طارق مرسي
فوضى التكريمات فى المهرجانات
من العادات المتوارثة فى معظم المهرجانات الفنية التي تقام بمصر غلق الصفحة بمجرد انتهاء الفعاليات من دون تدارك الأخطاء التي تحدث فيها وفتح صفحة جديدة وتجاهل السلبيات، والنتيجة هى وقوعها فى أخطاء أكبر وأفدح، حتى تحولت إلى قاعدة.
مهرجان القاهرة السينمائى الدولى، الذي على مشارف دورته 43،على سبيل المثال، وهو تظاهرة تحمل الشارة الدولية وله سمعة كبيرة عربيا وعالميا، يقع فى هذه المصيدة رغم تاريخه الكبير، وعندما تولت إدارة شابة بفكر جديد تنبأ الشارع السينمائى بإصلاح أخطاء الماضى البعيد والقريب، لكن ما يحدث على أرض الواقع غير ذلك، والمفارقة أن هذه الإدارة تتجاهل اقتراحات النقاد والسينمائيين بغرابة وتتعمد الفوضى رغم أن إدارته تضم أسماء تتمتع بالرؤية والفكر، فمنذ الدورة الأولى لولاية «محمد حفظى» طالب الجميع بتكريم رموزه من بينهم الأب الشرعى للمهرجانات فى مصر كمال الملاخ والفنان الكبير سمير صبرى الذي كرمه «حفظى» واعتبرنا هذا التقليد بداية لتوسيع الرؤية وتجاوز الأخطاء وتكريم من يستحق من الأسماء التي لم تسهم فقط فى تاريخ السينما المصرية بل لها بصمات لخروج المهرجان للنور، فى مقدمتهم الفنانة نجوى فؤاد ولبنى عبد العزير التي تمثل نجمات كلاسيكيات السينما، وهى تستحق التكريم بشكل لائق، وفى الإطار نفسه أسماء لها تاريخ سينمائى كبير مثل الفنانتين الكبيرتين ميرفت أمين ونجلاء فتحى، والثنائى تمثلان جيلا كاملا له بصماته وإنجازاته، وتمتد هذه السلالة لتشمل نبيلة عبيد ونادية الجندى، ولهما فى المهرجان نفس الحق ومعهما الفنان الكبير حسين فهمى الذي ترك بصمة فارقة فى تاريخ المهرجان نفسه، إلى جانب ضرورة استشارة فنان بحجم سمير صبرى بالنظر إلى رصيده السينمائى كنجم ومنتج لأفلام مهمة، فضلا عن أنه صاحب بصمة فى تقديم دورات كثيرة كواجهه إعلامية منفردا من دون بديل وباقتدار على مدار سنوات كثيرة.
هذه الأسماء تستحق أن تطلق الدورات بأسمائهم الكبيرة كتقليد ثابت فى هذا المهرجان الكبير مع الاحتفاظ بحق المهرجان بتكريم أسماء أبناء الجيل الحالى بالمسميات الجديدة فى التكريم وهى امتداد لجيل العمالقة ولعل أبرزهم تكريم الفنان كريم عبد العزيز فى دورة هذا العام ومن قبله الفنانة منى زكى، لكن رئيس المهرجان لا يسمع ولا يرى ولا يتكلم.
فى نفس الإطار مهرجان كبير بحجم مهرجان الموسيقى العربية وصاحب رسالة لا أعرف لماذا تتجاهل إدارته ورئيسه د.مجدى صابر اتباع نفس التقليد بإطلاق دوراته على عمالقة الموسيقى والغناء ليس فى مصر بل الشرق الأوسط، فأسماء مثل محمد عبد الوهاب ورياض السنباطى ومحمد الموجى وبليغ حمدى وكمال الطويل مرورا بجمال سلامة وحلمى بكر وفى قائمة المطربين أم كلثوم وعبدالحليم حافظ ومحمد فوزى وفريد الأطرش ونجاة وشادية ووردة، فكل هؤلاء يستحقون أن تُطلق أسماؤهم على دورات المهرجان على أن يتمسك القائمون بأن يقدم كل مطرب مشارك مصري أو عربى عددا من أعمال صاحب الدورة بجانب ما يراه مناسبا من أعمال باقى العمالقة والتي ما زال مفعولها مستمرا وتأثيرها باقيًا.
وإذا كانت هناك أسماء مستحقة فى السينما مثل لبنى عبد العزيز وميرفت أمين ونجلاء فتحى وحسين فهمى فإن فى الشارع الغنائى أسماء كبيرة الآن من حقها التكريم أمثال مدحت صالح وعلى الحجار ومحمد الحلو وأحمد إبراهيم، وإذا كان الأخير كان له الحق الحصرى ومنفردا فى إعادة تقديم كتالوج الموسيقار محمد عبد الوهاب بصوته بموافقة موسيقار الأجيال نفسه من خلال شركته صوت الفن، فإن مدحت وعلى والحلو والحجار هم أفضل من يقدم تراث العمالقة بأمانة وصدق للأجيال الجديدة كمرجعيات غنائية.
فمن ليس له تاريخ أو ماضٍ ليس له حاضر أو مستقبل، والحاضر الذي نملكه الآن جميل وربما لا يتكرر لعلهم يتفكرون.