عاجل
الجمعة 23 أغسطس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
رمضان زمان
البنك الاهلي

خواطر قبل رمضان.. يكتبها عملاق الرواية العربية

مبنى ماسبيرو
مبنى ماسبيرو

المؤلف والروائي الشهير وعملاق الرواية العربية بهاء طاهر، كتب في مجلة روزاليوسف من 50 سنة، في زاوية للفن فقط تحت عنوان “نقد إذاعة وتليفزيون.. خواطر قبل رمضان"، قائلًا: الكتاب كل عام وأنتم بخير جميعًا يا أهل الإذاعة والتليفزيون ويا جمهور الصائمين الصابرين من مستمعين ومشاهدين، إنني أكتب كلمتي هذه قبل حلول شهر رمضان وقبل أن أعرف ما أعدته الإذاعة والتليفزيون للشهر الكريم، ولكن لدى بعض ملاحظات يمليها الفزع من تجارب رمضانية سابقة مع هذين الجهازين والأمل في أن يكونا قد تداركا بعضا منها هذه المرة.



بهاء طاهر

 

 

فأنا آمل مثلا أن يكون مفهوم الإذاعة والتليفزيون عن الترفيه في شهر الصوم قد تغير بعد كل ا وجه لهما من نقد في السنوات الماضية، وأخص بالذكر أولا تلك الفوازير التي صارت خلال أعوام قليلة طقسا له قداسة غريبة " رغم عدم ورود نص عليها في التراث" والتي تتلاطم بها موجات الإذاعة والتليفزيون جميعا في كل المحطات، وهى بالطبع يمكن أن تصبح تسلية مقبولة في حدود الاقتصاد والجودة، إما أن يعيش الناس شهرا بأكمله في لغز متواصل ومتشعب المصادر والاتجاه فهذا ما نتمنى أن يسأل أحد عن حكمته، وإذا كان الوقوف في وجه هذا الطقس الآن قد أصبح تجديفا غير مقبول في حق الإذاعة والتليفزيون فغاية المني الآن ألا تتنافس تلك الفوازير فيما بينها في ابتذال التقديم، وتفاهة المطلوب.

 

وبعد الفوازير تأتى المسلسلات وخاصة ما كان منها فكاهيا.. وقد ذكرتنا الإذاعة مؤخرا "وليتها ما فعلت" بمسلسلها الرمضاني الشهير" شنبو في المصيدة" حين قدمته في سهرة باعتباره من كلاسيكيات الإذاعة أو ذخرها النفيس، صكت أسماعنا مرة أخرى بعبارات "العملية في النملية  وشىء لا يسدكه عكل شيء لا يصدقه عقل" "وكل تلك العبارات التي زادت معنوياتنا انحطاطا في عز النكسة عام67، وأود أن أهمس الآن للإذاعة والتليفزيون باكتشاف مذهل وهو أن الضحك ليس مرادفا للابتذال وأن الرواج ليس دائما دليل النجاح، ولعل الدرس القريب الذي أرغم التليفزيون على إيقاف إحدى مسلسلاته الرمضانية لثورة الرأي العام على إسفافه أن يكون قد أثمر هذا العام. 

 

 

وثالثة الأثافي بعد المسلسلات والفوازير هي برامج المسابقات والتسالي في التليفزيون.

ومن عينة هذه البرامج، لكي يعلم من لا يعلم، أن من يمسك قطعة ثلج في يده مدة أطول من أخيه يكسب جنيهين، وأن من يكرر جدول الضرب بسرعة وهو يدخل طوقا في سلسلة يكسب بالعملة الصعبة، وأعتقد أن إيقاف هذه البرامج يجعل التليفزيون يكسب ثوابًا كبيرًا في رمضان إذ يحمى ذلك عملاته الصعبة والسهلة من التبذير السفيه ويرحم أعصاب مشاهديه من تفاهة منقطعة النظير.

 

أما عن "تسالي" الإذاعة فرجائي هنا موجه أساسا إلى الفنانين والأدباء الذين يسرف الميكروفون من استضافتهم في رمضان. فأنا أناشد ضميرهم الفني أن يرفضوا الإجابة على الأسئلة التافهة من قبيل" ما رأيك في المرأة في كلمتين فقط؟ أو ماذا تفعل لو سافرت للقمر؟" فالإجابات الطريفة "وغير الطريفة" على هذه الأسئلة ترسخ في الأذهان أن الأديب أو الفنان هو بهلوان كلمات وتزيف صورته "بل مهنته" لدى الجمهور.

مرة أخرى كل عام وأنتم ب خير، وليوفق الله الإذاعة والتليفزيون إلى تجنب أمثال هذه السقطات وإلى الاهتداء لكثير من الحسنات.

 

تحية إلى صوت فلسطين

 

كما سهرت الأحداث الدامية النضال الفلسطيني وحددت له مساره الصحيح بالقتال، كذلك تبلورت ونضجت إذاعة صوت فلسطين، صوت الثورة الفلسطينية وصارت بشير أمل في حالك الظلام بالجد الرجولي والرصين.

 

في أمسية سقوط تل الزعتر التي زلزلت نفوسنا كانت الإذاعة كلها وقفة خشوع جليل للشهداء مع عهد باستمرار المعركة حتى النصر أو الموت: الأخبار كانت تتحدث عن استمرار القتال في بقية الجبهات وفي داخل فلسطين المحتلة ذاتها.

 

التعليق السياسي كان يفضح المؤامرة الأخطبوطية على الثورة الفلسطينية والنضال العربي ويستنهض همة من لهم همة ليشتركوا في وقف الجريمة، مع تأكيد وإصرار بأنه لا مساومة ولا تراجع من جانب المقاتلين أنفسهم.

فلا ينجو، إلا من كان في قلب الحريق، كما قال المذيع في «كلمات من أجل فلسطين».

وكان هذا البرنامج الأخير يتهدج فيما مضى بحنين عاطفي إلى الوطن والأرض، أما الآن فقد غابت عنه العاطفة السهلة وصارت كلماته طلقات تحذير لمن يسمع.

وحين انتهى الإرسال في التاسعة والنصف مساء، لم أكن أقل حزنا على تل الزعتر، ولكنني صرت على يقين بأن راية الصمود لم تزل عالية ولن تسقط مهما طال الطريق..تحية، ليتبنى أملك ما هو أكثر منها.

صورة ضوئية مما نشرته روزاليوسف

 

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز