محسن عبدالستار
"الضاد".. لغة القرآن التي يتحدث بها نصف مليار إنسان
"أنا البحرُ في أحشائِهِ الدرُّ كَامِنٌ.. فَهَلْ سَاءلُوا الغَـوَّاصَ عَـنْ صَدَفَاتي".. هذا ما قاله الشاعر حافظ إبراهيم عن اللغة العربية، لغة القرآن الكريم ولغة الشعر والأدب والفقه.
سميت اللغة العربية "لغة الضاد" نظرًا لكونها اللغة الوحيدة التي تحتوي على حرف "الضاد"، بالإضافة إلى أن العرب هم أفصح من نطقوا هذا الحرف، فمن المعروف أن حرف "الضاد" يعتبر من أصعب الحروف نطقًا عند غير العرب، كما أن بعض المتكلمين بغير العربية يعجزون عن إيجاد صوت بديل له في لغاتهم، وهي أكثر اللغات شيوعًا، حيث يتحدث بها أكثر من نصف مليار إنسان.
اللغة العربية أقدم اللغات التي لا تزال تتمتع بخصائصها من ألفاظ وتراكيب وصرف ونحو وأدب وخيال، مع الاستطاعة في التعبير عن مدارك العلم المختلفة.
اللغة العربية ليست مجرد وسيلة للتواصل، فحسب، بل هي نافذة على تاريخ الأمة وثقافتها العريقة. ليست مجرد لغة وإنما هي إبداع وأصالة، هي الترسانة الثقافية التي تبني الأمة وتحمي كيانها.
وقد قرر العالم أن يخصص لها يومًا من كل عام حتى يحتفل فيه بها وبكل الآمال التي تسطرها منذ ولدت منذ دهور.
اليوم العالمي للغة العربية
اليوم العالمي للغة العربية هو مناسبة سنوية نحتفل بها في 18 ديسمبر من كل عام، لتعزيز استخدام اللغة العربية والاعتراف بمكانتها الثقافية والإرثية في العالم. ويعد اليوم العالمي للغة العربية فرصة لتسليط الضوء على أهمية اللغة العربية في التواصل العالمي، وفي الثقافة والفكر العربي.
اختير هذا اليوم دون سائر أيام العام؛ لأنه اليوم الذي اعترف فيه العالم بأكمله بأحقية اللغة العربية في أن تتوج كملكة بشكل رسمي، وقد أدركوا دورها في تقدم حضارتهم وأصالة ثقافتهم. ففي الثامن عشر من شهر ديسمبر عام 1973 قامت الأمم المتحدة ومنظمة اليونسكو العالمية بإقرار اللغة العربية من اللغات الرسمية التي يستخدمونها، ما جعل اللغة العربية لغة رسمية عالمية، ولم يكن هذا القرار سهلًا يسيرًا، وإنما كان محطة أخيرة في رحلة التعرف العالمي على اللغة العربية.
أهداف اليوم العالمي للغة العربية
في كل عام، يعمل اليوم العالمي للغة العربية على أخذ خطوات جادة وسريعة في أمور معينة تخص اللغة العربية والمتحدثون بها، بجانب الاهتمام بتسليط الضوء على موضوع جديد كل عام.
يهدف اليوم العالمي للغة العربية إلى تسليط الضوء إلى المشكلات التي تواجه اللغة العربية، ولفت انتباه الدول والمؤسسات إلى ما يمكن فعله لحل هذه المشكلات، ويعد اليوم العالمي للغة العربية مناسبة جيدة لتوجيه أنظار العالم إلى أهم ما يميز الثقافة العربية وتعريفهم بحال المتحدثين بها، ويساهم اليوم العالمي للغة العربية، كذلك في تعزيز العلاقات بين الدول العربية وتذكيرهم بعامل اللغة الذي يربط بينهم كإخوة وأبناء عمومة.
أهمية اللغة العربية
بما أن اللغة العربية من أقدم لغات العالم، فإنها شاهدة على العديد من عصور الازدهار. فهي اللغة الرسمية لكل الدول العربية، وأحد أهم الأسباب التي تجمعهم وتوحدهم، فنحن العرب تتشابه ثقافاتنا لتشابه لغتنا التي جعلت تجاربنا موحدة، فصار الصبر والكرم من صفات تعامل أحدنا مع الآخر.
قالوا عن اللغة العربية
قال الإمام ابن تيمية، رحمه الله، عن اللغة العربية: "معلوم أن تعلم العربية وتعليم العربية فرض على الكفاية". وقال كذلك: فإن اللسان العربي شعار الإسلام وأهله واللغات من أعظم شعائر الأمم التي بها يتميزون.
وقال عنها وليام ورك: "إن للعربية لينًا ومرونةً يمكنانها من التكيف وفقًا لمقتضيات العصر".
بينما قال إرنست رينان: "من أغرب ما وقع في تاريخ البشر، اللغة العربية".. فقد كانت غير معروفة فبدأت فجأة في غاية الكمال غنية كاملة فليس لها طفولة ولا شيخوخة، تلك اللغة التي فاقت أخواتها بكثرة مفرداتها ودقة معانيها وحسن نظام مبانيها.
وقد تحدث الشافعي- رحمه الله- عن لغتنا العربية فقال: "لا يعلم من إيضاح جمل عِلْمِ الكتاب أحدٌ، جَهِلَ سعة لسان العرب، وكثرة وجوهه، وجماع معانيه وتفوقها. ومن عَلِمَها، انتفت عنه الشُّبَه التي دخلت على جهل لسانها".
وقال عنها مصطفى صادق الرافعي: "إن اللغة مظهر من مظاهر التاريخ، والتاريخ صفة الأمة. كيفما قلّبت أمر اللغة- من حيث اتصالها بتاريخ الأمة واتصال الأمة بها- وجدتها الصفة الثابتة التي لا تزول إلا بزوال الجنسية وانسلاخ الأمة من تاريخها".
وقال عنها الدكتور طه حسين: "إن المثقفين العرب الذين لم يتقنوا لغتهم ليسوا ناقصي الثقافة فحسب، بل في رجولتهم نقص كبير ومهين أيضًا".
يجب علينا جميعًا الاحتفال بلغتنا العربية الغالية على قلوبنا، لغة الإسلام ولغة القرآن ولغة العبادات، فكل عام وجميع العرب وجميع المسلمين والناطقين باللغة العربية بألف خير وسلام.