عاجل
الأحد 9 مارس 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي
مجتمعنا : ظالمة مظلومة مظلوم ظالم

مجتمعنا : ظالمة مظلومة مظلوم ظالم

بقلم : د. نهلة زيدان الحوراني

 "أنا أطالب بالخبز والأزهار".. هكذا تتعالى اصوات الملايين من النساء كل عام للمطالبة بحقوقهن التي اختصرها معظم المؤرخين عالميًا بشيئين أساسيين (الخبز (قوت الحياة الكريم) والأزهار (المعاملة الكريمة) ).. ولكن لا يفلح من هؤلاء النساء إلا من تطالب بإعطائها الحق في صنع الخبز وزراعة الأزهار.. ودعونا ننظر معا للأمر من زاوية أقرب ونسأل أنفسنا معًا في صراحة : (هل تعمل نساء مصر على أن يصبح لهن الحق في صناعة الخبز وزراعة الأزهار؟)..



    للأجابة على هذا السؤال سنكتشف أن الرجل المستبد يبدأ مشوار استبداده مظلومًا.. لأننا بنظرة للدراما الواقعية نجد أن السيدة - في معظم الأحوال - تنجب فتاة في الطبقة المتوسطة أو الدنيا من المجتمع.. تبدأ في إعدادها لتزيين نفسها وتزيين المنزل ثم تكبر الفتاة قليلًا فتبدأ في إعدادها لانتظار رجل آخر يحضر المال الذي تشتري به كل شئ ويوصلها لكل الأماكن ويسألونه عنها في كل شيء حتى لو أخطأت فإنهم يقتلونها في بعض المجتمعات ويعيرون رجلًا آخر بخطأها حتى بعد موتها.. على الجانب الآخر هناك رجل يتم تدليله جدًّا في كل شيء حتى يجد نفسه فجأة رجل وحيد في منزل ومطلوب منه كل هذه الأشياء التي نشأت امرأة على أنه يجب أن يفعلها من أجلها.. لا بد أن يشعر بأنها عبء عليه حتى وإن لم يصرح.. لذا هو يعبر عن ذلك بنكات تعيب في الزواج والزوجات اللاتي يتغيرن بعد الزواج ويصبحن الطاحونة التي تطحن الرجل وتجعله ذكرى تتحرك ويُمص دمها..

    وبمرور الوقت يشعر الرجل أنه يملك مفاتيح كل شيء ، تلك المفاتيح التي تسلمها له المرأة بيديها ، فهي حتى تسلمه المال الذي تجنيه من عملها، ثم تنتظر أن يهتم برأيها في إدارة المفاتيح ، وهو الأمر الذي يجب أن يحدث.. لكن الحقيقة أن الكائنات المتواكلة بعد فترة يمكن أن تفقد الاهتمام بالمشاركة الفعالة في الإدارة طالما سيأتيها العائد من العملية.. لذا قد تبتعد بعض النساء طواعية عن عملية اتخاذ القرار مكتفية بالحماية الجسدية والأمنية والطعام والشراب والملبس والحصول على طفل يتبع والده (وفقًا للشريعة الإسلامية).. عندها يصبح هو (من يملك يحكم) ويصبح هذا المالك غير محاسب على أي شيء بحجة أن (البيت بيته).. وافعل ما شئت يا مالك بتقاليد ظالمة جعلت من امرأة كاملة الأهلية مجرد كائن متواكل.. والحقيقة أن معظم الرجال يمارسون الظلم بالوراثة ويعتبرونه شكلًا من أشكال الرجولة أحيانًا مما يشكل كارثة متحركة ومتكررة..

   يتكرر هذا السيناريو مع ميلاد كل أنثى في الكثير من الأحيان في الطبقتين المتوسطة والدنيا ، ولا نستطيع أن نعمم لكننا نستطيع أن نعتمد على الابحاث والإحصائيات الاجتماعية لنجد أن المرأة ترضى في كثير من الأحيان بدور هامشي وتكتفي بتوفير مقومات البقاء حية بأمان وكرامة لا تنتمي لها وتعمل على توريث ذلك لبناتها بشكل آلي.. حتى عمل المرأة تنظر له كعون لتبعيتها لزوجها في كثير من الأحيان بشكل أو آخر.. وكما قد ترى معي عزيزي القاريء أن خروج المرأة المتكرر في تظاهرات خلال الفترة الأخيرة عند استشعارها لخطر شديد سيقتلها لم يصل بها للمطالبة بالمشاركة في صنع الخبز وزراعة الأزهار على نحو يرضيها.. فهي مازالت تنتظر الغنائم التي يجود بها آخر على نحو أو آخر..

   ألا تدفعنا كل هذه الحقائق إلى أن نربي بناتنا على الاعتماد على أنفسهن ؟.. يعتمدن على أنفسهن فلا يظلمهن أحد ولا يملك أحد أساسيات حياتهن ويخترن حياتهن بحرية وموضوعية دون الحاجة لمن يوفر لهن الحياة ، وهو أمر سيختفي معه العديد من مظاهر العنف ضد المرأة لأن دورها سيزداد كقوة فاعلة كما ذكرت سابقًا في مقال لي.

    لن أنسى ما قاله لي أحد الموظفين حين كنت أراقب على لجنة لامتحانات طلبة كلية الآداب بجامعة المنصورة.. كانت فيديوهات العنف ضد المرأة في ذلك الوقت تؤرقه جدًّا.. قال بأسى : (هأعلمها وهأخليها تشتغل.. أنا مش ضامن هتلاقي راجل يكرمها أو لأ).. أنا لا أدعو لتغيير منظومة المجتمع كما دار في نقاش بيني وبين صديقة باحثة اجتماعية.. بل أدعو لجيل من النساء يقدم العون للرجل ويقدم له صورة امرأة كتلك التي يرونها على أغلفة مجلات المرأة العاملة ويقولون أنهم ظلموا أنفسهم بالزواج بـ (أم العيال).. كفانا استبدادًا وخضوعًا..

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز