بقلم
إيهاب الشيمي
أحزاب النخبة، و مولد سيدي "ابو قبة"
12:00 ص - الجمعة 1 أغسطس 2014
بقلم : إيهاب الشيمي
قبل عيد الفطر بأيام، قررت أنا العبد لله أن أستوقف عشرة من الأشخاص البسطاء أثناء توجهي من منزلي إلى مقر عملي لأسألهم سؤالاً بسيطاً مقابل أن أمنحهم مكافأة مادية، أو دعني أقول "عيدية" إذا اقتربوا من الجواب الصحيح.
و لم يكن السؤال سوى أن طلبت منهم ذكر ما يعرفونه عن خمسة من الأسماء التي تتصدر قائمة النخب السياسية في مصر الآن، بل و يترأس العديد منها بعض الأحزاب الوليدة و القديمة، أو يرعاها فكرياً و إعلامياً مادياً.
و بما أنك عزيزي القارئ تطالع هذه السطور، فأنت بالتاكيد ممن يهمهم الشأن العام، و بالتالي فلا داعي لاختبار معلوماتك بذكر أسماءهم لك حتى لا تسخرمن كرمي الشديد لسهولة السؤال المبالغ فيها، أو من سذاجتي الشديدة كي أتخيل أن هناك من سيفشل في الحصول على مكافاة الإجابة الصحيحة ... و هذا تماماً ما أردت أن أثبت لك عكسه، فلا أنا حاتم الطائي، و لا السؤال سهلاً كما ستكتشف !
إجابات من استوقفتهم لا يمكن ادعاء خطأها، كما أنها في المقابل لا تعبر عما يدعيه هؤلاء من عظم دورهم السياسي و الثقافي، و تأثيرهم اللامحدود في تطور الحياة الحزبية في هذه المرحلة الحرجة من عمر الوطن.
لا أريد أن زيد من شغفكم لمعرفة الإجابات، فهي كما استخلصت من قصاصات الورق التي سجلتها بها، يمكن حصرها في كون الأول وزير خارجية مصر الذي غنى له شعبان عبد الرحيم نكاية في إسرائيل، و عدم معرفة معظمهم بالثاني إلا واحداً عبر لي عن شكه أن يكون الرجل قد شغل منصب الرئيس لجهاز سيادي ، و بينما عبر الجميع عن شوقهم أن يزوروا مقام الثالث بطنطا، و لم يجد الكثيرين صعوبة في الإجابة بأن الرابع كان مرشحاً رئاسياً سابقاً في انتخابات 2012، بينما أجمعوا على ادعاء كون الأخير قد كون ثروته من "ورا رغي المصريين في الموبايلات" !
أظنك عزيزي القارئ قد توصلت و بسهولة لقائمة أسماء من كانوا محور سؤالي، و لكني على يقين أنك ستجد صعوبة في تصديقي حين أقول أن إجاباتهم السطحية لم تفاجئني كما قد يتراءى لك ، فقناعتي دائماً أن هؤلاء، و إن كانوا يمثلون النخبة السياسية في مصر في مرحلة ما بعد ثورة الخامس و العشرين من يناير، لم يقدموا من سمات النخبة سوى ذلك الظهور الإعلامي المكثف كلما سنحت لهم الفرصة، و كلما حان موعد أحد الاستحقاقات، و ما اكثرها، في الأعوام الثلاثة الماضية، دون التعبير عن الأحزاب أو الكيانات التي يمثونها، أو الأيديولوجيات و التوجهات التي يعتنقونها.
و لن أكون متحاملاً في حكمي لأحصر مشكلة الحياة الحزبية، و تطور العملية الديمقراطية في مصر في أشخاص هؤلاء، لأن الأمر في حقيقته يتعداهم ليشمل الجميع .. فانفصال قادة الأحزاب عن الكوادر، و انفصال الكوادر عن القواعد الشعبية، و انعدام التواصل الفكري و الأيديولوجي بين الأجيال التي تنتمي لنفس الحزب، بل و دعني أقول و تعارض التوجهات و المواقف لقيادات بعينها في فترات زمنية مختلفة داخل نفس الحزب تبعاً للمصالح الانية و المكاسب الشخصية، كل ذلك أسهم في رسم صورة مشوشة و مشوهة للأحزاب و الجبهات السياسية في مصر.
و لن أبالغ حين اقول أن ارتباط المصريين بالأحزاب السياسية، هو تماماً كارتباطهم بالاحتفالات الدينية بمولد ولي من اولياء الله الصالحين، أو وفاة آخر .. فالمولد بكل مظاهره من زينة و احتفالات و سرادقات و سرد للأساطير الشعبية، لا يختلف كثيراً عن مؤتمرات الأحزاب التي يرافقها نفس المظاهر، و تسرد فيها نفس الأساطير عن دور رؤسائها الوهمي في قيادة سفينة الحركة الحزبية، و دفع عجلة الديمقراطية، و زيادة مشاركة القواعد الشعبية في عملية صنع القرار.
بل إن وجه التشابه يزيد عمقاً حين يتعلق الأمر بكون هذه الاحتفاليات الخطابية تملأ الدنيا صخباً يصل لحد الإزعاج، لتختفي فجأة طوال عام كامل أو اعوام عديدة، فلا يكاد يتبقى منها سوى بعض الزينات و الملصقات المهملة التي لم يلقي أحد لها بالاً على حوائط الأبنية المحيطة بساحة المولد، بينما انشغل الجميع في نسج تحالفات أو نقضها، لا لشئ إلا لتأكيد زعامته و أحقيته بقيادة الجميع، و إلا قام بهدم السرادق على من فيه، دون اعتبار لمن بداخلة من العامة الذين لجأوا إليه توهماً منهم أنه من سيخفف عنهم أعباء حياتهم، و يشحذ هممهم من جديد ليستكملوا مسيرة بناء الوطن.
إن الأحزاب المصرية و للأسف، لم تعد تهتم بطرح أفكار جديدة، و لا رؤى مستقبلية، و لا أساليب مبتكرة للتواصل مع المجتمع بكافة طوائفه، و لكنها و بالتأكيد تهتم بشئ واحد، و هو الاستحواذ على أكبر عدد من المقاعد داخل السرادق قبل حلول مولد سيدي "ابو قبة" و المعروف رسمياً بإسم "البرلمان المصري".
قبل عيد الفطر بأيام، قررت أنا العبد لله أن أستوقف عشرة من الأشخاص البسطاء أثناء توجهي من منزلي إلى مقر عملي لأسألهم سؤالاً بسيطاً مقابل أن أمنحهم مكافأة مادية، أو دعني أقول "عيدية" إذا اقتربوا من الجواب الصحيح.
و لم يكن السؤال سوى أن طلبت منهم ذكر ما يعرفونه عن خمسة من الأسماء التي تتصدر قائمة النخب السياسية في مصر الآن، بل و يترأس العديد منها بعض الأحزاب الوليدة و القديمة، أو يرعاها فكرياً و إعلامياً مادياً.
و بما أنك عزيزي القارئ تطالع هذه السطور، فأنت بالتاكيد ممن يهمهم الشأن العام، و بالتالي فلا داعي لاختبار معلوماتك بذكر أسماءهم لك حتى لا تسخرمن كرمي الشديد لسهولة السؤال المبالغ فيها، أو من سذاجتي الشديدة كي أتخيل أن هناك من سيفشل في الحصول على مكافاة الإجابة الصحيحة ... و هذا تماماً ما أردت أن أثبت لك عكسه، فلا أنا حاتم الطائي، و لا السؤال سهلاً كما ستكتشف !
إجابات من استوقفتهم لا يمكن ادعاء خطأها، كما أنها في المقابل لا تعبر عما يدعيه هؤلاء من عظم دورهم السياسي و الثقافي، و تأثيرهم اللامحدود في تطور الحياة الحزبية في هذه المرحلة الحرجة من عمر الوطن.
لا أريد أن زيد من شغفكم لمعرفة الإجابات، فهي كما استخلصت من قصاصات الورق التي سجلتها بها، يمكن حصرها في كون الأول وزير خارجية مصر الذي غنى له شعبان عبد الرحيم نكاية في إسرائيل، و عدم معرفة معظمهم بالثاني إلا واحداً عبر لي عن شكه أن يكون الرجل قد شغل منصب الرئيس لجهاز سيادي ، و بينما عبر الجميع عن شوقهم أن يزوروا مقام الثالث بطنطا، و لم يجد الكثيرين صعوبة في الإجابة بأن الرابع كان مرشحاً رئاسياً سابقاً في انتخابات 2012، بينما أجمعوا على ادعاء كون الأخير قد كون ثروته من "ورا رغي المصريين في الموبايلات" !
أظنك عزيزي القارئ قد توصلت و بسهولة لقائمة أسماء من كانوا محور سؤالي، و لكني على يقين أنك ستجد صعوبة في تصديقي حين أقول أن إجاباتهم السطحية لم تفاجئني كما قد يتراءى لك ، فقناعتي دائماً أن هؤلاء، و إن كانوا يمثلون النخبة السياسية في مصر في مرحلة ما بعد ثورة الخامس و العشرين من يناير، لم يقدموا من سمات النخبة سوى ذلك الظهور الإعلامي المكثف كلما سنحت لهم الفرصة، و كلما حان موعد أحد الاستحقاقات، و ما اكثرها، في الأعوام الثلاثة الماضية، دون التعبير عن الأحزاب أو الكيانات التي يمثونها، أو الأيديولوجيات و التوجهات التي يعتنقونها.
و لن أكون متحاملاً في حكمي لأحصر مشكلة الحياة الحزبية، و تطور العملية الديمقراطية في مصر في أشخاص هؤلاء، لأن الأمر في حقيقته يتعداهم ليشمل الجميع .. فانفصال قادة الأحزاب عن الكوادر، و انفصال الكوادر عن القواعد الشعبية، و انعدام التواصل الفكري و الأيديولوجي بين الأجيال التي تنتمي لنفس الحزب، بل و دعني أقول و تعارض التوجهات و المواقف لقيادات بعينها في فترات زمنية مختلفة داخل نفس الحزب تبعاً للمصالح الانية و المكاسب الشخصية، كل ذلك أسهم في رسم صورة مشوشة و مشوهة للأحزاب و الجبهات السياسية في مصر.
و لن أبالغ حين اقول أن ارتباط المصريين بالأحزاب السياسية، هو تماماً كارتباطهم بالاحتفالات الدينية بمولد ولي من اولياء الله الصالحين، أو وفاة آخر .. فالمولد بكل مظاهره من زينة و احتفالات و سرادقات و سرد للأساطير الشعبية، لا يختلف كثيراً عن مؤتمرات الأحزاب التي يرافقها نفس المظاهر، و تسرد فيها نفس الأساطير عن دور رؤسائها الوهمي في قيادة سفينة الحركة الحزبية، و دفع عجلة الديمقراطية، و زيادة مشاركة القواعد الشعبية في عملية صنع القرار.
بل إن وجه التشابه يزيد عمقاً حين يتعلق الأمر بكون هذه الاحتفاليات الخطابية تملأ الدنيا صخباً يصل لحد الإزعاج، لتختفي فجأة طوال عام كامل أو اعوام عديدة، فلا يكاد يتبقى منها سوى بعض الزينات و الملصقات المهملة التي لم يلقي أحد لها بالاً على حوائط الأبنية المحيطة بساحة المولد، بينما انشغل الجميع في نسج تحالفات أو نقضها، لا لشئ إلا لتأكيد زعامته و أحقيته بقيادة الجميع، و إلا قام بهدم السرادق على من فيه، دون اعتبار لمن بداخلة من العامة الذين لجأوا إليه توهماً منهم أنه من سيخفف عنهم أعباء حياتهم، و يشحذ هممهم من جديد ليستكملوا مسيرة بناء الوطن.
إن الأحزاب المصرية و للأسف، لم تعد تهتم بطرح أفكار جديدة، و لا رؤى مستقبلية، و لا أساليب مبتكرة للتواصل مع المجتمع بكافة طوائفه، و لكنها و بالتأكيد تهتم بشئ واحد، و هو الاستحواذ على أكبر عدد من المقاعد داخل السرادق قبل حلول مولد سيدي "ابو قبة" و المعروف رسمياً بإسم "البرلمان المصري".
تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز