70 سنة ثورة يوليو.. 70 عاما على فن الجمهورية الأولى: الثورة التى أنجبت زمن الفن الجميل
آلاء شوقى
منذ 70 عامًا، استيقظ الشعب المصري فى اليوم الـ23 من شهر يوليو عام 1952 على تحرك عسكرى، قاده عدد من ضباط الجيش المصري الأحرار ضد الحكم الملكى، ليعلن الجمهورية، وينهى عصورًا من الفساد الذي عانى منه الشعب، وفى تلك الفترة، لم يقف عالم الفن والفنانين بجميع أطيافهم مكتوفى الأيدى، بل أطلقوا العنان لإبداعهم منذ اللحظات الأولى للثورة، ليس لدعمها فحسب، بل استغلوا حرية الفن والإبداع لإبراز مواهبهم، التي كانت دفينة، فى ظل قيادة سياسية شجعت القوة الناعمة من فنانى السينما والمسرح، والأدباء، مرورًا بالشعراء والملحنين والمطربين، وصولًا إلى الإذاعة والتليفزيون.
أدركت ثورة يوليو 1952، تأثير الفن على وعى ومشاعر الشعب المصري، لذلك سعت لتدعيم هذا المجال من خلال الأعمال الفنية المتنوعة، ومن أبرزها السينما، حيث تميز الإنتاج السينمائى المصري بعد الثورة بالغزارة الشديدة، وجودة الإنتاج، ليسمى حتى يومنا هذا بـ«زمن الفن الجميل».
رئيس يعشق الفن
رغم الحماس الذي اجتاح أهل الفن عقب الثورة وأظهر إبداعهم إلى النور، فإن دفعة من القيادة السياسية –حينها- أشعلت هذا الحماس، حيث كان الرئيس الراحل «جمال عبدالناصر» يتمتع بحس فنى عالٍ، كما كان يُدرك أهمية عالم الفن والفنانين، باعتبار أن «مصر» ليست القوة الصلبة فحسب، بل القوة الناعمة -أيضًا- التي تكمن فى مثقفيها، وفنانيها، الذين يمكن أن يكونوا مؤثرين، دون إطلاق رصاصة واحدة، من وجهة نظره.
ومنذ عام 1954، بدأ تدشين (عيد العلم) لتكريم العلماء والفنانين والكتُاب والأدباء، بصورة جديدة، كما كان الرئيس «عبدالناصر» يحرص -دائمًا- على حضوره، والتحدث أمام الحضور فيه.
على جانب آخر، ذكر أغلب النقاد، وبعض مؤلفى السير الذاتية للفنانين، إلى جانب تصريحات فنانى الماضى أنفسهم، أنه ربطت بين الرئيس الراحل والفنانين والمثقفين المصريين والعرب علاقة طيبة منذ سنوات الثورة الأولى، بينما تعددت اللقاءات بينهم.
فعلى سبيل المثال، كانت أسرة الرئيس الراحل على علاقة وثيقة مع «أم كلثوم». وقد كان «عبدالناصر»، هو من قام بالصلح بين «أم كلثوم»، و«عبدالوهاب» لينتج عن ذلك تحفة غنائية اسمها (أنت عمرى)، ويتم إنتاج إبداعات أخرى بعدها، مثل: (أنت الحب، وأمل حياتى، وهذه ليلتى، وغدًا ألقاك)، وغيرها من الأغانى التراثية الجميلة.
ويشار -أيضًا- إلى أن الرئيس «عبدالناصر» كان ينظر إلى «عبدالحليم حافظ» نظرة الأب إلى الابن، وليس الفنان فحسب، لذلك كرّمه ومنحه أوسمة التقدير مرات عديدة. وعادة -عندما يتم ذكر طبيعة هذه العلاقة- فإنه يتم التنويه إلى موقف الرئيس الراحل مع «العندليب الأسمر» عندما أصيب الأخير بنزيف حاد فور انتهائه من أغنية (المسؤولية) من ألحان «كمال الطويل»، وكلمات «صلاح جاهين»، حيث قام «عبدالناصر» بزيارة مفاجئة له بمنزله ليطمئن عليه.
أما «فريد الأطرش» فكان «عبدالناصر» من أشد المعجبين بفنه، ويقال: إن تلك العلاقة وثقت فى عام 1955، عندما أنهى «الأطرش» تصوير فيلمه (عهد الهوى)، ومنعته ذبحة صدرية من حضور افتتاح الفيلم فى فبراير 1955، فأرسل «الأطرش» خطابًا للرئيس الراحل، وكتب: «لقد عودت جمهورى أن أحضر افتتاح أفلامى، وأريد من سيادتك الحضور نيابة عنى واستقبال جمهورى».
ثورة السينما
فجرت ثورة يوليو الإبداع فى عالم السينما، حيث بادرت بالسماح بعرض أفلام كانت ممنوعة من العرض فى الحقبة الملكية، كما أتاحت الفرصة للكتاب والمبدعين لرصد ما حدث فى تلك الثورة.
أما بعد الثورة، فبدأت السينما تنتج أفلامًا تتناول إنجازاتها، ومنها على سبيل المثال: موضوع الإصلاح الزراعي، مثل فيلم (الأرض الطيبة) من إخراج «محمود ذوالفقار» فى عام 1954، وفيلم (أرضنا الخضراء) من إخراج «أحمد ضياء الدين» فى عام 1956، و(صراع فى الوادى) للعبقرى الراحل «يوسف شاهين» فى عام 1954، وهى موضوعات لم تكن السينما تناقشها قبل الثورة.
وفى العام نفسه صدرت سلسلة أفلام (إسماعيل يس.. فى الجيش، فى الأسطول، البوليس الحربى، فى الطيران)، وكلها من إخراج «فطين عبدالوهاب»، والتي برزت فيها روح الكوميديا أثناء عرض بعض جوانب الحياة العسكرية المصرية فى إطار فكاهى مجتمعى.
ولعل كان ضمن أهم الخطوات التي أسفرت عنها الثورة، هى إنشاء «المؤسسة العامة للسينما المصرية» فى عام 1966، التي قدمت أهم 100 فيلم فى السينما المصرية. فقد أسهمت هذه المؤسسة بنصيب كبير ومهم فى تطوير العمل السينمائى، كما قدمت أفلامًا متميزة من جميع الجوانب حتى وقتنا هذا، مثل: (الزوجة الثانية)، (جفت الأمطار)، (شىء من الخوف)، (البوسطجى)، (قصر الشوق)، (أرض النفاق)، (قنديل أم هاشم)، (يوميات نائب فى الأرياف)، (السيد البلطى)، و(الأرض)، وغيرها الكثير.
أكاديمية أبرزت الفنون
لم تطور الثورة من عالم السينما فحسب، بل انتبهت وركزت على ضرورة الاهتمام بالفن والإبداع من بداية خطواته، وهو ما أسفر عن إنشاء أكاديمية الفنون عام 1959، وهى إحدى مؤسسات التعليم العالى المتخصصة فى تدريس الفنون التعبيرية، لتصبح ذات طبيعة متفردة فى الوطن العربى، فكان الهدف منها النهوض بمستوى الفن والاتجاه بالفنون اتجاهًا قوميًا، من أجل المحافظة على التراث العربى.
وكانت بداية الأكاديمية متمثلة فى معاهد (السينما، والموسيقى، والباليه)، ثم تطورت الأكاديمية واتسع مجال رسالتها، فأصبحت تضم -الآن- سبعة معاهد عليا لتخريج الفنانين فى تخصصات فنون الأداء التعبيرية.
على كل، استطاعت تلك المؤسسة التعليمية المتفردة الانطلاق بمصر من المحلية إلى العالمية، وتأهيل الكوادر الفنية المصرية فى كثير من المجالات، إذ بدأ التعاون مع بعض الدول الأجنبية لاستقبال أساتذة أجانب يتولون عملية تعليم الطلاب المصريين عبر دراسة أكاديمية متخصصة، كما تم إرسال هؤلاء الطلاب إلى بعثات للعديد من الدول الأوروبية لاستكمال الدراسة والتدريب فى تلك البلدان على يد كبار مخرجى العالم. هذه الدفعات الأولى من طلاب تلك المعاهد الفنية هم الذين صاروا فيما بعد من أهم فنانى مصر، فمثلاً من الدفعات الأولى لمعهد السينما تخرج المبدعون «عاطف الطيب، على بدرخان، داود عبدالسيد، خيرى بشارة، ونادر جلال».
ولا تزال هذه المؤسسة تنجب حتى الآن العديد من الفنانين على جميع المستويات.
المسرح..نقطة تحول
شهد المسرح المصري نهضة حقيقية خلال السنوات التي أعقبت قيام الثورة، إذ يطلق على الفترة من عام 1952 وحتى عام 1967 «العصر الذهبى للمسرح المصري»، حيث تأسست فى تلك الفترة العديد من الفرق المسرحية، بينما لمعت عشرات الأسماء لكتاب ومخرجين وممثلين تركوا بصماتهم فى تاريخ فن المسرح، ومنهم: «ألفريد فرج، صلاح عبدالصبور، يوسف إدريس، وعبدالرحمن الشرقاوى، ميخائيل رومان»، وغيرهم.
