ضمن مشروع حكاية شارع
ننشر تفاصيل حكاية شارع صفية زغلول ضمن مشروع "التنسيق الحضاري"
محمد خضير
تنشر "بوابة روز اليوسف"، تفاصيل شارع ضمن مشروع "حكاية شارع"، الذي أطلقه الجهاز القومي للتنسيق الحضاري، برئاسة المهندس محمد أبوسعدة، حيث أدرج الجهاز اسم صفية زغلول، في مشروع "حكاية شارع"، وذلك لتعريف المارة بقصة الشارع، حيث وضع لافتة تحمل اسمها وكل التفاصيل عنها.
يذكر أن صفية مصطفى فهمي، ولدت فى عام 1878م، وهى ابنة مصطفى فهمي باشا، الذي كان من أول الأشخاص الذين شغلوا منصب رئاسة وزراء مصر منذ أن وجد هذا المنصب.
وكانت صفية تتميز بثقافتها العالية وذكائها الكبير.
تزوجت صفية سعد زغلول 1919م، وحينما تزوجته لم يكن سوى قاضٍ مصري، ولكن عندما دخل المعترك السياسى ساعدته ووقفت بجانبه في الشدائد ولقبت بصفية زغلول نسبة إلى زوجها سعد زغلول، وكانت صفية زغلول مثالًا يقتدى به فى إخلاصها ووفائها لزوجها ووقوفها بجانبه فى جميع ظروفه التي مر بها، سواء فى السراء أو الضراء، وكان الزعيم سعد زغلول يحرص على أن تكون حرمه صفية على مستوى المسؤولية، وأن تكون إلى جواره فى زيارة أقرانه، وفى بعض جولاته التفتيشية، وعاشت صفية زغلول فى كنف زعيم يحرص على تحرير الشعب بفئاته المختلفة، برجاله ونسائه، مسلمين وأقباطا، واتضح ذلك فى ثورة 1919م، الثورة الشاملة التي شارك فيها كل طوائف الشعب.
كما تشكل الوفد المصري من الرجال عام 1918م، وفى عام 1919م تشكلت هيئة وفدية من النساء، تأييدًا للمطالب القومية، وكان لهذه الهيئة نفوذ أدبي ومجهودات كبيرة وشجاعة أكسبتها ثقة الشعب واحترام البلاد، وكذلك على المستوى الدولي.
وعندما ألقي القبض على سعد باشا، أرادت صفية النزول معه ومصاحبته فى المعتقل، إلا أن سعد هدأها وطلب منها البقاء، فبقيت بالغة التأثر قوية الجنان ثابتة الإرادة، وظلت صفية رابطة الجأش وعلى اتصال بالتحركات الثورية تشد من أزر المتظاهرين، وشاركت النساء فى الثورة، حتى وصلن إلى بيت سعد، وهتفن بحياة سعد باشا وبالتحية لزوجته صفية.
وشاركت صفية زغلول الخوض فى الكثير من المواجهات التي حصل مع الإنجليز بجانب سعد زغلول، وكان لها أثر كبير فى ظهور العديد من الشعارات والتنديدات، بالإضافة إلى قيام المصريين بتتويجها بأم المصريين، بعد رحيل سعد زغلول عن مصر، وبعد ذلك تم إصدار بيان قُرئ على عدد كبير من المتظاهرين، والذي ينص على: "إن كانت السلطة الإنجليزية الغاشمة قد اعتقلت سعداً ولسان سعد فإن قرينته شريكة حياته السيدة صفية زغلول تُشهد الله والوطن على أن تضع نفسها فى نفس المكان الذي وضع زوجها العظيم نفسه فيه من التضحية والجهاد من أجل الوطن، وأن السيدة صفية فى هذا الموقع تعتبر نفسها أماً لكل أولئك الأبناء الذين خرجوا يواجهون الرصاص من أجل الحرية".
وفى 13 ديسمبر 1919م اجتمع عدد كبير من نساء مصر يتباحثن، وعرف هذا الاجتماع باسم "اجتماع الكاتدرائية المرقسية"، وخرجن من هذا الاحتجاج بتقديم احتجاج شديد على ما يجرى لمصر من قبل سلطات الاحتلال البريطاني.
وفى 16 يناير 1920 قامت السيدات بمظاهرة فى القاهرة تأييدًا للوفد وقياداته، ومنادية بالاستقلال ومعادية للجنة "ملنر"، وفى 9 مارس 1920م فى ذكرى مرور عام على الثورة، اجتمعت السيدات فى منزل سعد زغلول، وألهبت السيدة صفية حماسة السيدات، وأكدن جيعًا المطالب القومية، ووقوفهن خلف قيادة سعد زغلول.
وقد أشاد بدور صفية زعلول صحفية أمريكية، تسمى "جريس تومسون"، وأصدرت كتابًا باسم "الزغلوليات"، ألقت فيه الأضواء على صفية زغلول والدور العظيم الذي قامت به بين الرجال والنساء أثناء نفى زوجها سعد زغلول من مصر، والدور الذي قامت به الحركة النسائية أثناء وجود سعد باشا فى البلاد، وأشادت الصحيفة بصفية زغلول، ووصفتها بأنها: "ذات شخصية قوية وذات كبرياء ووداعة".
كان سعد زغلول نفسه يؤيد قضية تحرير المرأة، وعندما أصدر "قاسم أمين" كتابه (تحرير المرأة)، دافع عنه الزعيم سعد زغلول، وعن القضية ذاتها، ولا شك أن صفية زغلول، كانت على رأس مؤيدي دعوة تحرير المرأة.
فقد أسهمت بشكل فعال فى تحرير المرأة المصرية إلى جانب هدى شعراوي، وفى ١٩٢١ خلعت الحجاب لحظة وصولها مع زوجها سعد زغلول إلى الإسكندرية، فكانت أول زوجة لزعيم سياسى عربى تظهر معه دون نقاب فى المحافل العامة، وخرجت على رأس مظاهرة نسائية فى ثورة ١٩١٩ من أجل المطالبة بالاستقلال.
وأعطت صفية الكثير من أجل القضية الوطنية، وحملت لواء الثورة عقب نفى زوجها الزعيم سعد زغلول إلى جزيرة سيشل، وأصدرت بيانًا قرأته سكرتيرتها على الحشد المجتمع أمام بيت الأمة، وبعد أن ألقت السكرتيرة هذا البيان على المتظاهرين هتف أحد قادة المظاهرة قائلاً: "تحيا أم المصريين"، ومن يومها اكتسبت السيدة صفية زغلول ذلك اللقب الوطني "أم المصريين".
جدير بالذكر، أن من الأسباب التي دعت إلى إطلاق لقب "أم المصريين" على صفية زغلول، أنها لم تستطع الإنجاب من زوجها سعد زغلول، ونظرًا لحب الشعب المصري لصفية زغلول ولزوجها، تمنوا لهما أن تكتمل حياتهما بالأطفال، وكتعبير عن الحب أطلقوا عليها لقب "أم المصريين"، وبعد رحيل سعد فى 23 أغسطس عام 1927، عاشت صفية عشرين عامًا لم تتخل فيها عن نشاطها الوطني لدرجة أن رئيس الوزراء وقتها "إسماعيل صدقي" وجه لها إنذارا بأن تتوقف عن العمل السياسي، إلا أنها لم تتوقف عن العمل الوطني وكأن شيئا لم يكن، ورحلت صفية زغلول فى ١٢ يناير ١٩٤٦، تاركة نموذجًا نسائيًا رفيعًا للمصريات.