخر, بحيث نصل لصورة نقر بها بمصرية أو سعودية الجزيرتان وفقا للوثائق والحقائق التاريخية التي تثبت انتمائها مع تقبل كافة الأطراف بالنتيجة التي اعتمدت على المعلومات والحقائق وليس على الآراء والأهواء, مع التأكيد على أن هناك فصيل من مصلحته أن يظهر القيادة السياسية بصورة التقصير والتفريط في الأرض وهم أنفسهم الذين كانوا يقولون (طز في مصر) ولا يعترفوا بحدود الدولة المصرية بما يحقق مصالحهم وأهوائهم السياسية للجماعة التي ينتموا إليها. وعلى المستوى الشخص لدى قناعه بأن الجيش الذي حارب من أجل الأرض والعرض لن يفرط في شبر من الدولة المصرية.. الوعي عندنا هو المحك الحقيقي لمستقبل بلدنا فكلما زاد وعينا كلما ادركنا حجم المخاطر والتهديدات التي تحيط بنا, وبالتالي كنا أكثر قدرة على بناء مستقبل أفضل لبلدنا مصر.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز