جمال عبدالصمد
يتحدون الطقس من أجل الوطن و"لقمة العيش"
"العمل" هو الاجتهاد والسعي والمثابرة والصبر، من أجل تحقيق الهدف الذي تصبو إليه، لا تستطيع أن تستمر في أي عمل إلّا وأنت راضٍ عنه ومقتنع بما تفعله "حب ما تعمل حتى تعمل ما تحب".
وظائف كثيرة ومتنوعة منها ما يحتاج إلى جهد وقوة عضلية ومنها ما يعتمد على القدرة العقلية، وأخرى تختلف على حسب الإمكانيات والتقنية المستخدمة فيها.
اليوم سوف أتوقف أمام أصحاب المهن، التي تعمل خارج المكاتب وبدون مكيف وبعيدة عن الجو المنعش الذي يتمتع به من يعمل داخلها، وهذا لا يعني أنه موظف مدلل أو مرفه، كل الوظائف لها أهميتها ودورها في دوران عجلة الاقتصاد الوطني.
من أمثلة المهن الشاقة التي تعمل في الهواء الطلق "الشارع"، والتي تضطرها الظروف إلى النزول والعمل متحدين الأجواء الصعبة نجد رجل المرور، عامل النظافة، عمال الصرف الصحي، والباعة الجائلين، وغيرهم من المهن التي تستوجب التواجد بالشارع من أجل لقمة العيش.
وظائف كثيرة تتحدى الطقس السيئ طوال العام، حيث الأمطار الغزيرة وموجة الصقيع والرياح شتاء، وشدة الحرارة صيفا، وغيرها من مظاهر مناخية متغيرة.
تعتبر وظيفة رجل المرور وعامل النظافة مهمة وطنية يؤديها صاحبها بحب وضمير فهؤلاء العمال يؤدون عملهم بالإجازات الرسمية والأعياد وطوال شهر رمضان، فهم يعملون على مدار اليوم "صباحا ومساء".
عندما نسلط الضوء على مهام ودور رجل المرور، نجد أنه نموذج للتحدي وحب الوطن، رجل يعمل تحت ظروف مناخية صعبة على مدار العام دون كلل أو ملل، يؤدي وظيفته على أكمل وجه، متحملا لهيب الشمس وصقيع البرد القارس، يتدخل لحل مشكلة التكدس المروري، ويسهل حركة السيارات خاصة في الشوارع التي تصاب بالاختناق المروري، نظرا لعوامل كثيرة منها الطقس السيئ والأمطار الغزيرة التي تؤثر على خطوط الصرف الصحي.
أما عامل النظافة فيواجه خلال وظيفته العديد من التحديات الصعبة والشاقة، منها على سبيل المثال وليس الحصر، الروائح الكريهة المنبعثة من تراكم القمامة، وعمله الدائم تحت الظروف المناخية كافة، تجده في فصل الشتاء حاملا معداته يطوف الشوارع والميادين، لا يعبأ من الأمطار الغزيرة التي تهطل على جسده وكرات الثلج التي تتساقط عليه، بالإضافة إلى الصقيع ونسبة الرطوبة العالية التي تخترق جسده التي يتسم بها فصل الشتاء، خاصة بمحافظة الإسكندرية، التي تخنلف عن باقي المحافظات بقسوة الأمطار والطقس قارس البرودة، وهذا لا يختلف كثيرا في فصل الصيف بحرارته الشديدة وطقسه الجاف، والرياح المحملة بالأتربة.. ورغم تلك التحديات تجده يبتسم للمحيطين به دون أن تظهر عليه علامات التعب والإرهاق.
كل واحد منا له دور يقدمه من خلال وظيفته التي لا تقل أهمية عن باقي الوظائف الأخرى، الكل يعمل بضمير لإنجاز عمله على أكمل وجه، ويتحمل المصاعب وقسوة الظروف الطبيعية التي تحيط به من أجل لقمة العيش.. الكل يعمل في دائرة متكاملة الهدف منها النهوض ببلادنا اقتصاديا.
أخيرا وليس آخرا.. أتمنى أن تتغير نظرة المجتمع إلى عامل النظافة وأن ننظر له بعين الاهتمام والاحترام ونشيد به، كما أتمنى أن نحترم إشارات المرور، ونساعد رجل المرور ونلتزم بإرشاداته، التي تساعدنا في الوصول بسلام وأمان.
في النهاية أتمنى تطبيق مبادرة لدعم هؤلاء الرجال، الذين يعملون في الشوارع على مدار الساعة من خلال تقديم زجاجة مياه باردة في الصيف، أو وجبة أو مشروب ساخن في الشتاء، و تقديم وجبة الإفطار أو السحور في شهر رمضان المبارك، كنوع من الدعم المعنوي لهم، فهم يستحقون الثناء، والمعاملة الحسنة والكلمة الطيبة، والإشادة بدورهم المهم في المجتمع.
وعلينا أن ندرك أن هؤلاء الأبطال يتحدون الطقس من أجل الوطن و"لقمة العيش".