عصام عبد الجواد
الأم المثالية الحقيقية
حادث سقوط سيارة ميكروباص فى ترعة الإبراهيمية بمركز ديروط محافظة أسيوط وعلى متنها 14 راكبًا والتي غرقت فى الترعة الإبراهيمية بمن بداخلها من ركاب وقد حازت على اهتمام الملايين من المصريين فى الداخل والخارج وأصبحت حديث السوشيال ميديا بعد أن ساد الحزن على معظم المتابعين لما حدث من ملابسات إنسانية كثيرة كان لها الأثر الكبير فى نفوس المتابعين.
رغم أن الغرقى جميعهم لهم قصص وحكايات مؤلمة للغاية خاصة قصة الدكتورة دعاء البالغة من العمر 25 عاما والتي تعمل معيدة بجامعة أسيوط وكان ينتظرها مستقبل مشرق نظرا لتفوقها الكبير فى حياتها الدراسية والتي ينتظرها مستقبل شهد به كل من يعرفها من أساتذة الجامعة ومن زملاء الدراسة والأصدقاء والمقربين لها إلا أن الحقيقة تقول إن ما فعلته المهندسة شريهان عثمان فاق كل الخيال وكل تصور وهو ضد الطبيعة البشرية بعد أن ألقت بطفلتيها خارج الميكروباص من شباك السيارة فور شعورها بغرق السيارة لتضحى بنفسها وتنقذ طفلتيها فى مشهد إنسانى فطرى يجسد معنى الأمومة الحقيقية بفطرتها السليمة لتحطم مقولة إن جالك الطوفان حط ابنك تحت رجليك لكنها لم تفعل ذلك ولم تضع ابنتيها تحت قدميها لكى تنجو هى من الموت ولكن وضعتهما فوق رأسها وأنقذتهما من الموت المحقق وغرقت هى فى قاع الترعة مع من كان معها.
هذه الأم الضحية تمتلك قلب أسد وعقلًا جبارًا فهى لم تفكر لحظة واحدة فى حياتها بل كان كل تفكيرها فى ابنتيها وكيف تنقذهما من موت محقق لا محالة منه لكنها فى لحظات قليلة قد تكون جزءا من الثانية استطاعت أن تنقذ ابنتيها وتترك نفسها للجحيم وللغرق الذي لا مفر منه وهو الموت ولقت ربها راضية مرضية نطلب من الله عز وجل أن يجعلها فى جنة النعيم وأن يرزق طفلتيها وأهلها وزوجها الصبر والسلوان.
لكن مثل المهندسة شريهان هى التي تستحق الأم المثالية الحقيقية فهى لم تضح من أجلهما بعد فقد زوجها وتعلمهما مثلما يحدث فى الواقع بل هى ضحت بحياتها من أجل إنقاذهما من الموت فيجب على أجهزة الدولة أن تمنحها جائزة الدولة للأم المثالية حتى لو كانت الجائزة شرفية فى مارس القادم وأعتقد أن المجلس القومى للمرأة ووزارة الشؤون الاجتماعية سوف تقوم بذلك فى أقرب فرصة لكن يجب على كل مسؤول أن يقوم بدوره ليجعل من قصة شريهان أيقونة للأجيال الحالية ليعرف الجميع معنى التضحية الحقيقية ويجب أن يتم وضع تمثال لها فى محافظة أسيوط وفى مدينة ديروط على وجه الخصوص حتى تظل ذكراها عالقة لدى الجميع وحتى تصبح رمزًا لمعنى الأم الحقيقية الأم التي ضحت بشبابها وبمستقبلها من أجل أطفالها وعلى المجلس القومى لحقوق الطفل أن يتبنى الطفلتين ويضعهما تحت رعايته خاصة أنهما فى أشد الحاجة لعلاج نفسى.
مصر بلد عظيم يشهد لها القاصى والدانى بأن معدن أبنائها يختلف عن أى بلد آخر فقصة شريهان وتضحيتها من أجل أبنائها ستظل أيقونة داخل وخارج مصر يضرب لها المثل فى التضحية والفداء لذلك يجب ألا ننساها أبدًا أو ننسى كل من ضحى من أجل الغير.
حفظ الله مصر جيشًا وشعبًا وقيادة.