
الجامع الأقمر.. تحفة معمارية فاطمية تشع نور التاريخ

ساره وائل
أمر الخليفة الفاطمي الآمر بأحكام الله، أبو علي المنصور بن المستعلي بالله، ببناء جامع بحجارة بيضاء تشبه لون القمر، فأطلق عليه اسم "الجامع الأقمر".
تم تشييد هذا المسجد عام 1125م، ويُعتبر من أصغر مساجد القاهرة، ويتميز بانخفاض مستواه عن سطح الأرض.
ويُعد الجامع الأقمر أول مسجد في القاهرة تُصمم واجهته لتوازي خط تنظيم الشارع، بهدف تحقيق اتجاه قبلة صحيح، مما أدى إلى انحراف الداخل عن الواجهة. يتألف المسجد من صحن مربع صغير مساحته حوالي عشرة أمتار مربعة، محاط برواق واحد من ثلاثة جوانب، وثلاثة أروقة في الجانب الجنوبي الشرقي “إيوان القبلة”. تُزين عقود الأروقة بكتابات كوفية مزخرفة، وتستند على أعمدة رخامية قديمة ذات قواعد مصبوبة وتيجان متنوعة.
كما يتميز مدخل الجامع باستخدام العقد المعشق لأول مرة في عمارة المساجد، والذي انتشر لاحقًا في العمارة المملوكية في القرن الخامس عشر الميلادي. فوق هذا العقد، يوجد العقد الفارسي المصمم على شكل مروحة تتوسطها دائرة. كما يُعتبر الجامع الأقمر من أوائل المباني التي استخدمت المقرنصات، وهي زخرفة انتشرت في العمارة الإسلامية بعد ذلك.
وتُعد واجهة الجامع تحفة فنية بزخارفها ونقوشها الفريدة، حيث تحتوي على دلايات ونقوش خطية ونباتية محفورة بالحجر. تظهر الدوائر الزخرفية كالشمس الساطعة، وتحمل في مركزها اسم الإمام علي بن أبي طالب. يُذكر أن الجامع بُني في موقع دير قديم يُسمى "بئر العظمة"، نظرًا لاحتوائه على عظام بعض الشهداء الأقباط.
كما شهد الجامع الأقمر عدة تجديدات، أبرزها في عام 799هـ (1397م) على يد الأمير الوزير يلبغا السالمي، الذي أضاف حوانيت وطباقًا فوق المدخل الشمالي، وجدد صحن الجامع بإضافة بركة مزودة بماء للوضوء، ونصب منبرًا جديدًا.
ويقع الجامع الأقمر في شارع المعز لدين الله الفاطمي، ويمكن العثور على موقعه عبر خرائط جوجل.