عاجل
الجمعة 31 يناير 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي
الورش الصناعية.. معاناة يومية

الورش الصناعية.. معاناة يومية

يُعد اختيار المهنة والمكان المناسب لإقامة المشروع التجاري قرارًا مهمًا في حياة الفرد، حيث يتطلب تخطيطًا جيدًا وبحثًا دقيقًا، وهذا ما يُطبق ويُنفذ داخل المجتمعات والمدن الجديدة، من خلال تخطيط عمراني واضح على أعلى مستوى من التصميمات الهندسية والإنشائية، التي تقوم على توفير مناطق صناعية مجهزة بالبنية التحتية اللازمة، وتشجيع أصحاب الورش الصناعية على الانتقال إليها، كما يُمنع إنشاء أي أنشطة صناعية داخل المناطق السكنية. 



تتعدد المشاريع التجارية فمنها التي تعتمد إقامتها على وجود كتلة سكانية للمساهمة في عملية البيع والشراء مثل محلات الأغذية، ومحلات بيع المنتجات الاستهلاكية والضرورية في الحياة اليومية، وفي الجانب الآخر هناك محال أخرى تتطلب وتستلزم البعد عن التجمعات السكانية وذلك نظرًا لما يصدر عنها من أصوات صاخبة، مثل الورش الصناعية والحرف اليدوية، خاصة التي تعتمد على الماكينات، واستخدام النار والحرارة والكهرباء ذات الضغط العالي ، ومن المهن الصناعية التي لا يتناسب تواجدها بين السكان، على سبيل المثال لا الحصر "استورجي، الدوكو، الميكانيكي، ورش النجارة، الحداد، الخراطة، المنجد وغيرها من المهن المضرة بالبيئة وصحة المواطنين". 

رغم أن الورش الصناعية تُشكل عنصرًا حيويًا في تعزيز الاقتصاد بالإضافة إلى أنها تُعد مصدرا أساسيا لدخل أسرة الصنايعي وصاحب الورشة، فإنها قد تتحول إلى مصدر إزعاج كبير للسكان المحيطين بالورشة، خاصة عندما تقع في قلب الكتلة السكنية، فصوت الآلات، والغبار، والاهتزازات، والروائح الكريهة الناجمة عنها، يُعد مشكلة معقدة تتطلب حلولاً متكاملة، نظرًا لما يُسفر عنها العديد من  المعوقات والتحديات المختلفة. 

تعتبر مشكلة انتشار الورش الصناعية في المناطق السكنية من أبرز التحديات التي تواجه العديد من المدن، حيث تسبب هذه الورش إزعاجًا كبيرًا للسكان وتؤثر سلبًا على البيئة والصحة العامة، من خلال العديد من العوامل المؤثرة، منها: التلوث الضوضائي الذي يُعد المشكلة الأكثر شيوعًا والأكثر إزعاجًا للسكان، فصوت الآلات الثقيلة، والمطرقة، والمقصات، وغيرها من الأدوات المستخدمة في الورش، يخلق بيئة صاخبة تؤدي إلى الأرق، وارتفاع ضغط الدم، وتوتر الأعصاب، وصعوبة التركيز، بالإضافة إلى التلوث الهوائي الناتج عن الغازات الضارة والجسيمات الدقيقة التي تلوث الهواء وتؤثر سلبًا على صحة الجهاز التنفسي، وتزيد من خطر الإصابة بأمراض حساسية الصدر  والرئة والقلب، فضلا عن أن وجود تلك الورش أسفل المنازل يساهم في تشويه المظهر العام للمنطقة، ويقلل من القيمة الجمالية للحي والمحافظة بأكملها. 

ختامًا.. نحن لسنا ضد أصحاب الورش الصناعية، كما أننا لا نروج لفكرة غلق أبواب الرزق، لأننا نعي تماما أن العمل ليس مجرد وسيلة لكسب الرزق، بل هو جزء أساسي من هوية الفرد ويساهم في تحقيق السعادة والرضا عن الحياة. ولذلك هدفنا هو توعية أصحاب المهن الصناعية باختيار المكان المناسب الحرفة الخاصة بهم، بحيث لا يتأذي أحد سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، وعليه قبل الشروع أو الإقدام على إقامة مشروعه الصناعي الجديد أن يفكر فى السلبيات قبل الإيجابيات، حتى لا يفاجأ بالمشاكل والتحديات التي تعيق استكمال مسيرته المهنية والعملية، علمًا بأن احترام الجار والحرص على عدم إزعاجه هو واجب ديني وأخلاقي واجتماعي له آثار إيجابية على الفرد والمجتمع . 

أخيرًا، على كل صاحب حرفة يدوية أو صاحب ورشة أن يسعى في نقل مقر عمله إلى الأماكن المخصصة والمجهزة لذلك، وفي حالة صعوبة الأمر فعليه الاجتهاد وتحديث إمكانيات ورشته، من خلال الاستعانة بالوسائل التكنولوجية الحديثة داخل الورشة، للمساهمة في تقليل الأضرار الناتجة عن الاستعانة بالأدوات البدائية والآلات القديمة، حيث إن مواكبة التطور لها العديد من أوجه الإفادة ومنها: "سرعة الإنجاز، الحفاظ على  البيئة وصحة الإنسان، زيادة الإنتاج، رفع جودة المنتج".

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز