قال: إنهم لم يأخذوا من عيد الأوبت سوى موكبه..
ميسرة عبد الله: اعتمدنا على مقصورة حتشبسوت في اختيار الآلات.. وفضلنا الأغاني الأكثر شاعرية والقريبة من الجمهور
هبة جلال
بعد النجاح الباهر والمنقطع النظير في احتفالية نقل المومياوات، نجح المصريون وللمرة الثانية في لفت انتباه العالم إليهم بإعلانهم عن الاحتفالية الكبرى "نقل طريق الكباش"، وينتظر العالم بأكمله ألا تقل هذه الاحتفالية في إبهارها وتميُزها عن سابقتها.
وقد ربطت وسائل الإعلام المختلفة بين الاحتفالية وما يُسمي بـ"عيد الأوبت" عند القُدماء المصريين والمرتبط بمدينة الأقصر.
وفي هذا الإطار، تحدث الدكتور ميسرة عبد الله أستاذ التاريخ بجامعة القاهرة، كاشفا عن العديد من الحقائق والكواليس عن "عيد الأوبت" ومدى ارتباطه بهذه الاحتفالية، ومن جهته يقول أستاذ التاريخ بجامعة القاهرة إن "عيد الأوبت" يُعد من أكبر الأعياد الدينية في مصر على الإطلاق وكان يحتفى به منذ سنة 2000 قبل الميلاد حتى القرن الثاني الميلادي، لافتا إلى أنه كان احتفالا بعودة الفيضان لأرض مصر ولذلك فهو ليس ذو طابع ديني بقدر ما هو كرنفال شعبي يحتفي به كل المصريين خاصة سكان مدينة الأقصر التي تُعد المركز الأساسي لهذا العيد .
وأوضح ميسرة في تصريحاته لـ"بوابة روز اليوسف" أن القدماء المصريين عندما قاموا بتصوير هذا العيد على جدران المعابد حرصوا علي تصويره في أكثر من 6 مواضع ،وذلك لتصوير مراحله وطقوسه المختلفة،مؤكدا على أن الميزة من المناظر المسجلة على المعبدين أن العيد تم تصوير كافة تفاصيلة بالإضافة للأغاني التي كانت تغنى به.
كما أشار إلي أن احتفالية هذا اليوم توثيقا للاحتفاء بالإنتهاء من طريق الكباش وليس بـ"عيد الأوبت" على الإطلاق كما يعتقد الكثيرين ،فالسبب الأساسي للاحتفالية هو انتهاء أعمال طريق الكباش والذي يُعد أكبر مشروع أثري في تاريخ مصر فهو بدأ سنة 1949 وانتهي 2021 فاستغرف ما يقرب من 70 عاما من أعمال حفرية وبأيدي مصرية دون أي تدخل أجنبي .
وأستطرد قائلا: وتطلب منا أن نضع هذا المشروع على خريطة السياحة العالمية،فرأينا أن "عيد الأوبت" هو أكثر ملمح مميز له فموكب العيد كان يسير على هذا الطريق في فترات كثيرة من التاريخ المصري .
وأضاف : احتفالية اليوم ليس لها علاقة بعيد الأوبت فعيد الأوبت كان يحتفي به يوم 15 بابه من كل عام وبابه هو الشهر الثاني من الفيضان ويعادل في وقتنا الحالي 30 أغسطس فبالتالي نحن لا نحتفي بعيد الأوبت على الإطلاق ولكننا نحتفي بالإنتهاء من مشروع طريق الكباش فنحن لم نأخذ من مراسم الأحتفال بعيد الأوبت سوي الموكب فقط .
وقد وقع الاختيار على الدكتور ميسرة عبد الله، ليتخير وبدقة الترانيم والأناشيد التي سُتعزف في الاحتفالية الضخمة التي تشهدها مدينة الأقصر السياحية بجنوب مصر، الخميس، بافتتاح طريق الكباش الأثري، الذي يُعد أقدم طريقا أثريا في العالم.
ويلفت عبد الله إلي أنه تم تكليفه بإختيار الأناشيد والأغاني الخاصة بالاحتفالية،فقام بتجميعها من جدران المعابد المسجل عليها الأغاني المصرية القديمة الخاصة بهذا العيد وقام بتسليمها لكل من المايسترو نادر عباسي وأحمد الموجي وقاموا بوضع الأناشيد التي سنستمع إليها اليوم وهم 3 أناشيد مستخدم فيها نفس الكلمات التي كانت تُقال بأغاني الأحتفال بعيد الأوبت في مصر القديمة.
وبسؤاله حول معايير أختياراته للأناشيد والأغاني،أكد على أنه أكثر شيء أهتم به هو الدقة الشديدة في التوثيق للأغاني وألا تكون محل جدال أو نقاش أو شكوك في قراءاتها أو يكون نصها غير واضح أو مفقود حتى لا يحدث خلل في الأغاني.
كما أهتم كثيرا أن تكون أكثر شاعرية وقريبة من الجمهور وغير متعمقة لذلك فقد وقع الأختيار على فقرات من الأغاني وليست أغاني كاملة فالأنشودة الواحدة مكونة من 30 فقرة وتحتاج لأوبرا كاملة فاكتفينا بجزء منها أو اثنين فقط ،موضحا أن ترتيب إنشاد الأغاني في احتفالية اليوم مرتبة بنفس مراحل إنشادها في عيدالأوبت قديما.
وحول الالآت التي ستستخدم في احتفالية "طريق الكباش" ،قال أستاذ الأثار بجامعة القاهرة إنهم اعتمدوا في أختيار الالآت على المناظر المسجلة على صالة الـ14 عمود لأنها الأساس فطولها 70 مترا ومسجل على جدرانها الشرقي والغربي تفاصيل عيد الأوبت ،وتم الإعتماد أيضا على مقصورة الملكة حتشبسوت في معبد الكرنك لأنها صورت كل الالآت وأنواع الموسيقى التي كانت تعزف في هذا العيد .
وأردف: الموسيقي المصرية القديمة تعتمد على السلم الخماسي والسباعي وهو قريب جدا من الموسيقي العربية أو الشرقية لذلك فالالآت المُستخدمة في احتفالية اليوم ستكون الهارب ،العود،الناي،الطبل بأنواعه المختلفة،المزامير النحاسية،القيثارة التي سنعيش معهم حالة من الروعة مثلما كان يحدث في مصر القديمة .
ولاشك أن السعي وراء التفوق والنجاح يحتاج لبذل المزيد من الجهد والتغلب على كل الصعاب وهو ما حدث مع الدكتور ميسرة عبد الله أثناء فترة تحضيره لاحتفالية طريق الكباش المقرر عرضه اليوم .
وتحدث ميسرة عن الصعوبات التي واجهته قائلا : التحضيرات للاحتفالية لم تكن سهلة على الإطلاق فالغناء باللغة المصرية القديمة يحتاج لاحترافية في تقطيع الكلمات على الموسيقي وابدع في ذلك الموسيقار نادر العباسي وأحمد الموجي وأوركسترا الأتحاد الفيلمارهوني .
ويشير إلي أن الصعوبة الأساسية كانت في المطربين والكورال وكيفية غنائهم بلغة غريبة عليهم لذلك قاموا بعمل العديد من البروفات والتعديلات للأغاني خلال الأربعة أشهر الماضية وقد تم تعديل اللحن أكثر من مرة حتي يتوافق مع طابع الكلمات ومع مدة الاحتفالية .
وأختتم الدكتور ميسرة عبد الله حديثه لـ"بوابة روز اليوسف" بقوله إن احتفالية اليوم احتفالية ترويجية سياحية حضارية تضع مدينة الأقصر على خريطة السياحة العالمية وتجعلها ذات رونق خاص ،وهناك خطط لاحتفالات قريبة في عدد من المواقع والبازارات السياحية الكبرى في مصر.