كان من بين مسرحيات تلك الفترة: (سقوط فرعون) لـ«ألفريد فرج»، وأعمال الكاتب الراحل «سعد الدين وهبة»، التي جسدت بعض جوانب الواقع المصري، وتأثيره على الفقراء والبسطاء، ومنها مسرحيات (السبنسة، كوبري الناموس، كفر البطيخ)؛ و«نعمان عاشور» الذي اتجه فى أعماله نحو النقد الاجتماعى للظواهر الاجتماعية السلبية فى قالب كوميدى ساخر، ومن أعماله: (الجيل الطالع، وعيلة الدوغرى)؛ والأعمال المسرحية للأديب الراحل «يوسف إدريس»، ومنها: (المخططين)، التي تناول فيها رؤيته للنظام السياسى، بينما تألق المسرح الشعرى على يد «صلاح عبدالصبور، وعبدالرحمن الشرقاوى، ونجيب سرور»، وغيرهم.
أما الكاتب الكبير «توفيق الحكيم» فيكاد يكون أفضل من عبّر عن ثورة يوليو فى كتاباته، فقدم الكثير من الأعمال التي دافعت عن الثورة، مثل: مسرحيتى (الصفقة، والأيدى الناعمة) فيما انتقدها فى مرحلة أخرى فى مسرحية (السلطان الحائر).
أما الفرق المسرحية، فقد كان هناك ثلاث فرق قبل الثورة، بينها اثنتان تحت إشراف الحكومة، وهما: «الفرقة المصرية للتمثيل»، التي كانت تقدم الهزليات، والميلودراما، والمسرحيات الشعرية، والفرقة الثانية «فرقة المسرح الحديث»، وكانت تسير على نفس النهج. وبعد الثورة تم ضم الفرقتين تحت اسم «المسرح المصري الحديث» تحت إدارة الفنان الراحل «يوسف وهبى» حتى عام 1956.
الأغنية الوطنية
تمتع الشعر والألحان والأغنيات الوفيرة فى الماضى بقدرة عالية على التأثير فى وجدان سامعيها، عبر ملامسة كلماتها وألحانها صميم المشاعر، فمن الصعب وصف الأغنية فى تلك الفترة بالتطور إذ كانت فى أبهى عصورها بالفعل، واستمرت على هذا الحال لسنوات.
ومع ذلك، يمكن القول بأن الأغنية فى تلك الفترة تحولت إلى طابع وطني حماسى، حيث كان الإنتاج المتنوع بين الشعر والأغانى الوطنية فور اندلاع الثورة، وصل إلى نحو 1300 أغنية وطنية، وارتبطت بأحداث كثيرة على الصعيدين المحلى والعربى.
ومن جانبهم، ساهم العديد من الفنانين والمطربين فى الثورة عبر أغانيهم، ومنهم الأشهر على الإطلاق «عبدالحليم حافظ» الذي لقب بـ(مطرب الثورة)، الذي قدم خلال مسيرته عشرات الأغنيات للاحتفال بالثورة، والرئيس «عبدالناصر»، والجيش المصري، بينما تضمنت أغانيه قيمًا ثورية، مثل: القومية العربية، والسد العالى، كما غنى لحرب 1967، التي عرفت باسم (النكسة)، مثل: (عدى النهار، وأحلف بسماها وبترابها).
كان الهدف من الغناء فى تلك الفترة فى تاريخ «مصر»، هو تعزيز الجانب المعنوى لثورة يوليو، والاستفادة من نجوم الساحة حينها، الذين ساهموا بأقلامهم، وآلات عزفهم، وأصواتهم الخلابة، مثل: «فريد الأطرش ،محمد عبدالوهاب، ومحمد فوزى»، وبالطبع (كوكب الشرق) التي استطاعت أن توحد قلوب ملايين العرب بصوتها، كما كانت رافدًا فنيًا أساسيًا للعروبة بشكل مباشر، إلى جانب كل من «ليلى مراد، وشادية، ونجاة الصغيرة»، وغيرهم الكثير.
وبالنسبة للموسيقى، فقد تأسست بعد الثورة فرق دار الأوبرا، مثل: أوركسترا القاهرة السيمفونى، وفرقة الموسيقى العربية، وغيرهها.
هنا القاهرة
كان لعالم الإذاعة والتليفزيون صورته الخاصة فى تطوره بعد ثورة 1952.. بالنسبة لإذاعة الراديو، فرغم أن البث الإذاعى المصري بدأ فى عشرينيات القرن الماضى، فإن تجليات هذا النوع من الفن ظهرت من خلال تأثير إذاعة «صوت العرب من القاهرة»، التي أنشئت فى 4 يوليو عام 1953، حيث كانت من أول وأشهر الإذاعات المصرية التي بثت لجميع أقطار العالم العربى باللغة العربية، لتستمع الشعوب إلى أعذب الأنغام من خلال إفصاح شعب «مصر» عما فى جوهره.
أما التليفزيون المصري، الذي كان -أيضًا- ضمن أهم إنجازات ثورة يوليو 1952، لينطلق البث الأول عام 1960، وتحديدًا يوم 21 يوليو 1960 فى الاحتفالات بالعام الثامن للثورة، بساعات بث بلغت خمس ساعات، ويصبح اسمه «التليفزيون العربى».
ويعد أحد أهم إنجازات ثورة يوليو مشروع «مسرح التليفزيون»، الذي ساهم فى خلق مناخ مسرحى غير مسبوق فى «مصر»، إلى جانب تقديمه معظم النجوم الكبار من ممثلين ومخرجين، ومنهم: «عبدالمنعم مدبولى، وعبدالمنعم إبراهيم، ومحمد رضا، ومحمد عوض، وزوزو ماضى، وفؤاد المهندس، ونور الدمرداش، وعبدالرحيم الزرقانى»، وغيرهم.
أول وزارة للثقافة وحرية الأدب
ومن الأمور التي تحسب لثورة 23 يوليو، وساهمت بشكل كبير فى ازدهار الفن -أيضًا- هو إنشاء وزارة معنية بالثقافة عام 1958، والتي تولاها «ثروت عكاشة» كأول وزير للثقافة والإرشاد القومى، ما أدى إلى نهضة ثقافية حقيقية سواء على المستوى الفكرى أو على مستوى البناء والارتقاء، فما كان للتطور الثقافى والفنى فى «مصر» أن ينهض بدون دعم من تلك الوزارة.
وقد شهدت هذه الفترة إرساء البنية التحتية للثقافة، وإنشاء كثير من الهيئات التي عملت على إثراء الحياة الثقافية والفنية إلى يومنا هذا، مثل: «المجلس الأعلى للثقافة»، وهو المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب آنذاك؛ و«الهيئة العامة للكتاب»؛ و«دار الكتب والوثائق القومية»، والتي كانت تحوى فى ذاك الوقت نحو نصف مليون مجلد من الكتب والمخطوطات القيمة، من أجل المحافظة على التراث المصري بداخله.
أما على المستوى الأدبى فكان لثورة يوليو تأثير إيجابى فى الثقافة خاصة على جيل الرواد، الذين تمتعوا بحرية الرأى والكتابة بعد 1952، مثل: «عبدالرحمن الشرقاوى، ونجيب محفوظ»، فالأول كتب (الأرض) قبل عام 1952، لكنها نشرت بعد قيام الثورة، ليواصل بعدها التعبير عن آرائه بكل حرية، حيث تحدث عن العدالة الاجتماعية فى (الفتى مهران)، وعن الإصلاح الزراعي فى (الفلاح)، أما «محفوظ» فتناول فكرة العدالة الاجتماعية فى (أولاد حارتنا) فى عام 1958.
ضباط اختاروا طريق الفن
عندما تمتزج القوة الصلبة مع القوة الناعمة، تخلق ما يعرف باسم القوة الذكية، والتي يمكن اعتبارها من بين أهم سمات فترة الخمسينيات والستينيات، سواء عن قصد، أو دون قصد.
فقد قرر عدد من الفنانين التخلى عن مهنتهم كضباط للانخراط فى عالم الفن، وهو ما لم تعارضه القيادة السياسية آنذاك، إذ اعتبرته مهمة وطنية من نوع آخر يُسهم فى ارتقاء فكر وذوق ووعى الشعب المصري فى فترة حساسة من تاريخها، ومن بين هؤلاء الضباط:
«أحمد مظهر»، الذي تخرج فى الكلية الحربية ضابطًا بسلاح المشاة فى عام 1938، وكان ضمن دفعته كل من: «جمال عبدالناصر، وأنور السادات، وعبدالحكيم عامر، وزكريا محيى الدين، والشافعى»، ونخبة من تنظيم «الضباط الأحرار»، الذين انضم إليهم عقب عودته من مشاركته مع الجيش المصري بحرب 1948، وبعدها انضم لسلاح الفرسان، وتدرج إلى أن تولى قيادة سلاح الفروسية.
ومع ذلك، تحول «مظهر» العميد إلى «مظهر» الممثل، ويُشاع أن هذا يعود لنصيحة الرئيس «عبدالناصر».. فبعد أن واجه الفنان صعوبة فى الحصول على إجازات من الجيش أثناء تصوير فيلم (رد قلبى)، ذهب إلى صديقه «جمال عبدالناصر» ليجد حلًا، فأقنعه الأخير بالتفرغ للتمثيل، قائلًا: «أنت تستطيع خدمة وطنك كفنان، كما يخدمها ضابط الجيش». وهنا قرر «مظهر» التقاعد برتبة عميد جيش.
جدير بالذكر، أن بداية «مظهر» الفنية جاءت من خلال ترشيح «زكى طليمات» أحد رواد المسرح، ليؤدى دورًا صغيرًا فى مسرحية (الوطن) عام 1948 قبل ذهابه للحرب. وبعد عودته، كان صديقه السابق بالجيش، المخرج «عز الدين إبراهيم»، يُحضر لفيلم (ظهور الإسلام) فى عام 1951 عن قصة «طه حسين»، وأسند إلى «مظهر» دورًا رئيسيًا فى الفيلم، وهو تجسيد «أبوجهل».
أما الأخوان «عزالدين، وصلاح ذوالفقار» فرغم اختلاف طبيعة عملهما كضباط، فإنهما سارا على درب الفن، فقد التحق «عزالدين ذوالفقار» بالكلية الحربية. وفى عام 1940 أصبح فى رتبة (يوزباشى) فى سلاح المدفعية، ثم ارتبط بثورة يوليو ورجالها، رغم أنه لم يكن من بينهم.
ومع مرور الأيام، التقى «ذوالفقار» بالمخرج «محمد عبدالواحد»، الذي استطاع أن يقنعه بالعمل معه كمساعد مخرج، فاستقال من الجيش عام 1945، وبدأ مسيرته السينمائية مساعدًا لـ«عبدالجواد»، وأخرج أول أفلامه (أسير الظلام) فى عام 1947، لتحطم أفلامه أسابيع طويلة من العرض، ومن بينها فيلم (رد قلبى) الذي استمر عرضه 6 أسابيع فى «القاهرة، والإسكندرية»، كما كان بين أهم أفلامه: (نهر الحب، موعد مع السعادة، الشموع السوداء، وبين الأطلال).
أما الأخ الأصغر «صلاح ذوالفقار» قد التحق بكلية (البوليس)، أو (الشرطة)، وتخرج فى نفس دفعة اللواء «أحمد رشدى، والنبوى إسماعيل، وزكى بدر»، وبعد تخرجه عمل مدرسًا بنفس الكلية.
وأثناء دراسته بالشرطة دخل «صلاح» السينما، بعدما رشحه أخوه «محمود» لدور ثانوى فى فيلم (حبابة) فى عام 1944، ثم اشترك مع الفنانة الراحلة «شادية» فى فيلم (عيون سهرانة) بعام 1956، ليستقيل من عمله بالشرطة فى عام 1957 ويتفرغ للفن. وكانت انطلاقته الحقيقية فى فيلم (رد قلبى).
وقد بلغ رصيد «صلاح ذوالفقار» الفنى قرابة 250 فيلمًا سينمائيًا، و70 مسلسلًا تليفزيونيًا، بالإضافة إلى بعض الأعمال المسرحية، كما شارك فى الإنتاج من خلال تأسيس شركة للإنتاج الفنى مع أخيه «عزالدين».
وبالنسبة للفنان «إيهاب نافع»، فقد تخرج فى الكلية الجوية فى عام 1955، وعمل كطيار مقاتل، وطيار خاص للرئيس الراحل «جمال عبدالناصر» لمدة 3 أعوام، إلى جانب كونه واحدًا من عملاء المخابرات المصرية. وكان رصيد «نافع» 14 فيلمًا قدمها طوال مسيرته الفنية.
أما «عبدالخالق صالح»، الذي تخرج فى كلية الشرطة، وعمل فى سلك البوليس، فبعد أن أنهى حياته العسكرية بدرجة لواء، بدأ حياته الفنية عام 1958، مع المخرج «عزالدين ذوالفقار»، وعمل فى المسرح العسكرى، ومع ثلاثى أضواء المسرح»، كما مثل فى بعض الأفلام المشتركة مع «إيطاليا».
نقلًا عن مجلة روزاليوسف